يأتي(الزياني) أو لا يأتي ليس مهماً، والمبادرة الخليجية ليس ثمن التوقيع عليها كل هؤلاء الشهداء وهذه التضحيات التي تدين النظام باعتباره إرهابياً بامتياز يحرج المجتمع الدولي ويضعه أمام ضميره الإنساني وجهاً لوجه مهما حار ودار ونافق النظام وكافأه بالصمت على جرائمه، ومهما غض الطرف عنه الأشقاء في الخليج، فالفضاعة ترتقي إلى مرتبة جرائم إنسانية وأكثر، وتفضح التواطؤ والتستر على هذا النظام، باعتبار أن هذا القتل بإسراف شديد والحصار المتعدد الأوجه والتشريد والتدمير، كل ذلك لا يمكن إنكاره ويدين دعاة الإنسانية والحريةـ يبرزهم منظمات إنسانية ودولاً أقرب إلى النفاق، فما يمارس ضد أبناء الشعب اليمني لا يقل بشاعة عما هو في سوريا إن لم يفقه ويتفوق عليه وعلى نظام ليبيا الطريد.. وإذاً ليس بمقدور أحد أن يداري الجريمة وإن اتسعت دائرة الصمت، وليس بمقدور دول الخليج أشقائنا أن يجعلوا من مبادرتهم غطاءً للجرائم البشعة التي يرتكبها النظام، بما تمنحه هذه المبادرة من ضمانات للنظام بعدم ملاحقته عن أي من جرائمه، مما زاده عتواً ونفوراً، فتحت هذا البند يقوم اليوم بإراقة الدماء، وليس أمام الأشقاء اليوم في الخليج وفي المقدمة المملكة العربية السعودية إلا أن يتخلوا عن هذه المبادرة التي نسفها وغدر بها النظام ،بما ارتكبه من جرائم قتل ظناً منه أن المبادرة قد ضمنت له عدم ملاحقته.
وفق هذا المنظور بقاء المبادرة (خليجية) تواطؤ ضد شعب وغطاء لجرائم، فالمبادرة اليوم غيرها بالأمس، اليوم هي تعطي النظام فسحة من الوقت لمزيد من الدمار، وتعطيه فسحة للتآمر، وحضور(الزياني) تحديداً هذا الوقت متزامناً مع جرائم النظام، لا يُفسر هنا في اليمن إلا انه إنقاذ لنظام يترنح وأوشك على النهاية.. الزياني وفق هذا المنظور يمس الألم الذي يعيشه الوطن ويخلق حالة من الشعور بعدم الاطمئنان للإخوة في الخليج الذين يصمتون حد الهشة عما يرتكبه النظام في حق أبناء الشعب، حتى إذا ما برز القتل والدمار كهوية للنظام وشارف على الانتهاء،رأينا مساعي الأشقاء تتعزز وكأنهم ينتظرون دماً مسفوحاً لتفعيل مبادرتهم إنقاذاً للجريمة من أن تكون دليل إدانة حتمية والتي اشتغل عليها النظام كغطاء لمزيد من الدمار والإرهاب، ولعل حضور الوسيط (الزياني) أمس لا يخرج عن هذا التأويل الذي نجده في ساحات التغيير وله تداعياته المستقبلية، إذا ما استمر على هذا المنوال، في الوقت الذي كان يتطلع الشعب من أقصاه إلى أقصاه إلى موقف من الإخوة في الخليج ينحاز إلى قيم الانتماء الجميل ،إلى الحق، كانت الجماهير تتوق إلى موقف خليجي يدين ويستنكر جرائم النظام لتكتسب مصداقيتها حتى في الوساطة، غير أن الجماهير لم تجد سوى الخذلان والصمت من قبل إخوة لنا من المعيب في حقهم أن لا يشعروا بعمق جراحات وطن.
قد نتغافل عن تواطؤ المجتمع الدولي وتعاطفه مع النظام لما قدمه له من مكاسب كبيرة وعلى وجه الخصوص للولايات المتحدة الأميركية، ولكن لا نجد مبرراً وحداً بسيطاً لأشقائنا في الخليج كي يصمتوا ويتعاطفوا مع الجريمة ،ويتخلوا عن شعب لصالح فرد ،مهما كان هذا الفرد معبراً عن رغباتهم، فإن ما يحكم الدول تاريخياً هو مواقفها وقت الشدة ووقت الحاجة، ونحن لا نريد لإخوتنا أن يكونوا خارج سياق التاريخي ،وأن لا يبقوا في ذات الدعم لنظام انتهى تماماً وان لا يكون الزياني خطوة ترقيع لجرائم صالح كما يفسرها المواطن اليمني في ساحات التغيير.
وسواء وقف الإخوة مع الشعب أم لا فإن الثورة سائرة لن تتراجع ومنتصرة لا محالة والضمير الإنساني يرقب ويتابع ولن يصمت إلى ما لانهاية، لأنه غير مستعد أن يسقط في الاختبار اليمني معرى ومكشوفاً وأن الحرية لديه مجرد معنى سياسي لمصالح محددة، فذلك مرفوض على الأقل من المجتمع ذاته الأوروبي الذي سيدفع زعمائه ومنظماته الحقوقية باتجاه احترام الحقوق والحريات في الوطن اليمني..الأولى إذاً للإخوة في خليجنا أن يكونوا أكثر إنسانية وإخوة ومصداقية في الوقوف إلى جانب الحق معبراً عنه في ساحات التغيير قبل ولات حين مناص.
محمد اللوزي
يأتي(الزياني) أو لا يأتي.. 2137