كل مواطن في هذا البلد وفي أي مكان له شهادة ميلاد أمر طبيعي، لكن ما ليس طبيعياً أن كل تاريخ ميلاد يذكر صاحبه بحرب أو بأزمة حكومة أو بانقلاب أو بصراعات على السلطة.
كثيرة جداً هي المآسي والأزمات، لانهاية لها في بلد نسينا لسنوات طويلة أنه وطن ونحن مواطنوه.
كان الوطن عشقاً ممنوعاً محبوساً في صدورنا لا نستطيع البوح به وليس لنا الحق برسم ملامحه ومنعنا حتى من مجرد الحلم بوطن مختلف
انتزعوا منا حق الشعور بالانتماء وأجبرونا على القبول ببطاقة جنسية مجروحة لوطن مشوه، مكتوب عليها يمني الجنسية ونحن نحاول أن نجد بين أوراقنا القديمة ما يوحي أن لنا عرقاً من جنسية أخرى علنا نشعر بشيء من الاحترام لأنفسنا.
لم تكن فقط غلطة أفراد أوصلهم الحظ إلى مواقع التسلط على رقاب العباد ولكنها أيضاً خطيئة شعوب شربت من كؤوس الذل والاستكانة والقبول بالأمر الواقع كيفما كان خوفاً من الموت ..فماتت وهي تدعي الحياة وأي حياةٍ بدون كرامة ؟!!.
وطني حكاية حزينة كتبها أناس أميون لا يجيدون لغة الرسم على صفحات وطنٍ رائع كان يحتاج لقلوب تراه بعيون عاشقة كي تستطيع أن تجعل منه جنة على الأرض ينعم الجميع في ظلالها الوارفة.
الآن والآن فقط صحونا , رحل الخوف من قلوبنا فعادت نبضاتها للحياة من جديد تهتف بصوت عالٍ أن لا حياة مع الذل.. والآن فقط تذوقنا لذة الموت في سبيل الوطن لان الوطن هو أصل الحياة.
فمتى يفهم أولئك القابعون خلف الأسوار العالية، المحتمون ببروج مزيفة من الغرور والغباء بأن صلاحيتهم انتهت وشرعيتهم انتهت وحياتهم بيننا أيضاً انتهت.
كان بإمكانهم الرحيل بقليل من الكرامة ولو مزيفة، لكنهم يأبون إلا الرحيل من أوسخ أبواب التاريخ وهو ما يليق بهم فعلاً...
يأتي صالح أو يذهب لم يعد يعنينا أمره في شيء سوى أن الأقدار قد تكون أعادته ليلقى جزاء ما اقترفت يداه، لكن عليه أن يدرك الآن أن هناك أشياء، كثيرة لم تعد بيده ولا تحت سيطرته، لم يعد يملك في هذا البلد سوى بعض الأسلحة يرسل بها لمن كُتب له أن يموت شهيداً طاهراً ليحمل هو وزره ويبوء بإثمه..
فهل تراه قد استوعب بعد كل هذا الموت والدمار أن رياح التغيير ماضية إلى حيث أراد لها مقدر الأقدار؟!.
جواهر الظاهري
لليمنيين حكاية مختلفة 1866