تعز إحدى المدن اليمنية الجميلة الهامة التي تتوسط اليمن ولها تاريخ نضالي عريق وحافل بكل المكرومات .بل إن التأريخ يعيد صناعة نفسه من تعز التي ظلت مدداً متفاوتة عاصمة للدول المتعاقبة ومنها الدولة الرسولية والأيوبية وتخرج منها العلماء والأدباء والشعراء والأطباء والمهندسون والقادة العسكريون والمبدعون في الفنون المختلفة..
وتتميز تعز بتضاريسها الجميلة الرائعة الخلابة، كما أن الملوك والرؤساء استوطنوها وأقاموا قصور عروشهم فيها .ومن هؤلاء الإمام احمد بن حميد الدين إمام اليمن وملكها الذي استوطن مدينة تعز وبنى قصره في صالة ومن بعده الإمام احمد هذا قبل ثورة 26/ستمبر/1962م، أما بعد الثورة فقد بُنيَ القصر الجمهوري وكان الرؤساء يقيمون فيه مثل الارياني والحمدي ومَنْ بعدهما ونحن الآن لسنا بصدد سرد المعالم التأريخية فقد سبقني الكثير من المبدعين والمؤرخين الذين أعطوا لتعز حقها في مؤلفاتهم الحافلة بكل المعالم التاريخية. ومن أراد الاطلاع فليعد إلى تلك الكتب التاريخية .
لكن الذي يهمنا ذكره وتُدمَى له القلوب ويزيد في الكروب ويجعل السامع والمشاهد يشعر انه مغلوب من نظام أصبح يمشي بالمقلوب ولـّـد قناعة لدى الجميع بأنه غير مرغوب.
وذلك بسبب تلك الدماء البريئة الطاهرة التي تراق في ساحة الحرية وبالشوارع والأزقة والحارات ومن أبناء جميع مديريات تعز بما فيهم الأطفال والنساء. فهل ما يقوم به الأمن والحرس العائلي من قتل وإبادة لأبناء تعز وثوارها لأنها كانت الأساس في ترقية صالح من قائد لواء إلى رئيس جمهورية فالذي نعرفه ويعرفه الجميع أن المعروف يثمر معروفاً والإحسان يثمر إحساناً واحتراماً وتكريماً لا عداءً وقتلاً وتنكيلا. قال تعالى: (وهل جزاء الإحسان إلا الاحسان ) ومن يشاهد تعز هذه الأيام يقف حائراً قلقاً مهموماً متألماً. فلا تخلو حارة ولا أسرة ولا بيت إلا وسقط منها شهيد أو جريح، حتى وصل الأمر إلى استخدام السلطة للأسلحة المختلفة كالمدرعات والدبابات والمدافع والاربي جي والطيران ضد المعتصمين الثوار ناهيك أن مستشفى الثورة العام بتعز وقلعة القاهرة وسونترال زيد الموشكي ومعسكر صالة والأمن السياسي وجبل جره قد أصبحت كل ذلك ثكنات عسكرية للدبابات والمدافع وغيرها من الأسلحة المختلفة التي تقصف الثوار في ساحة التغيير وفي المسيرات وفي معظم الأحياء السكنية ولا تمر ليلة دون قيام أولئك بإطلاق النار وترويع الآمنين من الأطفال والنساء والشيوخ الذين يعيشون بقلق دائم خائفين على أنفسهم وأسرهم وممتلكاتهم فيظلون طوال الليل مذعورين فإلى متى سيستمر هذا الحال من الخراب والدمار والقتل والتنكيل ضد مدينة تعز الحالمة وشبابها الأحرار؟، فالكثير والكثير يتساءل هل آن للحرس والأمن العائلي أن يرفعوا أيديهم عن تعز؟ ويتركوها وشأنها أو ينضموا للثورة الشبابية الشعبية السلمية .وذلك ما يأمله أبناء تعز ويتوقعون حدوثه. وإذا كانت الثورة الشبابية قد انطلقت من تعز في فبراير2011م، فان الملايين من أبناء تعز والمحافظات اليمنية سيظلون في الساحات حتى يرحل بقايا النظام العائلي وتحاكم كل الأيدي الآثمة الملطخة بالدماء من بقايا النظام السابق بمعنى أن مكونات ساحات التغيير والحرية ستخرج منصورة، لاسيما وان شبابها هم من أتباع الشهيد عبده محمد المخلافي والمناضل احمد محمد نعمان عضو المجلس الجمهوري السابق والشيخ محمد علي عثمان والشيخ محمود عبدالحميد وعبدالرقيب عبدالوهاب والكاتب الصحفي عبدالحبيب سالم وغيرهم ممن لم يسعني المقام لذكرهم ولا ينسى ثوار تعز الدور الريادي والدعم المادي والمعنوي والبطولي الذي قدم لهم من القبائل والمشائخ ورجال الأعمال وغيرهم الذين أعادوا لتعز هيبتها وردوا لها اعتبارها وكرامتها بعد ارتكاب النظام محرقة الحقد الأسود واستطاع المشائخ والقبائل بقيادة الشيخ/ حمود سعيد المخلافي استعادة ساحة الحرية.
وجعلوا كل شوارع تعز ساحات للحرية والتغيير وسيحافظ الشباب في تعز وفي اليمن اجمع على سلمية ثورتهم مهما استمرت استفزازات بقايا النظام لاسيما بعد أن ظهر للشعب اليمني وللأشقاء في مجلس التعاون الخليجي وللمجتمع الدولي تمسك الرئيس صالح بالسلطة رافضاً التوقيع على المبادرة الخليجية المعدة بناء على رغبته وكان السيد جمال بن عمر مبعوث الامين العام للأمم المتحدة قد ظل أياماً عديدة في صنعاء بغرض إقناع صالح بالتوقيع على المبادرة لكن مساعيه باءت بالفشل، الأمر الذي جعل بن عمر يرفع تقريره إلى الأمم المتحدة، موضحاً فيه رفض الرئيس اليمني التوقيع على المبادرة وعرقلته لتنفيذ الاتفاقات بشأن آليات تنفيذها وهنا سيتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً حاسماً بتنفيذ المبادرة الخليجية، إضافة إلى تدابير أخرى تجبر صالح وعائلته على التنحي الفوري عن السلطة وذلك ما يأمله اليمنيون . anomanlawyer1@gmail.com