لقد بين لنا الدين الإسلامي الحنيف منزلة العلماء وأنهم ورثة الأنبياء. وان الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا هذا العلم فمن أخذه أخذه بحض وافر. وقد شهد الله لهم من علياء سمائه حيث بدأ بنفسه وثنى بملائكته وثلث بأهل العلم. قال تعالى ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) وفي الوقت الذي كان الشعب اليمني والعالم اجمع يتوقع قيام مسمى جمعية العلماء بإصدار فتوى بعدم جواز بقاء صالح على كرسي الحكم حقناً لدماء اليمنيين وإيقافاً لنزيف الدم الذي يسيل يومياً بفعل الأمن والحرس العائلي التابع لصالح. وبعدم جواز قتل المتظاهرين والمعتصمين السلميين وبعدم ترويع الآمنين وبحرمة قتل الأطفال والنساء والصغار والكبار. وبحرمة تهديم المنازل فوق ساكنيها في تعز ونهم وأرحب وصنعاء وغيرها. وبحرمة الفساد وأكل المال العام. فقد تمخض الجبل وولد فأراً. وفوجئ العالم اجمع بصدور فتوى فاسدة مظلة تحرم الخروج على ولي الأمر(صالح) قولا أو فعلاً. وهي تعني بقائه في السلطة إلى مالا نهاية وتوريثها لأولاده من بعده. فمن هؤلاء يا ترى؟ أيستحقون اسم العلماء؟ وهل هم علماء دين أم علماء سلطة؟، فالحقيقة تؤكد أن هؤلاء علماء سلطة وفتنة. لأن العالم لا يماري في دينه ولا يجامل ولا يكذب ولا يخاف في الله لومة لائم. لأن رسول الإسلام يقول في حديث ما معناه ( أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر) وأي ظلم وجور اكبر مِن مَن يقتل شعباً بأسره منذو ثمانية أشهر. نظام لا يحترم طفلاً ولا امرأةً ولا شيخاً عاجزاً ولا يفرق بين صغير أو كبير. لاسيما بعد أن استخدم جميع أوراقه التي كان يراهن عليها لتبقيه على كرسي الحكم. فباءت جميعها بالفشل الذريع له ولأسرته. وبان كذبه على الأشقاء والأصدقاء والشعب فلجأ أخيراً إلى الطلاسم والشعوذة التي اسماها بالفتوى. حيث جمع علمائه وطلب منهم فتوى تبقيه في السلطة ولو كان ثمنها مكلفاً وقيمتها باهظةً. فلبى له علماؤه الطلب وأصدروا له فتوى تبيح له قتل كل ثائر أو ثائرة يخرج عليه وكل من يطالب برحيله ولم يتعظ من مصير زملائه الرؤساء العرب المخلوعين.
فما بال علماء صالح يحرمون الحلال. ويحلون الحرام. ويفتون ببقاء الناس بالظلام. ويحرمون الخروج على السلطان بالفعل أو بالكلام ويحلون للحاكم قتل شعبه إذا خرج عليه وأراد إسقاط النظام. فأتقو الله يا علماء الدفع المسبق ففتواكم لم ولن تتحقق. لانها مخالفة للشرائع السماوية والسنة النبوية. وللفطرة الانسانية. وللضمائر الحية. وللقلوب الرحيمة. لقد حرمتم بفتواكم الحلال وبعتم دينكم بعرض من الدنيا قليل وأصبح ينطبق عليكم قول الشاعر: نرقع دنيانا بتمزيق ديناً |فلا ديننا يبقى ولا ما نرقعُ
هل تعلمون أن اليمن قد ضاقت على ساكنيها بما رحبت لطول مدة رئاسة (صالح) التي تصل إلى ثلاثة وثلاثين سنة تخللها ظلم وقهر واستبداد وفساد وتوريث للحكم ونهب للمال العام؟ وهل تعلمون انه رفع شعار أحكمكم أو أقتلكم؟ كما هو حاصل هذه الأيام تجاه الثوار اليمنيين في الساحات والميادين؟، أليس حري بكم أن تصدروا فتوى بسرعة تنحي صالح عن الحكم استجابة لطلب شعبه ولطلب الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي؟ ماذا جرى بكم حتى تحرمون الخروج على ولي الأمر؟ وهل ولي الأمر هذا ممن يجوز الخروج أم لا؟، اُلم تعلموا أن فتواكم مخالفة لدستور اليمن وللقوانين النافذة التي تسمح بالمظاهرات والاعتصامات وتشجعها؟، الم تعلموا أن فتواكم تخالف القرآن الكريم الذي أجاز الخروج على الحاكم الظالم المستبد قولاً وفعلاً؟ الم تقرؤوا قوله تعالى ( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ ) وقوله تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) وهناك حكمة تقول ( الفائز هو الذي يضحك بالنهاية)، فإذا كان لكم علمٌ يا علماء السلطة ولم تعملوا به فان الله سيعذبكم بعلمكم هذا قبل أن يعذب عبّاد الأوثان قال الشاعر: وعالم بعلمه لم يعملُ معذب من قبل عباد الوثن، فكان على علماء صالح أن يقفوا مع الحق وليس مع القوة لأن القوة ليست هي الحق. لكنهم وقفوا مع القوة التي يملكها صالح وهي الأمن والحرس العائلي. ونسوا أن قوة الشعب مستمدة من قوة الله وهي أقوى من قوة السلطان والتاريخ شاهد على أن الشعوب الثائرة انتصرت على الرؤساء والملوك وليس العكس. والمضحك المبكي أن علماء السلطة لم يكتفوا بإصدار فتواهم الظالمة التي قَيّمها بعض المحللين بأنها فعل فاضحٌ وإنما ما زال بعضهم يتنقل بين القنوات الفضائية قناة اليمن وقناة سبأ. للدفاع عن أفعالهم الفاضحة التي ضمنوها فتواهم المخزية. ولا حولة ولا قوة إلا بالله العظيم. الم يتعض علماء صالح والسعيد من اتعظ بغيره مما حصل لمفتي ألقذافي الذي كان يعبد الدينار ويستلم ثمن الفتوى التي كان يلقيها بالقنوات الرسمية الليبية؟، لقد قبض عليه الثوار وأخرجوه من مخبأه بملابس النوم وحملوه ذليلاً حقيراً مهاناً إلى العدالة ولا نملك إلا أن نقول لهم أخيراً توبوا إلى ربكم فباب التوبة مفتوح ولكن بشرط الإقلاع والندم على فعل المعصية والعزم على عدم العودة واعتذروا لشعبكم فإن فعلتم فلعل الله يقبل توبتكم والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
anomanlawyer1@gmail.com