;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

الاستقامة طريق الولاية 2807

2011-10-16 03:51:56


نأخذ في هذه المقالة بياناً سريعاً بأن الاستقامة على منهج الله هي طريق الولاية، ففي الاستقامة نأخذ قول الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُون"..
يقول سيد قطب في ظلال القرآن: وقوله : «رَبُّنَا اللَّهُ».. ليست كلمة تقال، بل إنها ليست مجرد عقيدة في الضمير.. إنما هي منهج كامل للحياة، يشمل كل نشاط فيها وكل اتجاه، وكل حركة وكل خالجة ويقيم ميزاناً للتفكير والشعور، وللناس والأشياء، وللأعمال والأحداث، وللروابط والوشائج في كل هذا الوجود.
"رَبُّنَا اللَّهُ" فله العبادة، وإليه الاتجاه.. ومنه الخشية وعليه الاعتماد.
"رَبُّنَا اللَّهُ" فلا حساب لأحد ولا لشيء سواه، ولا خوف ولا تطلع لمن عداه.

"رَبُّنَا اللَّهُ" فكل نشاط وكل تفكير وكل تقدير متجه إليه، منظور فيه إلى رضاه.

"رَبُّنَا اللَّهُ" فلا احتكام إلا إليه، ولا سلطان إلا لشريعته، ولا اهتداء إلا بهداه.

"رَبُّنَا اللَّهُ" فكل من في الوجود وكل ما في الوجود مرتبط بنا ونحن نلتقي به في صلتنا باللّه.

"رَبُّنَا اللَّهُ".. منهج كامل على هذا النحو، لا كلمة تلفظها الشفاه، ولا عقيدة سلبية بعيدة عن واقعيات الحياة.

"ثُمَّ اسْتَقامُوا" .. وهذه أخرى. فالاستقامة والاطراد والثبات على هذا المنهج درجة بعد اتخاذ المنهج :استقامة النفس وطمأنينة القلب. استقامة المشاعر والخوالج، فلا تتأرجح ولا تضطرب ولا تشك ولا ترتاب بفعل الجواذب والدوافع والمؤثرات. وهي عنيفة ومتنوعة وكثيرة. واستقامة العمل والسلوك على المنهج المختار.
وفي الطريق مزالق وأشواك ومعوقات وفيه هواتف بالانحراف من هنا ومن هناك! «رَبُّنَا اللَّهُ» .. منهج .. والاستقامة عليه درجة بعد معرفته واختياره. والذين يقسم اللّه لهم المعرفة والاستقامة هم الصفوة المختارة. وهؤلاء «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» .. وفيم الخوف وفيم الحزن .. والمنهج واصل.
والاستقامة عليه ضمان الوصول؟
"أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ":
وتوضح كلمة «يَعْمَلُونَ» معنى «رَبُّنَا اللَّهُ»، ومعنى الاستقامة على هذا المنهج في الحياة.. فهي تشير إلى أن هناك عملاً كان الخلود في الجنة جزاءه.. عملاً منبعثاً من ذلك المنهج : «رَبُّنَا اللَّهُ» ومن الاستقامة عليه والاطراد والثبات.
ومن ثم ندرك أن الكلمات الاعتقادية في هذا الدين ليست مجرد ألفاظ تقال باللسان، فشهادة أن لا إله إلا اللّه ليست عبارة ولكنها منهج.. فإذا ظلت مجرد عبارة فليست هي «ركن» الإسلام المطلوب المعدود في أركان الإسلام! ومن ثم ندرك القيمة الحقيقية لمثل هذه الشهادة التي ينطق بها اليوم ملايين ولكنها لا تتعدى شفاههم، ولا يترتب عليها أثر في حياتهم.. وهم يحيون على منهج جاهلي شبه وثني، بينما شفاههم تنطق بمثل هذه العبارة.
شفاههم الجوفاء! إن «لا إله إلا الله» .. أو «رَبُّنَا اللَّهُ» .. منهج حياة .. هذا ما ينبغي أن يستقر في الضمائر والأخلاد، كيما تبحث عن المنهج الكامل الذي تشير إليه مثل هذه العبارة وتتحراه ..
وعن الولاية نأخذ قول الله تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ. لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ. ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"..

وكيف يخاف أولياء اللّه أو يحزنون واللّه معهم هكذا في كل شأن وفي كل عمل وفي كل حركة أو سكون؟
وهم أولياء اللّه، المؤمنون به الأتقياء المراقبون له في السر والعلن :
"الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ"
كيف يخافون وكيف يحزنون، وهم على اتصال باللّه لأنهم أولياؤه؟ وعلام يحزنون ومم يخافون، والبشرى لهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة؟ إنه الوعد الحق الذي لا يتبدل - لا تبديل لكلمات اللّه - :
"ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"
إن أولياء اللّه الذين يتحدث عنهم السياق هم المؤمنون حق الإيمان المتقون حق التقوى.. والإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.. والعمل هو تنفيذ ما أمر اللّه به واجتناب ما نهى اللّه عنه.. هكذا يجب أن نفهم معنى الولاية للّه. لا كما يفهمه العوام، من أنهم المهبولون المخبولون الذين يدعونهم بالأولياء! وفي ظل هذه الرعاية والحماية لأولياء اللّه يخاطب النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وهو أولى الأولياء، بما يطمئنه تجاه المكذبين والمفترين، وكانوا في ذلك الوقت هم أصحاب القوة والجاه :
"وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ. إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً. هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"..
ويفرد اللّه بالعزة هنا، ولا يضيفها إلى الرسول والمؤمنين - كما في الموضع الآخر - لأن السياق سياق حماية اللّه لأوليائه.. فيفرده بالعزة جميعا - وهي أصلا للّه وحده، والرسول والمؤمنون يستمدونها منه - ليجرد منها الناس جميعاً، ومشركو قريش العتاة داخلون في الناس.. أما الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - فهو في الحماية الإلهية التي أضفاها على أوليائه، فلا يحزن لما يقولون.. واللّه معه وهو السميع العليم، الذي يسمع قولهم ويعلم كيدهم ويحمي أولياءه مما يقال ومما يكاد.
لماذا تقتلون:
بالأمس السبت تعرضت المسيرة السلمية لإطلاق الرصاص الحي قتلت مجموعة من المتظاهرين، السؤال موجه للقتلة ولمن يأمر، قتلمتموهم لتمنعوهم من المرور من شارع الزبيري، فهل هذا مبرر كافي لقتلهم وإزهاق أرواحهم.. حسبنا الله ونعم الوكيل عليكم جميعا وعلى من يسكت على هذه الجرائم البشعة.
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: "يجيء الرجل آخذاً بيد الرجل، فيقول: يا رب، هذا قتلني.. فيقول الله له: لِمِ قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك.. فيقول: فإنها لي.. ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل، فيقول: إن هذا قتلني.. فيقول الله له: لِمَ قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان.. فيقول: إنها ليست لفلان، فيبوء بإثمه".. وليت شعري ماذا يدرسونهم في الحرس الجمهوري أو غيره ممن يقدمون على قتل النفس المحرمة. والله تعالى يقول: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء.. والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الحديث الصحيح أيضاً: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً".

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد