نبأ عظيم وخبر مفرح لكل ذي قلب سليم، ارتاح له كل كريم وبه تداوى كل سقيم ولهوله وعظمه ارتعدت فرائص كل ظالم لئيم، فهو خبر لا كالأخبار، حيث لم يعد سرا من الأسرار بل ذاع صيته في العالم أجمع لأن من قام به الثوار في ليبيا الأحرار ضد الطاغية القذافي ومن معه من الأشرار، إنها لحظة تاريخية لطالما انتظرتها الشعوب العربية بلهف وشوق وطول صبر وانتظار، لتكون درساً رائعاً للقذافي وكتائبه أولاً وعضة وعبرة للنظامين اليمني والسوري اللذين خربا البلدين وأفسدا.
لقد رفع ثوار ليبيا أيديهم إلى السماء في شهر رمضان قائلين (ربنا إنك أنزلت القران الكريم في ليلة مباركة من شهر رمضان وفي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ونصرت المسلمين برمضان في بدر وفتح مكة والقادسية وعين جالوت و3 أكتوبر فامنن علينا بنصرك المعجل فاستجاب لهم ربهم بنصر مؤزر ) فقد قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم دعوتان لا ترد ( دعوة الصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم) فليرفع اليمنيون والسوريون أيديهم إلى السماء ولن تعاد صفراً خائبتين وليثقوا بأن الله سيلبي لهم مطالبهم لأنه هو رب رمضان وشوال وذي القعدة ورب كل شيء وهو على كل شيء قدير.
وجاءت ساعة الحسم وفوجئ العالم بسقوط العاصمة طرابلس في أيدي الثوار وقبضوا على المرتزقة والفجار وسلَّمت الكتائب السلاح للثوار وارتفع علم الأحرار.
ماذا حدث أهذا حلم أم حقيقة؟ يقول كل سامع .. نعم لقد حدث كل ذلك النصر في أول أيام العشر الأواخر ودخل الثوار أحياء طرابلس وباب العزيزية الذي وجه القذافي خطابه الشهير منه إلى مرتزقته بقتال الثوار (زنجه زنجه دار دار بيت بيت فرد فرد ) وها هم اليوم يبحثون عنه في مخبئه (زنجه زنجه دار دار ) في آخر معاقله في سرت وبني وليد، فالأمر لم يقف عند ذلك فحسب بل فاجأ الجيش الليبي العالم لاسيما كتيبة حماية القذافي و حرسه الخاص وكتيبة حماية طرابلس عندما قاموا بالاستسلام وإلقاء السلاح وتسليمه إلى الثوار دون مقاومة كبيرة وذلك ما حقن دماء الثوار والجيش في طرابلس على حد سواء، إنه درس في الوطنية والأخلاق الرفيعة السامية ليتعض به من تبقى من القادة العسكريين والجنود في نظامي صالح والأسد إننا نربأ بهم ونتعشم فيهم الخير وحب الوطن وإعلان انضمامهم إلى الثورة وبذلك ستتحقق ساعة الحسم لنفرح جميعاً كما فرح الليبيون والمصريون والتونسيون، ذلك لأن الشعوب لن تقهر وإنما يقهر الطغاة والظلمة وتتهاوى عروش القتلة والفاسدين، فأين من أسمى نفسه ملك ملوك أفريقيا وعميد الزعماء العرب؟ لقد ولى وهرب فلا تنخدعوا ما هي إلا ساعات وأيام، سيكون مصير النظامين قد اقترب، فابتلاء الشعوب العربية بأنظمتها الفاسدة مرتبط بالتمكين، فلقد جرت سنة الله تعالى في الكون أن لايمكّن للأمم والشعوب إلا بعد أن تمر بمراحل الاختبار المختلفة وإلا بعد أن ينصهر معدنها في بوتقة الأحداث فيميز الله الخبيث من الطيب فلتكونوا أيها الضباط والأفراد من الطيب لا الخبيث وحماة للشعوب لا للطغاة والأفراد والأسر، فالنصر عبر التاريخ للشعوب وهي سنة جارية على الأمة العربية والإسلامية عبر تاريخها الطويل لا تتخلف فقد شاء الله تعالى أن يبتلي الشعوب ويختبرهم بهذه الأنظمة المستبدة ليُمحّص إيمانهم ثم يكون لهم التمكين في الأرض وذلك ما هو جاري ولذلك جاء هذا المعنى على لسان الأمام الشافعي حين سأله رجل أيهما أفضل للمرء أن يمكن أو يبتلى؟ فقال: لا يمكن حتى يبتلى، فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكن لهم وها هو تمكين الله للثوار وللشعوب العربية يوما بعد آخر وعداً من الله والله لا يخلف الميعاد.
anomanlawyer1@gmail.com