من الضرورة بمكان أن يكون حدث مقتل ملك ملوك أفريقيا العقيد معمر القذافي له آثاره وتداعياته في الدول العربية، سيما التي تشهد انتفاضة شعبية ضد حكامها المستبدين، وستكون هذه التداعيات إيجابية على الشعوب الثائرة التي تنافح من أجل طي صفحات وعقود من حكم طغاة سلبوا ونهبوا كل شيء من شعوبهم حتى البسمة، وحين خرجت الشعوب تقول كفى عليكم الرحيل، دعونا نختار مصيرنا ونحدد هوية مستقبلنا، خرج الحاكم المستبد يهدد ويتوعد بالويل والثبور ويشهر في وجه شعبه الحديد والنار ليبقى في كرسيه حاكماً حتى على الجرذان، ولم يدرك الحاكم العربي أن العنف والقتل واستخدام سياسة الأرض المحروقة ضد الشعوب لم تعد تجدي نفعاً وما حدث في ليبيا خير شاهد على هذا.. كم قتل القذافي؟ كم عذب؟ كم سجن؟ كم دمر؟ كم شرد؟ كم جرح؟ كم كان لديه من القوة والمال والعتاد والسلاح والمرتزقة والمستفيدين والحرس والمعاونين والأبناء؟.. جميعهم لم ينفعوه بشيء وإن كان قد حدث شيء من النفع فقد يكمن في إبقاءه أياماً معدودة في كرسي الحكم، ولكنهم جميعاً قطعاً عجزوا أن ينصروه على شعبه أو يحولوا بينه وبين إرادة الشعب الذي قرر عزله..
ومن منطلق أن إرادة الشعوب هي دائماً من ينتصر لأنها من إرادة الله ـ وهذا ما لم يعقله القذافي وغيره من الحكام العرب الذي يصرون على البقاء في الحكم مهما كلفهم الأمر ـ كان ذلك هو المصير المحتوم للعقيد القذافي الذي لقيه يوم الخميس المنصرم ـ مع اعتراضي على طريقة القتل والتمثيل، خاصة وأنه القي القبض عليه حياً، فاخلاقيات الثورة ليست انتقاماً مع تقديري للشعور الذي يخالج الإنسان منا عندما يواجه من قتل أباه وأخاه وكل أسرته وأصدقائه وجيرانه.
إذاً قتل القذافي ولقي ذلك المصير المحتوم طالما لم يستجب لصوت السلم والعقل.. وهنا أقول لبقية الزعماء المستبدين هل من مدكر؟ هل من متعظ؟ هل يكفيكم ما غنمتم وذبحتم وقصفتم ودمرتم وسحلتم؟ هل ستزدجرون من ذلك المصير الذي لقيه الزعيم؟ أم أنكم ستصرون على مواصلة غيكم ومشواركم الإجرامي حتى يأتي مصيركم هرباً أو اعتقالاً أو قتلاً؟.
أعتقد وبعد أن شهد العالم مصير وسقوط ثلاثة من نماذج الدكتاتورية في العالم العربي فإن كل ذي عقل ولب يجزم بأن لا مجال للتفكير والتلاعب لكسب الوقت، حيث وقد حان الرحيل.