ما اصدق القران الكريم وأجمل كلامه وأحلى بيانه وأعذب منطقه وهو يقول (العزة لله ولرسوله وللمؤمنين)، فالمؤمنون المعنيون في الآية الكريمة هم الذين إذا حدثوا صدقوا وإذا وعدوا أوفوا وإذا خاصموا لم يفجروا والذين إذا تولوا الأمر والسلطة لم يجوروا ولم يقتلوا شعوبهم وهم الذين لايصبرون على العبودية والاستبداد ولا تنحني رؤوسهم للطغاة والفساد ولا يركعون إلا لله رب العباد ويغضبون لمحارم الله إذا انتُهكت وللأعراض إذا استُبِيحت وللدماء إذا أُسِيلَت لأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
وإذا كان الغضب مكروهاً في أمور فانه يكون مستحباً ويصل إلى درجة الوجوب في أمور أخرى ولله در الشاعر حيث قال: اغضَبْ فانك إن رَكَعتَ اليومَ سَتَظلّ تَركَعُ آلافَ السّنين ولما كانت الثورة الشبابية السلمية قد طال أمدها وساءت الأحوال الاقتصادية لدى معظم الناس وبالذات أصحاب الدخل المحدود بسبب ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، ناهيك عن إقدام بقايا النظام على تشديد الخناق على الشعب وفرض العقاب الجماعي كفصل التيار الكهربائي لأيام وأسابيع وإخفاء المحروقات ومضايقة الصحف واختطاف موزعيها ومراسليها وغير ذلك مما لايسعني ذكره في هذا المقام لكثرته، لكن المهم والأهم منه هو ما تكشف عنه الأيام من انتصارات عظيمة ومفاجآت جَادَ بها رب السماء وإلهُ المستضعفين وناصر المظلومين، لاسيما في الآونة الأخيرة التي أوشكت فيها الثورة على النجاح الأكيد والحسم النهائي.وأذكر بعضاً منها جاءت متتالية ومتقاربة فيما بينها من حيث الأزمنة وهي عبارة عن دروس وعبر لمن يفهم ويعي من بقايا النظام ولمن أراد الله له الإتعاظ وحسن الختام إن وعى الدرس، فالإنتصار الأول جاء من قبل رعاة الجائزة العالمية للسلام والمنظمات الدولية المختلفة للحقوق والحريات والمجتمع الدولي وذلك بإعلان منح جائزة نوبل للسلام العالمية للناشطة الحقوقية والثائرة الصحفية توكل كرمان، فقد جاءت هذه الرسالة لتؤكد للرئيس وبقايا نظامه أن أوراقهم التي راهنوا عليها خلال المدة السابقة فاشلة وساقطة وغير صحيحة وان مطالب الثورة الشبابية السلمية مشروعة ومقبولة فما على الرئيس إلا سرعة التوقيع على المبادرة ونقل سلطاته إلى نائبه فوراً كما أنّ أيّ رِهَانٍ على غير ذلك يكون خاسراً سواء طال أمد الثورة أم قَصُر وقد حُظِيَتْ الجائزة بمباركة المجتمع العربي والدولي وتَوَقّعَ السياسيون في العالم أن يسارع الرئيس صالح إلى التوقيع الفوري على المبادرة الخليجية ونقل كامل سلطاته إلى نائبه وبذلك سيكون قد وعى الدرس وللأسف فقد جاء رده مخيباً للآمال، مبدياً تشبثه بالسلطة ومظهراً للمراوغة ولا حياة لمن تنادي ولو أن ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنتفخ في رمادي. وما هي إلا أيام وساعات حتى جاء انتصار أخر للثورات الليبية واليمنية والسورية حيث ذاع خبر مقتل العقيد القذافي وولده المعتصم وبعض من تبقى من مرتزقته في 20/10/2011م وتناقلت ذلك جميع وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية فاندهش لذلك العرب والعجم، حيث أُعْلِنَ عن نهاية حكم (استبداد الأسرة) وجعل البعض يقول لقد قُتل القذافي الذي عاش دكتاتورياً بامتياز. ويقول آخر: بل وقتل في أنبوب صرف صحي!! ويقول ثالث: قُتِل الطاغية الذي أعلن الحرب على الثوار الليبيين بحراً وبراً وجواً وتوعد بنقل الحرب إلى الدول العظمى المشاركة في حلف النيتو ضده وبالفعل قُتِل العقيد وزال نظامه نظام العبيد ودخلت ليبيا عهداً جديداً مع قرب أيام العيد. وقد ظهرت صوره بعد مقتله بشكل موحش ومفجع ومخيف فهل من مُدّكر؟ ولم يقف الأمر عند تلك الانتصارات فحسب، فقد أعقب ذلك انتصار عظيم أحرزته الثورة اليمنية الشبابية وهو صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم(2014) بإجماع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن حيث لم تتخلف أو تعترض دولة على ذلك.
وقد ارجع المحللون هذا الإجماع إلى انكشاف لعبة النظام اليمني ومراوغته المفضوحة إقليمياً ودولياً، حيث أصبح لم يعد يثق به أو يصدقه احد. وقد دَعَا القرار الرئيس صالح إلى التنحي فوراً وشدد على محاسبة قتلت المتظاهرين. وما أن تم إعلان القرار المذكور إلا ولقي ترحيباً دولياً وعالمياً حيث رحب الأمين العام للأمم المتحدة بقرار مجلس الأمن. أما البيت الأبيض فقد قال : إن المجتمع الدولي وجه رسالة موحدة لصالح بنقل السلطة فوراً. وجاء رد السفير البريطاني (إن القرار يتضمن رسائل صارمة)، أما سوزان رايس المستشارة الأمريكية للشؤون الخارجية فقد قالت (استمرار الرئيس صالح بالمراوغة يعرض مستقبل اليمن للخطر) أضف إلى ذلك بعضاً من الانتصارات السابقة التي حققتها الثورة اليمنية ومنها تساقط الكثير والكثير من أركان النظام على الصعيد العسكري والسياسي والحزبي والدبلوماسي.
وتُعد هذه الانتصارات العظيمة التي حققتها الثورة اليمنية السلمية يوماً بعد أخرى على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وبعد رفع الغطاء عن النظام اليمني دولياً ـ تعد نجاحاً كبيراً ومكسباً عظيماً للثورة اليمنية فهل، سيكون الرئيس وبقايا نظامه قد فهموا الدرس ووعوه؟، نسأل الله ذلك (وإن غداً لناظره قريب)
anomanlawyer1@gmail.com