ما أكثر أوجه الشبه بين الحكام العرب؟ كأنهم جميعاً من عينة واحدة، من مواليد برج واحد، من فصيلة دم واحدة، من مدرسة كذب وزيف واحدة، يا إلهي ما هذه اللعنة التي حلت بهذه الأوطان وناسها؟ هذا الإنسان الذي عاش دهراً بانتظار معجزة عودة فلسطين لأهلها المشردين في أصقاع الأرض.
جميعهم يشبهون بعض ولدرجة أننا ما عاد نفرق بين جمهورية تقدمية مناهضة للرجعية والامبريالية والصهيونية وبين مملكة خانعة مستسلمة لأميركا والغرب أو سلطنة وإمارة رافضة للديمقراطية والحداثة، الأمير/ شكيب أرسلان كان قد قال جمله شهيرة: (اتفقوا العرب ألا يتفقوا) لكنهم يا أمير البيان ولبنان اتفقوا الآن.
فهؤلاء الحكام ظل ديدنهم الخلاف إذا ما كانت القضية تتعلق بمصلحة شعوبهم وأمتهم، إما وعندما تتعلق المسألة بوجودهم كرؤساء وملوك، فأنهم والحق يقال موحدون ومتعاضدون وعلى كلمة واحدة هي (البقاء للحكام.. الموت للشعوب).
ابتلعت إسرائيل فلسطين كاملة وأضافت لها سيناء والجولان والبقاع وجنوب لبنان وغيرها من الجزر والهضاب والسهول، غزت أميركا العراق، ضاع شعب الصومال في دوامة عنف القبائل المتناحرة، تمزق السودان، احتلت إريتريا جزر اليمن في البحر الأحمر، هُزم وغلب ونكب العرب اقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً وديمقراطياً وتنموياً وصناعياً وتعليمياً ومعيشياً.
غزة تعيش مأساة إنسانية بفعل الحصار الجائر من إسرائيل، الفقر والجوع يقتل أطفال ونساء الصومال والسودان، الإرهاب يفتك بالعراق واليمن والقرن الإفريقي، البطالة تجتاح معظم الدول العربية، العولمة الاقتصادية والتجارية والإعلامية والفضائية وووإلخ من القضايا الوطنية والقومية التي مازالت ماثلة منذ نصف قرن.
وبرغم أهمية هذه القضايا لهذه الشعوب المنهكة والمتعبة لم تجد من الحكام سوى الرفض والعنت والممانعة، اليوم فقط يكتشف المواطن العربي كم كان مخدوعاً وغائباً كلياً في جل مؤتمرات الجامعة؟ فهذا القذافي الحامل للواء العروبة زوراً وبهتاناً كان موقفه داعماً للرئيس المخلوع بن علي ورافضاً لثورة الشعب التونسي، فعل ذلك أيضاً مع الرؤساء مبارك وصالح وبشار.
كلهم شبه بعض، فالحاكم العربي أين وجد؟ هو ذاته الحاكم المغتصب للسلطة والقوة والثروة، كم هي الحروب وكم هي التحديات؟ ومع ذلك لم يتفق هؤلاء إلا على قمع وقتل شعوبهم.. تصوروا كيف أن سوريا صارت فضاءً لبث خطب المجنون والجزائر ملاذا لعائلته!، كيف أن القذافي يجزل بعطاياه على بشار وصالح وفي ظرفية صعبة كتلك التي يعاني فيها من الخناق والمطاردة؟
كلهم مثل بعض في خطابهم وسلوكهم ومنطقهم، ملياراتهم وجيوشهم وحكوماتهم وبرلماناتهم وبلاطجتهم ومرتزقتهم وقنواتهم ومهرجاناتهم وووإلخ، فجميعهم يلوحون بورقة القاعدة وإرهابها، الأخوان المسلمون كبديل مقلق ومخيف لأميركا وأوروبا.
إعلامهم ودعايتهم جلها في مواجهة الصهيونية والحرب الصليبية، أداتهم واحدة وأسلوبهم واحد؛ فقطع الكهرباء والهاتف والانترنت وخلق أزمات التموين والخدمات تكاد سمة مشتركة بين مبارك وبن علي وبشار وصالح والقذافي والقائمة لا تنتهي.
الوطن مختزل بشخوصهم، مهدد بالتجزئة والتمزق إلى كانتونات وإمارات إسلامية من دونهم، ليبيا من دون قائد الثورة ستتقسم إلى غرب أمازيغي وشرق عربي، اليمن من دون الرئيس صالح ستنشطر إلى أكثر من كيان ومسمى، سوريا من دون الرئيس بشار ستصير أشبه بـ "توروتة" الميلاد تتوزعها الفرق الطائفية والعرقية والدينية، مصر وتونس والجزائر والسودان والمغرب والمشرق من دون حكامها ليست إلا فسيفساء بلا قيمة أو أهمية.
تنحى مبارك وهرب بن علي وقتل القذافي وسيلحق بهم صالح وبشار وبوتفليقة والبشير، عاجلاً أم أجلاً؟.. سقط مبارك وبقت مصر محروسة بشعبها، فر زين العابدين وولجت أرض الزيتون عهدها الديمقراطي الميمون، قُتل معمر وبدأت ليبيا الجديدة مرحلة مختلفة من تاريخها الحديث، سيرحل ويتوارى صالح وبشار ومن على شاكلتيهما، وفي خاتمة المطاف سينتصر الشعبان ويعم الخير والسلام ربوع الشام واليمن.