ستمضي الثورة نحو عامها الأول.. أو إلى ما شاء الله لها بعد أن أفاقت "تعز" على عيد مخضب بالدماء، لتبقى "الحالمة" المعادلة الأصعب في المنطق الثوري العصي.. فيا أيها الأبطال اجمعوا الأشلاء.. اقصموا ظهورهم بقوتكم.. واطرحوا الخوف.. واضربوا بقلب من حديد.. ما يحدث يبكي الحجر، فكيف بقلوب البشر؟، أما آن للتخاذل الدولي والعربي والإقليمي أن ينطق؟!، وأما آن لدول الخليج أن تشعر بالخزي والعار من نفسها؟! وللأمم المتحدة دوماً على أوجاع العرب أن تغلق أبوابها.. أما آن للفئة الصامتة أن تصرخ.. وللفئة المتخاذلة أن تفيق.. وللفئة المخدوعة أن تستفيق وتلبي نداء الضمير؟.
إنها "تعز" قبلة الثورة، فولوا وجوهكم شطرها بدلاً من أن تولوا وجوهكم شطر دول الجوار.. ودول الخارج التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لأول مرة أجد سطوري عاجزة عن التعبير، لكنني فعلاً موجوعة ومقهورة كثير على ثورة شعب ستطفئ عامها الأول بعد وقت قصير.. ولا زال السؤال الغبي الذي يعرف جواب نفسه: لماذا لم تحسم الثورة أمرها رغم كل هذه التضحيات؟ وإلى أي مدى هم راحلون بالثورة؟ ألم تبدأ الثورة نقية في مدينة النقاء"تعز"؟ فمن سينظف عنها اليوم أكوام من الأوساخ والأتربة المتكدسة على جسدها المسجى أمامنا.
أما آن الأوان أن تخرس كل الغربان التي تنعق في الآذان ليل نهار.. والمدنية التي ينشدها الشعب هل لها مكان في جذور القبيلة؟ ورغبة أهالي الجنوب في حل عادل لقضيتهم هل سيتحقق أم سيبقى حلم جميل يتكسر على أمواج واقع مرير.. أسئلة تعبث بعقلي كل وقت, وتحط بثقلها على مداد حبري، إني غاضبة، حزينة وساخطة على أولئك العابثون بأوجاعنا.. حزني يمتد كوجع الوطن.. على هذا الإنسان الكادح الذي من يوم يومه مغبون حقه في الخبز والحرية والكلام، لا بل الحياة و حتى حقه في الموت، لا بل حتى حقه في الثورة.. مغبون فيه، فوحده من يضحي ووحدهم من يتأرجحون على تلك الحبال الغليظة التي تخنقنا والتي آن لها أن تنقطع نهائياً.. كفى عبثاً وليرحلوا جميعاً.
عذراً تعز.. استمري في الحلم رغم كابوسهم الأحمر البغيض، لكن احلمي واحلمي واحلمي ولا تستفيقي من حلمك إلا على حلم واقع على الأرض، لا أرض تدفن الأحلام.. وتغلفها بكوابيس تقض المنام وتهلك الأنام.. ومدافع تصرخ حقداً في سكون البشر النيام، وقلوب ترفل قهراً حين حلمت بالسلمية والسلام.. هذا الألم سد الفضاء، فعذراً أيها الشعب لابد أن تريد ما "تريد" وكفى عبثاً بحلمك الجميل بالحرية.. ويا أيها النظام "سلطة ومعارضة" اسقطوا في مستنقعكم الآسن جميعاً دون استثناء وليبقى الشعب وحده من يعيش، لأنه وحده من يستحق الحياة.
هامش أخير: من كلمات الشاعر اللحجي"اللبن":
"تعز العز..با تخسر ..مطر من نار باتمطر.. وعبلة باتقع عنتر عسى ماشي تشوفوا شر".
شيماء صالح باسيد
تعز.. حالمة رغم بشاعة الكوابيس 2320