قال الشاعر : إن اللّيالِيَ والأيامَ حَامِلةٌ وليسَ يَعلمُ غيرالله مَا تَلِدُ
وبرجوعك أخي القارئ الكريم إلى مدة الثورة اليمنية الشبابية المباركة ستجد أن الأيام والليالي والأسابيع والشهور التي تذهب وتنقضي والشعب اليمني الصابر المثابر يمر بمخاض وابتلاء وعقاب جماعي لكل من يعيش في الريف والحضر والسهل والجبل وذلك من قِبل بقايا النظام العائلي وكل ما زاد التصعيد الثوري ضد الحكم العائلي ومجازره الوحشية تشاهد صالح يظهر متحدثاً أو خطيباً بين آونة وأخرى مبدياً استعداده للتخلي عن السلطة ثم يتنصل عن ذلك ويُبدي شروطاً تعجيزية ويظن أن المعارضة سترفض ذلك، فإذا بالمعارضة تقبل هذه الشروط الظالمة للشعب والتي لاتفرق بين الضحية والجلاد فيتراجع الرئيس عن تصريحاته ويتشبث بالسلطة تشبث المستميت عليها وعلى الكرسي وتجد الإيحاء إلى الأمن والحرس العائلي بقتل الثوار وافتعال الأزمات ويظن انه بهذا السلوك سيُخْمِد الثورة ويُخِيف الثائرين ويؤثر على المنضمين والمتساقطين من حزبه فإذا بالتصعيد الثوري يزداد صلابة وقوة أضف إلى ذلك انضمام الكثير من المتخاذلين والقاعدين والصامتين نَافِضِينَ غُبَار النوم وخارجين عن صمتهم، متوجهين نحو الساحات والميادين ليلحقوا بركب الثوار باحثين عن الفوز والنجاح فارّينَ من الغرق والهلاك الذي هو مصير من يقتل الشعب اليمني يومياً ومصير من لايفرق بين امرأة و طفل و شيخ عاجز مسن أو معاق. كما أنه لم يكتفي هذا النظام الخاسر الفاشل بالقتل والتنكيل بل سلك طُرُقاً أخرى همجية هي بمثابة عقاب جماعي لكل أطياف الشعب ثوار أحرار ومؤيدين أو معارضين. فالكل يكتوي بناره ويتألم من عقابه ويتضرر من مفاسده والكل مَلّ أراجيفه وكذبه، فالكهرباء منطفية على الجميع وبانطفائها تعيش الأسر في الظلام الدامس وبانطفائها تعطلت حركة الناس وأعمالهم الليلية التي يذاكر فيها الطالب ويُحَضّر فيها المدرس ويُطالِع فيها القاضي والمحامي كما تعطلت أعمال الناس نهاراً بما في ذلك حرمانهم من خدمات الآلات الالكترونية فلا ثلاجة ولا غسالة ولا تلفاز.
وهنا يكون بقايا النظام قد عادوا بنا إلى القرون الوسطى والعصور الحجرية ولا قوة إلا بالله كما عطلوا التعليم والصحة وأفسدوا الحياة اليومية برمتها، فالمعاهد والمدارس والمستشفيات والمراكز الخدمية تحَوّل معظمها إلى ثكنات عسكرية لحماية كرسي العائلة وتدمير الشعب. وأصبح الناس يستذكرون الكهرباء من خلال سماعهم ومشاهدتهم للطلقات النارية المحرقة والدانات المدفعية المضيئة والصواريخ الإشعاعية المدمرة وقذائف "الار بي جي" الملتهبة والتي يطلقها بقايا النظام نحو الساحات والأحياء السكنية والقرى والمدن.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب فقد قام بقايا النظام بافتعال أزمة المحروقات التي لم يكن لها وجود قبل الثورة الشبابية، حيث أصبح لا ديزل للناقلات "والافرام" ومضخات الارتوازات والمصانع والمعدات ولا بترول للسيارات والمواطير والموتورات ولا جاز للفوانيس والنوارات فمعظم المسؤولين والقضاة والموظفين توقفوا عن أعمالهم وجلسوا في منازلهم وخَلَت مكاتبهم منهم بسبب إخفاء السلطة للمحروقات وتَوَقُّف حركة السيارات وبذلك توقفت المعاملات وسُدّ الباب عن قَضَاء الحاجات وتعطلت الحياة، فالليل صار ظلاماً والنهار سجناً للموظفين في البيوت وتعطيلٌ للدوام وأصبح الناس يعيشون بلا دولة ولا نظام.
والغريب أنك تسمع وسائل الإعلام المُغتَصَبِة تكذب وتكذب وما أشنع الكذب وأقَل قدر صاحبه فهي تُحَاوِل إيهام المغفلين بأن بقايا النظام ما تزال تحكم كذباً فتسمع المذيع بالتلفاز يقول:( بعث الرئيس برقية عزاء ومؤاساة للضابط الفلاني أو غيره لوفاة ابنه أو أمه أو أبيه تغمد الله الفقيد بواسع رحمته والهم أهله وذويه الصبر والسلوان وان لله وان إليه راجعون)، كما تسمعه يقول افتتح الوزير الفلاني مراكز تحصين الأطفال من الأمراض المعدية وهذه هي الدولة والنظام بنظرهم والحقيقة أنه لاشيء سوى ما ذكر.
وتلك هي الدولة والحكم وهذا هو ما تبقى في جعبة بقايا النظام الذي يحاول التظليل والكذب بأن ما يدور في اليمن أزمة لا ثورة، وقد أستبان الأمر للعالم أجمع أن اليمن وشعبها الصامد الحر يعيش ثورة سلمية منتصرة بإذن الله والدليل على ذلك أن مزعوم النظام قد أصبح في عزلة عن شعبه وعن العالم اجمع.
والمضحك أن الرئيس ظهر بتاريخ 14/11/2011م في لقاء تلفزيوني مع قناة (فرنس24) وهو يقول: (إن ما يحدث في الربيع العربي هو عبارة عن فوضى) الم يعلم الأخ الرئيس أن أقرانه الطغاة العرب في تونس ومصر وليبيا قد رحلوا وإلى غير رجعة والأسد في طريقه إلى الرحيل؟ وقد تَخَلّ الجميع عن الأنظمة والزعامات وبذلك انتصرت الثورات، والنظام اليمني هو جزء من المنظومة العربية الاستبدادية وما يحدث في اليمن هو ثورة وثورة بكل المقاييس وليس فوضى كما يزعم وهو يعلم ذلك يقيناً وفي اعتقادنا ولدينا أمل أنه سيستجيب لمطالب شعبه بالتخلي عن السلطة فقد نصحه بذلك جيرانه والمجتمع الدولي.
anomanlawyer1@gmail.com