;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

الثورة الشبابية السلمية وصناعة المجد اليمني الكبير 2334

2011-11-22 04:20:37


إن الثورة الشبابية الشعبية السلمية صنعت لليمن مجداً حافلاً، وتاريخاً مشرقاً، وبريقاً آخاذاً، ورونقاً بهياً، وهالة حضارية كبرى، وتفوقاً أخلاقياً وسياسياً أدهش العالم، وإبداعاً يمنياً استحوذ على إشادة جميع الناس في الداخل والخارج في الإقليم وأقطار الدنيا.
 وقدمت الثورة اليمن شعباً حكيماً صبوراً يعلم الناس الصبر في الميادين، لا يخيفه القتل الممنهج، ولا يرعبه سفك الدم ببشاعة القاتل المحترف، ولا يصده عن أهدافه آلة الدمار والخراب والعدوان والتدمير التي تتحرك بمدرعاتها وكامل قوتها على أناس بصدور عارية، فتعلمت الدنيا كلها الشجاعة من اليمنيين.
وأبرزت الثورة حكمة هذا الشعب الحكيم، الذي لا ينساق في مخططات السلطة الظالمة، ولا ينـزلق إلى مكر النظام السرطاني الخبيث، ولا يقع في دوامة الخطط الإجهاضية للثورة والمدمرة للشعب، والذي يمضي قدماً لتحقيق أهدافه، دون التفكير في العنف، حتى ظهر لكل الناس أن القاتل هو النظام، وأن المعتدي هو النظام، وأن النظام يرتكب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وظهر جلياً أن الحكمة تصنع المعجزات، وأن الحكمة تضم اليمن كلها في إطار الصبر والحفاظ على كل قطرة دم، والتصعيد السلمي المستمر، فأدرك الناس عملياً صدق كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الحكمة يمانية".
إن الثورة العظيمة في سلميتها والتفاف الشعب وكل فئاته حولها، وانضواء الجيش الحر والقبائل اليمنية تحت رايتها السلمية، لأجل إخراج اليمن من الظلم، ونصر المظلومين مما وقع بهم وعليهم من الظلم المرير والاضطهاد الشديد، طيلة ثلاث وثلاثين عاماً، فجاءت الثورة لتثبت للعالم أن أحفاد الأنصار ما زالوا أنصاراً للحق كما كان آباؤهم، وأنهم لا يزالون متمسكين بأخلاق الأنصار في نفي الشح وأخلاقه، والتزام البذل والعطاء والإيثار، كما قال الله تعالى عن أجدادنا الأنصار: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (9) سورة الحشر.
إن أحفاد الأنصار يصنعون التاريخ ويجاهدون بأموالهم، وينفقون على ثورتهم من جيوبهم، كل بحسب طاقته وقدرته، روى النسائي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "سبق درهم مائة ألف درهم" قالوا: وكيف؟ قال: كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها"، ودرهم إلى درهم مال، وقطرة مع قطرة تكون النهر، وريال إلى ريال ثروة، وقليل مع قليل يصنع الكثير الوفير.
إن الثورة السلمية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشعوب أقوى من السلطات، وأن الشعب حين يخرج إلى الساحة تكون السلطة قد فقدت مصداقيتها، فإذا قتلت السلطة فرداً واحداً ظلماً وعدواناً تفقد شرعيتها، وتتحول تلقائياً من دولة إلى عصابة، فالقتل خارج القانون يفقد الدولة شرعيتها، وهو ما أعلنه الثوار على لسان خطيب الجمعة في شارع الستين: قتلتمونا فلن تحكمونا.
إن أحفاد الأنصار يشكلون تاريخ اليمن المعاصر، ورجالات اليمن ورموزه الوطنية يخاطرون بأرواحهم لاحتضان الثورة السلمية وحمايتها، فكم من مرة حاول النظام البائس أن يغتال رموز الحرية، فقاد محاولات عدة لاغتيال الرمز الوطني الكبير اللواء الركن/ علي محسن صالح، وكذا المحاولات المتكررة لاغتيال أسد الثورة ومقدامها المغوار العميد/ حميد القشيبي.
إنهم يفون بقسمهم العسكري لحماية الشعب وليس الفرد، للالتزام بالدستور لا بنـزوات الفرد وأهوائه، برعاية مصالح الوطن لا تدمير الوطن لأجل عائلة، هؤلاء القادة الأوفياء لجماهير الشعب العظيم، الذين يسطرون أروع الملاحم البطولية بصدورهم العارية، وبعزائمهم الصلبة، وبجسارتهم وشجاعتهم واستبسالهم يعلمون العالم البطولة على أصولها، ويثبتون للعالم كله أن أحفاد الأنصار ما زالوا كعهدهم الأول ثابتون على الطريق، أوفياء للشهداء، كالشمم الرواسي، والشامخات من الجبال، كل فرد من شباب الثورة وشاباتها كالطود المنيف حرية وكرامة وإباء وفداء للوطن الغالي.
مازال أحفاد الأنصار ماضون على الدرب ينصرون الله ورسوله، ويسعون لتحكيم شرع الله، وإعلاء كلمة الله عز وجل، فلأجل ذلك يعتصمون، فهم لم يخرجوا من بيتهم ليستبدلوا ظلماً بظلم، ولا أهواء بأهواء، وإنما خرجوا ليهتفوا نريد شرع الله يحكم، والعدل شرع الله، والظلم كل ما خالف شريعة الله.. فالعدوان بالقتل ظلم، ونهب الثروات ظلم، وتخريب بيوت المواطنين ظلم، وقصف الأحياء السكنية ظلم، وترويع الآمنين ظلم، وتشريد المواطنين ظلم، وتدمير الآبار ظلم، وإرهاب الأحياء السكنية والقرى المأهولة بالسكان ظلم، وقطع الكهرباء والغاز والمشتقات النفطية ظلم، وقذف المحصنات ظلم، واختلاق الإفك ظلم، وقول الزور ظلم، والبهتان على عباد الله بما لم يفعلوه ظلم، إن هذه السلطة الظالمة ظلمات بعضها فوق بعض، فقامت الثورة الشعبية السلمية تريد تطبيق شرع الله تعالى؛ لتصل الحقوق إلى أهلها، وتكف أيادي الظالمين عن ظلم البلاد والعباد، وأن ينالوا جزاءهم العادل الذي حكم الله به الرب العدل في شريعته.
    إن أحفاد الأنصار ماضون على الدرب ينصرون الله ورسوله، ويريدون تحكيم شرع الله، وإعلاء كلمة الله عز وجل، حتى يكون القرآن الكريم والسنة المطهرة الحكم على كل التصرفات في الدولة والمجتمع والأسرة والفرد؛ فلأجل ذلك يعتصمون، ولأجل ذلك يسهرون، ولأجل ذلك يفترشون الإسفلت، وينامون في الخيام، ويصبرون على البرد والحر والجوع والتعب، كل ذلك حتى يحكم شرع الله.
    إن اليمنيين يصنعون تاريخهم بأنفسهم، ويشيدون مجدهم بأيديهم، ويعلون بنيان المجد اليماني شامخاً وعالياً يطاول السماء، إن التاريخ اليمني يصنعه الشعب، والأخبار تتحدث عن الشعب، بعد أن تحررت الأمة اليمنية من الصنم الجاثم على صدرها، والطاغوت الخانق لقدراتها، وغابت صورة الديكتاتور لتظهر صورة الشعب اليمني ملء الساحات، والميادين. وصدقت كلمات أبي الأحرار الزبيري:

الملايين العطاشى المشرئبة 
خرجت تقتلع الطاغي وصحبه
سامها الحرمان دهراً
لا يرى الغيث إلا غيثه والسحب سحبه
لم تنله جرعة ماء دون أن
يتقاضاه بحرب أو بغضبه
طمست في قيده وهي ترى
 أكله من دمها وشربه
إن اليمنيين يصنعون تاريخهم بسلمية ثورتهم التي تواجه العنف بالسلام، والقتل بالسلمية، والعدوان بالتمسك بالخيار السلمي، فيؤكدون أحقيتهم في امتلاك الصيغة السلمية حين اخترعوا المصافحة التي هي أكبر علامة للسلام عبر التاريخ الإنساني.
إن الثورة الشبابية السلمية تصنع تاريخ اليمن المعاصر ناصعاً بالبياض، فأيدي الثوار لم تلطخ بالدم، تاريخاً مليئاً بالتضحيات الجسيمة وهم يواجهون الرصاص بالصدور العارية، ويتدفق دم الثوار في شرايين الثورة بسخاء الكرم الحاتمي، يجودون به طيبة به أنفسهم، تاريخاً يظهر الحكمة اليمنية التي لا تنساق إلى العنف، ولا تنـزلق إلى دائرة الدم، فحافظت على سلميتها، وتمسك بخيارها السلمي، فتجلت الشخصية اليمنية رائعة بقامتها الكبيرة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

نبيل البكيري

2024-05-02 00:48:59

النعي المهيب..

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد