القصف المستمر الصاروخي والمدفعي على أرحب ونهم وبني جرموز وضرب الحصبة وصوفان وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين يوم الخميس 24/11 وسقوط خمسة شهداء و34 جريحاً، وما سيلحق هذا الإرهاب المتعدد الأوجه من بقايا النظام، على ساحات التغيير والثوار الشباب.. كل ذلك يقدم رسالة واضحة للقائم بأعمال رئيس الجمهورية (عبدربه منصور هادي)، وهي أن توقيع رأس النظام على المبادرة بكل تفاصيلها، لا يعني إزاحته عن المشهد اليومي، وأن المتبقي منه لديهم القوة والنفوذ، وأنهم لا يحتاجون إلى الإذن من أحد، ولا يخشون القانون ولا العدالة ومستعدون للذهاب إلى أبعد من ذلك في الإسراف في القتل وتوابعه من اختطافات وسجون وتعذيب وتشريد..إلخ مما تميز به النظام وعبر عنه كمسلك يومي.
ولعل هذه الرسالة القوية تريد القول: أن القائم بأعمال الرئيس لن يقدر على إنجاز شيء أو إيقاف شيء يريدونه متحركاً ومتأزماً وأن عليه أن يستوعب ذلك جيداً ويبقى في ذات المربع الصغير الذي وضعه النظام ذات مرحلة فيه وحدد له ما يجب عليه وما لا يجب، وإذاً نحن أمام مشهد(دراماتيكي) مضاف لمرحلة جديدة يدشنها بقايا النظام تسمى بعد المبادرة (ب.م)، وهو مشهد جد خطير، تداعياته ليست بالهينة إطلاقاً.. إذاً لا يمكن أن يبقى الآخرون يتقبلون الطيش ولا يفعلون شيئا، كما لا يمكن للمجتمع الدولي أن يظل متفرجاً لانتهاكات كبيرة في حقوق وحريات الإنسان.الأمر الذي يترتب على كل ذلك، أن بقايا النظام وتحديداً بعد توقيع المبادرة يريدون أولاً تحميل القائم بأعمال الرئيس كل الخروقات القانونية والأمنية من قتل وتشريد، ليصير هو واحداً من الذين تقع عليهم المسؤولية أمام البيت الأممي، ما لم يعبر بشجاعة أخلاقية وموقف وطني، عن سلطته التي خولتها له المبادرة الخليجية ويظهر الحزم في الردع لكل التصرفات الطائشة ويوقف نهائياً أعمال الإرهاب، ويضع حداً لكل ما هو خارج القانون، ويقدم مرتكبي الجرائم إلى العدالة مهما كانوا وما لم يبادر إلى هذا الفعل بما لديه من صلاحيات كاملة، فإنه يضع نفسه في خانة المدان وتتحول المشكلة منقولة من (علي عبدالله صالح) إلى (عبدربه منصور هادي)، بمعنى أن تواري الأول قدم الثاني لتقع عليه المسؤولية، فإما أن يكون خياره العزم والحزم، أو الاعتراف بعجزه أمام الشعب الذي هو سيد نفسه، لتتحرك الجماهير تصنع انتصاراتها وتستكمل الثورة بعد أن عجز القائم بأعمال الرئيس عن ممارسة المهام المنوطة به، وبعد أن تبين، أن بقايا النظام لا تعيره اهتماماً، ولا تعبأ به، بل وتذهب إلى حد الاستخفاف بسلطاته، وتضعه أمام إحراج شديد، إما أن يصمت ويكون أول المتواطئين في القتل وفي ذات الإدانة، أو أن يختار المواجهة من موقع شرف الانتماء إلى الوطن وسيادته واستقلاله، وحينها فإنه يحدد بالضبط مكامن الاختلالات ومعه البيت الأممي ودول الخليج وكافة القوى الوطنية، وجميعهم بكل تأكيد سيقفون إلى جانب قراراته التي سيتخذها.. بدون ذلك عليه فقط أن يعلن خيبة أمله في بقايا النظام، وعجزه عن إكمال المشوار، وأنه أمام قوى استفزازية لا تعير الدستور والقانون والمواثيق الدولية أي معنى، ولا يعنيها احترام المنصب الأول قدر اهتمامها بوضع القائم بأعمال رئيس الجمهورية أمام تداعيات خطيرة يثبت من خلالها عجزه وفشله.
وبكل تأكيد فإن الأخ (عبد ربه منصور) يرفض أن يكون الشخصية الكاريكاتورية، ولابد له في كل الأحوال من موقف حتى لا يبقى شريكاً متواطئاً في دم يسيل وشهداء يسقطون، وحياة وطن يعبث بها بقايا النظام بما لديهم من عتاد وقوة ورغبة في محق الحياة..
وللأخ عبدربه منصور هادي نقول:أنت موضع ثقة كل الشرفاء والمبدئيين فلا تخذلهم وتتراجع إلى الوراء...وأنت قدر الله في هذا الوطن لهذه المرحلة، فكن رجلها الفذ في اجتياز الصعب والعبور بالوطن إلى مناطق الحياة والحرية ولا تخضع لقول قائل مرجف أو إرهابي، ومارس سلطاتك بقوة الضمير ودعم البيت الأممي وكل الشرفاء، ضع حداً للتصدع والانهيار والقتل المجاني، وقدم ذاتك بسخاء كمناضل جسور عرفناه، وكرجل مهمات من الطراز الرفيع..كن أنت المرحلة التي اختارها الوطن لمسيرة مظفرة، وقل باختصار شديد لكل الذين يناوشون أحلامنا ويخربشون الفرح ولا يؤمنون بالإنسان سمواً وروعة ـ قل لهم جميعاً: تبا للفوضى والمستحيل...إبدأ بتاريخ ناصع يرفض كهانة وتزلف وتعبد إعلام مرابٍ ومسخ شيطاني ولا تدعه يمجد أحداً غير الوطن، فلا مكان لعابد وثن من دهاقنة الحرف وشياطين الكلمة الذين زوروا كل ما يقع بين أيديهم من أجل ربهم وقد جعلوا إلههم هواهم واتخذوا المظلين عضدا.كن كما تريد من نقاء وحب وقدرة على الانتصار، فلا طريق غير ما اختاره الوطن رغماً عن أصحاب الأفك، ولك نزف التهاني في وطن نحلم به شراكة وطنية ومساواة وتكافؤ فرص وعدالة وحرية ولا نامت أعين القتلة في حلهم وترحالهم.
mallawzy@hotmail.com
محمد اللوزي
القائم بأعمال الرئيس.. هل يفعلها؟! 2307