لقد صنعنا ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى , أبهرنا العالم، غيرنا نظرته السلبية للإنسان اليمنى أعيد لليمنى كرامته صار يشعر بالفجر كونه يمنى , عشرة أشهر من الصمود والتحدي أمام قوى البغي والجبروت التي استخدمت كل أنواع الأسلحة في سبيل القضاء على الثورة و لكنها مازالت مستمرة , صحيح أنها و لم تحقق كامل أهدافها حتى ولكنها غيرت أشياء كثير في نسيج المجتمع وكسرت حاجز الخوف وأسقطت أسطورة الغول التي ظلت ترعبنا لقرون من الزمن
هذا الثورة ثورة شعبية لايمكن لأي قوة مهما كانت إمكانياتها البشرية و المادية احتكار الثورة أو إدعاء ملكيتها لأنها ثورة شعبية شاركت فيها كل فئات الشعب. ومن يزعم انه كان سبب في إشعال فتيلها أو هو أول من نزل إلى الشارع فهو كاذب لان الذين نزلوا إلى الشارع في الأيام الأولى للثورة كان بالآلاف. لم يكونوا شباب فقط كما يقال بل كانوا شيوخاً وشباباً ونساءً ورجالاً. فالأوضاع المعيشية الصعبة والظروف الاقتصادية و الفساد المستشتري في كل مرافق الدولة جعل الناس جميعا يتطلعون إلى التغيير ,لاسيما بعد أن وصل الناس إلى قناعة أن الانتخابات لم تكن إلا عبارة عن مهرجانات لإعادة إنتاج النظام الحاكم من جديد وإعطاءه شرعية جديدة.لقد كان النصر الذي حققته الثورة المصرية ومن قبلها الثورة التونسية والسقوط السريع لنظام حسنى مبارك، بمثابة الملهم الذي أحيا الأمل في نفوس ملايين اليمنيين فأرادوا استنساخ التجربة المصرية كون النظام المصري يشبه إلى حد كبير النظام اليمنى، إضافة إلى إن الأوضاع في اليمن أكثر بؤسا عن مصر وتونس.
ثورتنا لم تقوم من أجل إسقاط أشخاص واستبدالهم بآخرين، إنما قامت من اجل إسقاط نظام وبناء دولة مدنية حديثة هذا ليس بالأمر السهل ولا يمكن أن يتحقق في فترة وجيزة, فالذي يعتقد أن رحيل علي عبد الله صالح وأفراد عائلته من السلطة هو هدف الثورة فهو مخطئ وعليه مراجعة حساباته وهو بذلك قد ظلم الثورة وحصرها في زاوية ضيقة جدا، ليس من العدل والمنطق أننا نطالب بمحاكمة شخص في الوقت الذي نحن نشكك في نزاهة من سوف يحاكم هذا الشخص, لذلك أتمنى من إخواني شباب الثورة أن يركزوا جهودهم على السعي الحثيث على إقامة الدولة المدينة الديمقراطية الحديثة التي في ظلها سوف يقام العدل المساواة وسوف تعاد الحقوق إلى أصحابها فلا يضيع حق وراءه مطالب، وسوف يأخذ كل من ارتكب جريمة في حق هذا الشعب جزاءه العادل وهذا يتطلب عمل دؤوب قد يستمر لسنوات ويتطلب تقديم التضحيات والتنازلات, وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة عنوانها الحب والتسامح والإخاء والقبول بالآخر.
تيسير السامعى
خواطر ثائر 1908