;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

المشهد السياسي بين إرادتين 2117

2011-11-29 16:08:01


إن هنالك إرادتين في اليمن تتنازعان المشهد السياسي إرادة تريد تحكيم شرع الله تعالى بالمحاكمة العادلة للقتلة واللصوص ناهبي الثروات العامة، وإرادة أخرى تريد أن تنازع الله تعالى في حكمه، فترفض المحاكمة العادلة لمن قتل النفس الحرام، وسرق المال العام، فمن يقف ضد محاكمة القتلة لإقامة حد الله عليهم يضاد الله عز وجل في حكمه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله" رواه أبو داود.
إن المسألة الأساسية هي أين يقف كل واحد منا؟ هل يقف في صف القتلة الذين قتلوا المصلين، وقنصوا المسالمين، وأزهقوا أنفس الأطفال، وأطلقوا الرصاص على المعتصمين والمتظاهرين السلميين، وسفكوا دماء النساء في اختراق لقيم اليمن، وأخلاق اليمنيين، أم يقف مع المطالبين بشرع الله عز وجل، وشرع الله هو القصاص، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (178) سورة البقرة. مثلما كتب الصيام قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة. فلماذا نعمل بآية ونترك العمل بآية أخرى، بل ويسعى بعض الناس إلى تعطيلها ويضاد الله تعالى في أمره.
إن سلامة الحياة وتحريك عجلة الاقتصاد وازدهار اليمن لا تكون باتباع الأهواء البشرية، ومحاربة شرع الله تعالى، ومضادة الله في أمره، ومحادة الله ومشاقته، وإنما الحياة في اتباع شرع الله والعمل بشريعته، قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة. فالحياة والرفاه والخير والبركة والاستقرار هي في تطبيق شرع الله تعالى بالمحاكمة العادلة، والسعي لذلك أمر علينا جميعا إنجازه، والقيام به، والإصرار عليه.
إن النظام نفذ التوقيع على المبادرة، وهي رأي بشري، صاغه بعض الناس، فالواجب تطبيق شرع الله الذي هو رب الناس، ملك الناس، إله الناس، فكيف ننصاع لكلام الناس ولا نعمل بكلام الله العزيز الجبار، قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء.
إن المؤمن الموحد واجبه العمل بكتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يسعى لتطبيقها في الحياة، إن على المسلم أن ينصر أخاه المسلم بالحق، وأن يقف مع أخيه المسلم لنصرته، وأنه يحرم على كل مسلم أن يترك أخاه بلا نصرة وهو يقدر على ذلك، فعلى كل مسلم أن يقف مع المظلومين لتحقيق أمر الله لنصرتهم بكل ما يستطيع، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه" رواه مسلم. قال العلماء: الخذل: ترك الإعانة، والنصر؛ ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه، ولم يكن له عذر شرعي.
إن الذي لا يقف موقف مع الحق الآن فمتى يقف مع الحق، ألا يخشى أن يصاب بظلم ثم لا يجد من ينصره، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر مسلماً إلى آخر الحديث الذي رواه أبو داود.
فهيا نقف جميعا لنصرة من سفك دمه، من أزهق روحه، من فقد حياته، ننصر من فقدت ابنها أو زوجها أو أخوها، أو قربا لها، ننصر كل أب فقد ولده، حتى يحاكم القتلة محاكمة عادلة لينالوا جزاءهم العادل، عملا بقول الله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (45) سورة المائدة.
وأخيرا فإن الذي نقطع اليقين به، ولا نشك فيه ولا نرتاب أبدا أن كلام الله عز وجل حق وأنه لا ينـزل الأرض، ولن ينـزل الأرض بل سيتحقق أبدا، وأن وعد الله حق، وقوله الحق، قال الله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (33) سورة الإسراء.
سيدي القارئ الكريم تأمل هذه الآية المباركة وتأمل الواقع الذي عاشته الثورة ومضى فيه الثوار تدرك أن الله تعالى لا يخلف وعده، وأن كلامه حق وصدق جل ربنا في علاه، وتذكر جمعة الكرامة وكيف مارس النظام القتل في بشاعة لا مثيل لها، وفي سابقة لا نعلم لها سابقة، وفي فضاعة لم تعرف اليمن لها مثيلا، فماذا حدث؟ الذي حدث {جعلنا لوليه سلطانا} فانضم إلى الثورة ناصر الثورة السلمية البطل اللواء الركن علي محسن صالح ومعه أحرار الجيش بألوية الفرقة وبقية الألوية العظيمة التي انضمت للثورة ومعها كل أحرار الجيش الوطني الحر، فكان ذلك سلطان من الله على المستوى المحلي، ثم جاء السلطان العالمي يتقدمه إصرار الخليج على توقيع صالح المبادرة، ومجلس الأمن بالإجماع يقف مع اليمن ضد صالح، وجاء مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السياسي الكبير/ جمال بن عمر ليؤكد أن العالم كله ضد صالح، وأنه ليس أمامه إلا التنحي أو مواجهة العالم، وهو ما أكده السفير الأمريكي: أن مجلس الأمن غير مجلس التعاون.
وإننا نرى النصر للمظلومين فلم ترفع له راية في كل مكان، لم يحرز نصراً في أي شبر بامتداد الوطن، لم ترفع له راية، ولم تتحقق له غاية، وبات حسير لا يقدر على شيء، لماذا؟ لأن الله لن يهلف وعده لأج خاطر فلان أو فلان.
ووالله ثم والله ثم والله لو اجتمع الإنس والجن ومن في السموات والأرض على أن ينصروا القاتل ويكذبوا وعد الله بنصر المقتول ما كان ولن يكون، ولو اجتمعوا ومعهم مثلهم على خذلان المقتول لنصره الله ولم يكن لخذلانهم له أي تأثير، ولا أثر، ولخيب الله سعيهم، لأن الله تعالى قال وقوله الحق: {إنه كان منصوراً} اللهم إننا مؤمنون بكلامك، وموقنون بوعدك، ومصدقون وعدك، اللهم فارحم ضعفنا وعجل نصرنا، فإنا بشر ضعفاء، تضيق أنفسنا أحيانا، وتتعب نفسياتنا أحيانا، فاغفر لنا، فوالله ما شككنا في نصرك ولا ارتبنا في وعدك، ولكن ضعفنا لك ظاهر يا عاليما ليس بجاهل، ويا قديرا ليس بضعيف، ويا قويا لا يغلب، ويا عزيزا قوله الحق، وأمره الحق، وكل شيء عنده بمقدار ويا أكرم الأكرمين، ارحمنا بتعجيل النصر الكامل والتام لثورتنا يا أرحم الراحمين.
فلا يظنن أحد من الخلق أن الخالق سيخلف وعده؛ لأجل أحد كائنا من كان مهما مبلغ مكره، هيهات هيهات قال الله تعالى: {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا } (43) سورة فاطر.
ولكن علينا جميعاً أن ننظر أين نقف هل مع إقامة حكم الله من خلال المحاكمة العادلة للقتلة واللصوص وللظالمين، أم ضد شرع الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

نبيل البكيري

2024-05-02 00:48:59

النعي المهيب..

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد