ثورات الربيع العربي مستمرة ولم تتوقف ولن تقف حسب اعتقادي لا في المغرب العربي ولا في المشرق منه، بل سوف تستمر وستكون هناك مفاجآت كبيرة، فإذا كانت تونس الدولة الجميلة والرائعة هي السباقة في التخلص من الشمولية وحكم العسكر والفرد والبدء بإجراء انتخابات نيابية سلسة وهادئة وبدأ الشعب التونسي الشقيق في رسم المشهد التونسي بعد فوز حركة النهضة الإسلامية التونسية بغالبية المقاعد النيابية وتم التوافق مع بقية القوى السياسي لتشكيل حكومة وإجراء انتخابات رئاسية تونسية الهدف منها خدمة الشعب التونسي لا السيطرة والسلط، وبناء تونس الجديدة، تونس المواطنة المتساوية، تونس العدالة والحرية، تونس الحب والإخاء والتنمية، فإنه بات من الضرورة بمكان أن يستلهم الجميع في وطننا العربي تلك التجربة الرائدة لهذا الشعب الرائع شعب تونس الذي علمنا معنى الانتصار للذات الوطنية وصنع ثورته في ظل حكم قمعي تسلطي لم تعهده شعوب المنطقة من قبل نعم لقد قدم لنا الشعب التونسي النموذج الراقي للتغيير السلمي الديمقراطي وبات من الضرورة بأي حال أن يرسم الأشقاء في تونس شكل دولتهم الجديدة وبطريقة تكون هي النموذج الأرقى وكما بدأ الأشقاء في هذا البلد بصنع ونسج خيوط ثورة الربيع العربي، ليست تونس وحدها المعنية بهذا الأمر فقط، بل لقد شاهدنا بالأمس القريب كيف استطاع حزب العدالة والتنمية المغربي أن يقفز هو الآخر في المجال الديمقراطي ويحقق الغالبية في انتخابات البرلمان المغربي وبما يزيد عن 105 مقاعد وبفارق كبير عن أقرب منافسيه والحال كذلك حسب اعتقادي سيكون في مصر العربية التي لا يقل شعبها وعياً عن بقية شعوب المنطقة العربية وأنا هنا لا أكرس أو أشجع أو أتمنى للأحزاب والتنظيمات الإسلامية الفوز لحاجة في نفس يعقوب أو لأمر ما في النفس..
لكن أليس من حق هؤلاء أن يكون لهم حضورهم الحقيقي وبدون ضغوطات؟، أليست الحركات والتنظيمات والأحزاب الإسلامية هي من أبناء هذا الشعب؟ لماذا حلال على الليبراليين والقوميين وغيرهم وحرام على هؤلاء؟ ثم ما معنى الديمقراطية إذا كنا لن نحتكم للصندوق؟، ألم تنتظر تلك الحركات والتنظيمات العريقة طويلاً وصبرت وناظلت حتى وصلت إلى سدة الحكم وبدون خسائر جسيمة وبلا انقلابات عسكرية، ثم إن من حق أي تنظيم سياسي أو حزب سياسي عربي أن يكون له الطموح بالوصول للسلطة لكن الوصول للسلطة، لا يعني نهاية المطاف وإنما هو البداية الحقيقة للنجاح، إما تستمر أو أن ترسم معالم نهاية تاريخك كحزب أو تنظيم سياسي ولك الخيار في ذلك.
لم يعد هناك حلول وسطية، كما أننا لنتمنى كعرب حقيقة أن تفهم هذه التنظيمات والأحزاب السياسية الإسلامية العربية أصول اللعبة السياسية وتحقيق التنمية للشعوب إذا ما أرادت الاستمرار والبقاء، فتجربة الحزب الإسلامي التركي تعد أنجح التجارب في المنطقة والعالم فلو استطاعت الأحزاب الإسلامية العربية أن تتمثل التجربة التركية في التنمية الشاملة، فإنها بذلك تكون قد وضعت أول مداميك النجاح وحافظت على وجودها وديمومة العمل السياسي الراقي والبقاء كقوى فاعلة في المجتمعات العربية، صدقوني الشعوب العربية قاطبة لم تعد لها من هم سوى التنمية والقضاء على البطالة والفساد، لقد سئمت شعوبنا وطيلة عقود حكم الفرد الأوحد أو الحاكم بأمر الله المطلق، فالشعوب العربية اليوم تبحث عن مستقبل ووجود لم تعد بحاجة للشعارات الرنانة الكاذبة.
إن المجتمعات العربية تنادي بالحرية والعدالة وتريد إعادة صياغة مشاريع نهضوية للبناء والتنمية ومقاومة كل أشكال الهيمنة والاستلاب، نحن الآن أمام مرحلة جديدة من تاريخ الأمة أما أن نكون أو لا نكون وللحديث صلة.
Abast66@hotmail.com