حدثان هامان مرت بهما اليمن أمس السبت، الأول تمثل في أداء حكومة الوفاق الوطني اليمين الدستورية أمام نائب الرئيس، ولأول مرة تتم هذه المراسم منذ ثلاثة عقود دون وجود الزعيم الضرورة والقائد الأوحد لكل شيء حتى لطابور الصباح عند مناصريه الذين يبيعون وجبة الغداء للمارة في التحرير ومدخلي الاستاد الرياضي من الشمال والغرب، بـ(500) ريال مقابل الاحتفاظ على بقائهم في مواقعهم وخيامهم، ويا ويل من يؤخر الغداء عنهم فالنتائج ستكون كارثية الجميع يدركها..
أما الحدث الهام الثاني فقد تمثل في تسلم الثائرة اليمنية العربية المسلمة توكل كرمان لجازة نوبل للسلام، والتي بدورها قبلت أن تمنح لها الجائزة باسم الشباب العربي الثائر، واعتبرته اعترافاً عالمياً بانتصار الثورة اليمنية وكل الثورات العربية على الحكام الطغاة، معلنة نهاية عهد الظلم والديكتاتورية والقهر، وبداية عهد جديد من الحرية والكرامة والديمقراطية.. توكل كانت رائعة بالكلمات التي صرحت بها حنجرتها في أوسلو العاصمة النرويجية كروعة الشباب الثائر في ساحات الحرية وميادين التغيير الذين يرسمون بصمودهم ودماء شهدائهم الغد المشرق ليمن الحرية والكرامة والمساواة والعدل والعيش الكريم..
توكل حاكت السلام بلغة المقهورين والمسحوقين والمغلوبين على أمرهم في اليمن وغيرها من بلاد العرب الرازحة تحت وطأة الديكتاتوريات، كرمان نسبت بآمال وتطلعات الشباب والشعوب التي تنشد الحرية والكرامة بسلام فاستحقت نوبل للسلام ويا سلام عليكِ يا توكل بتلك اللغة والكلمة التي تحاكي كل إنسان سوي يعشق الحرية ويأبى الظلم..
وعوداً على الحدث الأول المتمثل في حكومة الوفاق الوطني فالكل يدرك أن هذه الحكومة حكومة إنقاذ فعلاً كما قال رئيس مجلس الوزراء محمد سالم با سندوة يوم أمس، أكثر منها حكومة وفاق، وبعيداً عن اختلاف المسميات فإن الشعب اليمني يعرف التركة الثقيلة التي ستتسلمها حكومة باسندوة، وحجم التحديات والصعوبات التي تنتظر أعضاء هذه الحكومة، - رغم اعتراض جل أعضاء الحزب الحاكم قبل المعارضين على توليفة الشعبي العام من الوزراء التي أثبتت عدم جدية المؤتمر في التعامل مع المرحلة القادمة – ومن هذه التركة الثقيلة على الحكومة أن تعي جيداً أن الشعب ينتظر أيضاً معالجات فورية لعديد قضايا جلها اقتصادي بالدرجة الأساسية، تبدأ من إعادة التيار الكهربائي وإنهاء حالة العقاب الجماعي، وتوفير المشتقات النفطية بأسعارها قبل اندلاع ثورة الشباب المباركة، وإعادة جميع الخدمات إلى طبيعتها كالنقل والاتصالات، وإعادة الحد المتوسط من الاستقرار الاقتصادي المتمثل بتوفير السلع بأسعارها الطبيعية وضبط مسألة التلاعب بالأسعار.. هذه الأولويات إلى جانب ما يجب أن تنجزه لجنة الشؤون الأمنية والعسكرية في إنهاء كل المظاهر المسلحة وإيقاف عنف الآلة العسكرية ضد جميع المواطنين المسالمين في كل محافظات الجمهورية، وإعادة الأمن والاستقرار، ملفات هامة على الحكومة أن تعرف أن الشعب يعلق عليها الأمل في ذلك كمرحلة أولية، وهنا يجب التنويه إلى أن على الحكومة أن تضع برنامجاً زمنياً لكل الأولويات وبرنامجها الذي ستضعه كخطة عمل كي يستطيع الشعب أن يستعيد الأمل وروح التفاؤل.
وبعيداً عن القول بأن ما أنجز حتى اليوم من توقيع وإزاحة صالح من المشهد السياسي والسلطوي – وإن حالة لتظاهر بغير ذلك واجتمع مع الحكومة المقالة – بالإضافة إلى تشكيل حكومة الوفاق لا يحسب لشباب الثورة وإنما جزء من الحل السياسي، وهنا أقول بأن هذا حجود ومغالطة للذات، والجميع يعرف بأن ما تحقق كله بفضل الصمود الأسطوري لشباب الثورة الذين حتماً سينجزوا كل أهداف ثورتهم، سواء في ظل حكومة وفاق أو غير ذلك فاليوم لو حكم من حكم فالسلطة لم تعد بيد أحد غير حضرة الشعب وهؤلاء الشباب الرائعين الذين قد أكدوا أنهم سيرسمون يمنهم الجديد من ساحات حرياتهم وميادين التغيير، التي يصوغون فيها أعذب الألحان لمستقبل وغد مشرق يضبطون إيقاعاته مسبقاً بما تعلوا به هتافاتهم وتزمجر به حناجرهم "الشعب يريد بناء يمن جديد – الشعب يريد الحرية والكرامة".