خاطرة (1)
إذا كانت المبادرة الخليجية قد أعطت الحصانة لصالح وأولاده مقابل خروجهم الكامل لحقن الدماء وتخفيف الكلفة على الشعب اليمنى، فهذا لا يصلح إلا في الأمور العامة، أما الدماء فهذا أمر مستبعد شرعياً وقانونياً ولا يحق لأحد التنازل عنها أو التفاوض فيها سوى أولياء الدم وأسر الشهداء حسب الشرائع السماوية والقوانين الدولية.
وهذا ما أكده أيضاً المبعوث الدولي جمال بن عمر، هذا ما يجب على الثوار في الساحات أن يدركوه، أن يشتغلوا فيه تصعيداً ومطالبة وعلى أسر الشهداء والمنظمات القانونية أن ترتب البراهين وتحشد الإدانات وتعد ملفات القتلة، تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة سواء أمام القضاء المحلي الذي سوف يكون نزيهاً ومختلفاً بعد رحيل صالح أو أمام القضاء الدولي، بعيداً عن الحصانة التي لا تعنى الثوار، كما لا تعنى الشهداء ولا الجرائم المرتكبة ضد المتظاهرين.. يستوي هذا عند توقيع المبادرة في الرياض أو إقرارها في البرلمان، حيث لا شرعية لأي جهة للحديث باسم أولياء الدم والشهداء الذين يضعهم الشعب اليمنى تاجاً مضيئاً على رأسه ومشاعل متوهجة في تاريخه ترسم ملامح المستقبل ومعالم الحرية التي بذل الشهداء دمائهم رخيصة في سبيل تغيير صفحة الاستبداد الأسود والظلم الكئيب واستبدالها بصفحة الكرامة والمساواة والمستقبل العزيز الذي يجعل المواطن سيد نفسه والشعب صاحب السيادة العليا، وبضمانة الثورة المستمرة التي سوف تتحول بعزيمة الثوار ووعيهم إلى قيم وطنية وأخلاق حية في نفس كل فرد.. ثورة يتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل .

خاطرة "2"

الثورة الشعبية التي انطلقت قبل عشر أشهر من أجل أهداف وغايات واضحة المعالم لا لبس فيها، فهي ليست وسيلة ارتزاق يباع فيها ويشترى بالمبادئ الوطنية ومسلمات الثورة والجمهورية، لكننا ونأسف ونشعر بالأسى عندما نرى من يدعى أنه من أنصار الثورة، لكنه يمارس التبشير بالقوة الظلامية وينشطون بلا حياة في الدعاية لمعتقدات وأفكار تمجد الفرد وتقدس الأسرة والسلالية.
وهذا يصطدم كلياً مع أهداف الثورة الشعبية الشبابية ويسيء كثيراً لليمنيين الذين قدموا قوافل الشهداء من أجل التخلص من الفردية الأسرية وتمجيد العرق أو السلالة؟!، كما يسيء إلى أبناء تعز بالذات الذين يعتبرون مثل هذا المسلك إساءة لمحافظتهم وتاريخهم ولما يمتلكوا من رصيد تحرر وطني وعقلية مدنية واسعة الأفق.
وهي بذلك تنفر من الأفكار التي تحتقر الإنسان وتقسمه إلى درجات ومراتب وسادة وعبيد، نتمنى من هؤلاء يعلمون جيداً أن زمن الخزعبلات قد انتهى ولم يعد هناك مجال لانتشار الأوبئة التاريخية التي قد أكل عليها الدهر وشرب.

خاطرة [3]

لقد بدأ الكثير من أبناء الشعب يشعر بالتفاؤل والأمل بعدما تم تشكيل حكومة الوفاق التي تحدث عنها الرئيس بالنيابة ورئيس الوزراء بأنها حكومة إنقاذ وأن عليهم أن يعملوا كفريق واحد.. وبدأ الناس يتنفسون الصعداء، فالجميع واثق بأن اليمنيين قادريين على الخروج بوطنهم إلى بر الأمان.. والجميع ينشدون تحقيق أهداف الثورة بإقامة دولة مدنية قائمة على قواعد العدالة والمساواة والتنمية ولا يوجد خصومة بين اليمنيين وكل الفتن والخلافات والأزمات كان من وراءها النظام الذي سعى إلى إثارة الحروب الأهلية وتفريق اليمنيين الذين يقفون اليوم صفاً واحداً مع التغير وأسس الدولة العادلة والتبادل السلمي للسلطة وتحييد الجيش والإعلام والمال العام.
لقد ارتفع حلم اليمنيين واتضحت صورة حلمهم الواحد ولم يشذ عن ذلك إلا اللصوص الذين نهبوا ثروة البلاد والقتلة الذين قتلوا أبناء الشعب هؤلاء هم أعداء الشعب كله وهم من سيفعلون في هذه اللحظة كل ما بوسعهم لعرقلة عجلة التغيير ومحاولة تفجير الأوضاع، لأنهم يعلمون جيداً أن الاستقرار ونجاح المرحلة الانتقالية ستحقق أهداف الثورة وسيواجهون عندها مصيرهم العادل.