الاعتداء الذي تعرضت له مسيرة الحياة عند وصولها إلى العاصمة صنعاء يوم السبت، ما كان ينبغي أن يكون ضد مسيرة عزلاء من السلاح، لكنه الخوف والهلع المسيطر على قلوب من لا يزالون يعتقدون ببقاء صالح وأتباعه، شباب مسيرة الحياة حملوا الحب والسلام في قلوبهم لليمن ونادوا بمطلب واحد هو محاكمة من كان وراء قتل الأطفال والشباب والنساء في الساحات وهو مطلب مشروع لا يمكن تجاهله لأن الدماء التي سالت والأنفس التي أزهقت لم يكن ذنبها إلا أنها قالت : لا للظلم ..لا للفساد ..لا للقتلة ..لا لنهابي خيرات البلاد، وبالتالي فان مواجهتها بتلك الوحشية وبذلك الصلف والغرور من قبل بلاطجة وعصابة العائلة هو تحدي لتوجيهات الداخلية في حماية المسيرة حتى وصولها إلى الساحة، وهو ما حدا بوزير الداخلية قحطان إلى إعلان استقالته لباسندوه الذي طالبه الأخير بالتريث .
وفي الوقت الذي تُضرب المسيرة وتُقنص، يخرج لنا السفير الأميركي جيرالد فايرستاين بتصريح أعوج لا ينبغي أن يصدر من رجل سياسي يعرف حقيقة الأمور الجارية في اليمن قبل اليمنيين أنفسهم، واتهام السفير للمسيرة بأنها ليست سلمية وهى تثير الفوضى، ولا نعرف كيف فسرها أنها غير سلمية، هل كانت تحمل قاذفات الصواريخ لترمي بها قصر الرئاسة ؟، أم كانت تستقل طائرات الميج لتقصف بها النهدين وما جاورها، أم كان كل واحد لديه رشاش وآلي ؟ تصريح أستفز الأميين، ناهيك عن الواعين والمثقفين والثوار أنفسهم ولا يزال أثرها يجتر على الساحة، حيث بدأت حملة المطالبة برحيله كونه شخصية لم يعد مرغوباً به من قبل الشعب قبل السلطة "حكومة الوفاق "، لقد عميت بصيرتك يا جيرالد فايرستاين، فبعد هذه الفترة الطويلة من زمن الثورة ألم تعرف بعد أن الثورة الشبابية الشعبية سلمية، وأنها لم ترفع سلاحاً، ولم ترمي قذيفة، هل كنت واعي وأنت تصف مسيرة الحياة بتلك العبارة ؟، أم أن هناك ما كان وراء قولك أردت أن ترضي به صالح قبل رحيله، أم انك تريد استمرار العنف ضد الثورة السلمية التي أجبرتكم على الاعتراف بها وألزمتكم التحرك في اتجاه البحث عن معالجات ليس من أجل اليمن بل لخدمة صالح في الوقت الذي كان يفترض أن يكون موقفكم مع الثوار وليس مع نظام متهاوي، كلامك لم يسيء لمن في المسيرة فحسب، بل هو إساءة للملايين التي تابعت المسيرة وانتظرت وصولها إلي العاصمة لتعبر عن رفضها لحصانة القتلة .
أيها السفير إن كلامك نحو مسيرة الحياة لم ينقصها شيئاً، بل على العكس زاد من قوتها وثباتها اللذين لا تستمدهما من تصريح سفير أو زعيم أو أمير، بل قوتها مستمدة من قوة الله تعالى و من وقفة الجماهير اليمنية في الساحات وتماسكهم وثباتهم من أجل نيل الحق المسلوب في ثنايا المبادرة الخليجية وهو محاكمة صالح والقتلة واسترجاع أموال الشعب المنهوبة من قبل عصابة "علي بابا والأربعين حرامي ."
صالح الذي انبرى في مؤتمره الصحفي الأخير يتهكم على الثوار وعلى حكومة الوفاق الوطني وعلى المشترك ويتهم الثوار المشاركين في مسيرة الحياة بان كل واحد استلم مائة ألف ريال من شخصية تجارية سماها هو وأنا لن اذكرها لأننا لست بصدد الدفاع عنه، فهو اعرف كيف يرد على مثل تلك التخرصات التي قالها صالح يريد بها استمرار بث سمومه بين الشعب وتفريق كلمتهم وشق صفهم كما اعتاد منذ 33 سنة .
إن خروج مسيرة الحياة وقطعها تلك المسافة في ظل ظروف مادية صعبة يعانيها الثوار فيها ويقاسون شدة البرودة وطول الطريق لهي علامة أكيدة أن الإرادة التي تتجاوز الماديات لا تفكر بشيء سوى تحقيق الهدف الذي من اجله خرجت ومن ورائه ضحى الثوار بوقتهم وجهدهم وأرواحهم، فلو كان أولئك الجمع من شباب مسيرة الحياة مهزوزي الإرادة أو ضعيفي العزيمة لكان كل واحد عطف ورجع مع أول موقف صعب واجههم لكنهم قالوا للدنيا كلها نحن شعب العزة والكرامة لم يعد هناك من يوقفنا أو يذلنا أو يقهرنا، قالوا لصالح وأتباعه في كل خطوة ساروها نحن أتيناك من تعز الأبية، تعز الثورة التي أقعدتك على كرسي الحكم لننزلك من عليه، ونشهد لحظة رحيلك من المشهد السياسي ونتفرغ لك ولمحاكمتك .
ووالله إن الدموع كانت تذرف من العيون وأنا اقرأ وأتابع تحركها ووصولها إلى إب وذمار ويريم وما كان من أهل تلك المحطات من مواقف عظيمة مع الثوار، إن مسيرة الحياة أحيت أمة بعد أن أرادوا إخماد جذوة الثورة بتوقيع المبادرة الخليجية، ومنح صالح الحصانة، ووحدت شعباً ضد كل مخطط لتمزيق وتفريق الشعب بصيحات الانفصال والتشكيك من استمرار الوحدة، فهاهي الجموع الغفيرة في عدن وحضرموت وكل مناطق الجنوب تتجاوب مع مسيرة الحياة وهاهم يقفون معها، ومسيرة الحياة لن تتوقف حتى تحقيق الأهداف، وهاهم ثوار ساحة الحرية بتعز يحضرون لمسيرة الوحدة التي ستنطلق إلى عدن خلال الأيام القادمة لتعلن للعالم أن أبناء اليمن يداً واحدة وان الشعب سيتجاوز عثرات صالح التي وضعها في طريق وحدته وسيزيح معاول هدم جسور المحبة والتلاحم بين أبناء الشعب الواحد .. فعدن تعانق تعز وحضرموت تحي صنعاء وكل الأرض اليمنية تتجاوب مع صيحات الثوار شاء من شاء واعرض من أعرض، فالوحدة لا تقبل القسمة على اثنين .
عبدالهادي ناجي علي
مسيرة الحياة أحيت أمة ووحدت شعباً 2118