لو كنتَ تناقش موضوعاً ما مع غيرك أو تشاهد حلقة تلفزيونية وفجأة شاهدك الآخرون وأنت تبتسم أو تضحك، فسيستغربون لان الضحك قد يكون لشيء مفرح أو مؤلم وقد يقول قائل هل الشيء المتعب والمؤلم قد يُضحك؟، فنقول نعم لان شر البلية ما يضحك وما حدث يوم الثلاثاء الماضي في البرلمان اليمني شيء مضحك ليس فرحاً ولكن عجباً! وألماً ! واستغراباً! ففي الوقت الذي كان البرلمان ينتظر في ذلك اليوم موفد الحكومة، مستصحباً معه قانون الحصانة القضائية الذي سيتم مناقشته من قبل البرلمان وذلك هو الخاص (بـصالح) وأقاربه وأركان نظامه المتورطين بقتل الثوار المتظاهرين وبالفساد ونهب المال العام ولتأخر موفد الحكومة عن الحضور تقدم المحامي والبرلماني اللامع عبدالرزاق الهجري بمذكرة إلى رئاسة البرلمان قدمها عن نفسه وعن عدد (31) من البرلمانين بغرض استكمال إجراءات ترشيح الرئيس بالإنابة (هادي) رئيساً توافقياً للجمهورية في 21/فبراير القادم وعلى الرغم انه كان من المتوقع لدى المراقبين أن تحظ هذه المذكرة بالنقاش الجاد وسرعة القبول من قبل ممثلي الحزب الحاكم في البرلمان وذلك لعدة أسباب منها أن (هادي) الرئيس بالإنابة ينتمي حزبياً إلى المؤتمر الشعبي العام بل وأمينه العام ولان المذكور مُتّفَق عليه من حزبه الذي ينتمي إليه ومن المعارضة على حد سواء ليكون الرئيس بالإنابة المنقولة إليه صلاحية الرئيس صالح منذو تاريخ توقيع الرئيس المنتهية ولايته على المبادرة الخليجية بالرياض وحتى تاريخ 21/فبراير القادم وهو تاريخ الانتخابات الرئاسية للمرشح التوافقي الذي سيتولى رئاسة الجمهورية اليمنية وبذلك سيُودّعُ اليمن عهد التسلط والظلم والاستبداد عهد حكم الفرد والأسرة عهد الفقر والبؤس والمرض وسيدخل في عهد جديد هو عهد العدالة والحرية والمساواة وقد تفاجأ البرلمانيون الحاضرون في المجلس المنتمون إلى اللقاء المشترك والمستقلين والمستقيلين من الحزب الحاكم كما تفاجأ المشاهدون المتابعون لمعطيات جلسة مجلس النواب سواء المقيمون داخل اليمن أو خارجه وأيضاً المتابعون للشأن اليمني إقليمياً ودولياً وذلك من الحركة التي فعلها رئيس كتلة المؤتمر الشعبي (سلطان البركاني)، حيث علا في المجلس صوته وانتفخت أوداجه معترضاً على المذكرة المقدمة من المحامي الهجري، ثم قام بمغادرة المجلس (حنقاً) وانسحبت معه كتلة المؤتمر التي يرأسها، الأمر الذي جعل رئيس المجلس الراعي يرفع الجلسة لمدة عشر دقائق وبعد انتهاء المدة المذكورة عاد المجلس للانعقاد وعادت كتلة المؤتمر إلى المجلس وبدا صوت البركاني وكتلته مرتفعة من جديد وأياديهم ترتفع إلى الأعلى ثم يضربون بها على الماسات عدا الشرفاء والوطنون منهم الذين لم يسلكوا ذلك السلوك، ناهيك أن ضجيج البركاني وكتلته واحتجاجهم كان على طلب تزكية (هادي) مرشحاً للرئاسة..
وقد أضاف البركاني قائلاً: إن من يريد الترشيح للرئاسة عليه الحضور إلى المجلس لا عبر المراسلة الغرامية وان على الحكومة أن تكلف الوزير المعني بتقديم مشروع قانون الحصانة إلى المجلس... الخ، ما تلفظ به المذكور ونحيل القارئ الكريم الذي يريد معرفة ما دار في الجلسة إلى فيديو جلسة ذلك اليوم، ناهيك أن المذكور كان قد هدد في جلسة الأسبوع الماضي أن الانتخابات الرئاسية لن تتم في 21 فبراير القادم ولا بعده، فبالله عليكم ماذا يريد البركاني وأمثاله من رموز الفساد؟ ولماذا ينفخ بالكير؟ وهل يَعُدْ يُجدي النفخ بالكير لدى الحداد؟ ولماذا يصب الزيت على النار؟ ولماذا يحمل الحقد والأنانية والشر للشعب؟، هل لان اليمن ظلت زمناً طويلاً بقرة حلوباً له ولغيره من الفاسدين رضعوا الحليب وشربوا الدم وكسروا العظام، فإذا كان المذكور يظن والظن إثم انه وأمثاله سيعرقلون تنفيذ المبادرة وسيعرقلون الانتخابات الرئاسية؟..
فعليه أن يعلم أن ذلك ضرب من الخيال وأضغاث أحلام، فاليمن اليوم لن يعود إلى مربع العنف والاقتتال والى ما قبل التوقيع على المبادرة ونقل السلطة من الرئيس إلى نائبه.. لقد كان يظن البركاني أن نواب المعارضة وغيرهم من الأحرار الذين استقالوا من الحزب الحاكم والمستقلين لن يقبلوا بإقرار ترشيح (هادي) للرئاسة توافقياً ولن يقوموا بتنفيذ المبادرة وآلياتها التنفيذية وعندما تيقن له إصرارهم على التنفيذ وإخراج اليمن من النفق المظلم الذي ادخلها فيه الحزب الحاكم، قام المذكور بالمشاغبة داخل المجلس ومعه بعض أفراد كتلته البرلمانية وقد ظهر من خلال تصرفاته انه يسعى مع من تبقى من حزبه إلى إفشال المبادرة الخليجية وإدخال اليمن في حرب أهلية ولكن الشعب اليمني ودول الجوار والمجتمع الدولي يكتشفون كل يوم مخططات خبيثة فاشلة يسعى رموز المحتمين بالحصانة القضائية الموعدين بها إلى تنفيذ هذه المخططات ولو كان يعلم أصحاب الأغلبية الفاسدة في البرلمان أن اللقاء المشترك وشركاءهم سيعرقلون المبادرة الخليجية لأثاروا عليهم الأشقاء و الأصدقاء كي يُمنَحَ الفاسدون فرصة استمرار البقاء في السلطة والحكم بالغصب، لكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأمريكا والاتحاد الأوروبي لم يعودوا يثقوا بــ(صالح) ورموز حكمه لان تاريخهم مليء بالمساوئ والفساد والتناقضات التي لا يقبلها عقل ولا منطق وعلى سبيل المثال (فصالح) هو من قدم المبادرة وطلب من الخليج رعايتها وإقناع المشترك بها وأيضا طلب من المجتمع الدولي كما طلب الحصانة القضائية له و لرموز الفساد لأنهم متهمون أمام الشعب والعالم بقتل وجرح آلاف الثوار وبالفساد ونهب المال العام والخاص ولو لم يكونوا كذلك لما طلبوا لأنفسهم قانون الحصانة، لان الإنسان البريء لا يحتاج إلى حصانة أو براءة والشيء الغريب أن البركاني قال مستدركاً في جلسة الثلاثاء (لسنا محتاجين إلى قانون حصانة) وهو يعلم أن الشعب اليمني والثوار في الساحات لا يؤمنون بحصانة لفاسد والعالم اجمع شاهد على ذلك من خلال سماعه للشعارات التي يرددها الشباب المنددة بالحصانة للقتلة، فكيف يتجرأ البركاني بالقول انه لا يريد حصانة ورئيسه هو من طلبها ولم يوقع على المبادرة إلا بعد أن اشترطها لنفسه وللقتلة من أركان نظامه من المحاكمة بما فيهم البركاني نفسه..
وإذا كان البركاني صادق القول فيما اشرنا إليه، فليستمر فيما هو عليه وليكن شجاعاً مع كتلته في رفض الحصانة ورفض الموافقة على مشروع القانون الذي ستقدمه الحكومة إلى مجلس النواب وحين ذاك سيكون صادقاً، لكن البركاني الذي يتهمه أبناء محافظة تعز التي ينتمي إليها بأنه هو المشرف من قبل نظام صالح على قتل أبنائها وتخريب بيوتهم ونهب متاجرهم، فكيف يتسنى لمتهم بالتحريض والقتل والإبادة والفساد أن يقول بأنه ليس بحاجة إلى قانون حصانة وإذا كان كذلك فعليه أن يقنع (صالح) بترك طلب الحصانة ويجعله يظهر على التلفاز متنازلاً عن طلبه الحصانة من المحاكمة وهذا من رابع المستحيلات، لان المؤكد أن جميعهم سيدخل قفص الاتهام وسيَحْكُم القضاء بما يستحقونه ولذا كان شرط صالح الأساسي في المبادرة انه لن يتخلى عن السلطة إلا إذا مُنِحَ الحصانة مع عائلته وأركان نظامه المتورطين بجرائم القتل ضد الإنسانية وبالفساد، علماً بان المواثيق الدولية والقانون الدولي وشرائع السماء وقوانين الأرض لا تجيز حصانة لقاتل.
anomanlawyer1@gmail.com
أحمد محمد نعمان
النّفخُ بالكَيْرِ.. لم يَعُدْ يُجِدي لَدَى الحَدّاد 2381