لا أدري كيف يفكر بعض إخواننا الثوار الذين حولوا موضوع المحاكمة والقصاص للشهداء إلى الهدف الرئيسي للثورة بينما هم لم يحققوا بعد الهدف الذي خرجوا من أجله والذي استشهد الشهداء الأبرار في سبيل تحقيقه وهو الرحيل وإسقاط النظام. فشهداء الثورة السلمية لم يقدموا دماءهم ويذهبوا للموت لكي يصنعوا قضية المحاكمة و القصاص من قاتليهم إلى هدف يزاحم الهدف الذي استشهدوا من أجله, بينما الهدف الأساسي الذي سوف يجعلهم ينامون مطمئنين في قبورهم لم يتحقق بعد, فالعقل والمنطق يقول إنه في وسط المعركة وقلب الثورة الواجب أن تتركز الجهود إلى الهدف الرئيسي للثورة، المتمثل بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" من أجله تكون التضحيات ومن أجله تؤجل كل المطالب الأخرى لأنها تكون بلا معنى قبل تحقيق الرحيل، فإذا لم يتحقق الرحيل فمن باب أولى أن لا تتحقق المحاكمة العادلة، وإذا تحقق الرحيل فكل الأهداف سوف تحقق منها المحاكمة العادلة والقصاص لدماء الشهداء من القتلة في الوقت الذي سوف يصبح الشعب هو الحاكم والمنتصر، سوف تصبح الحصانة كلمة بلا مضمون، لاسيما إذا كان إعطاؤها جاء كان تحت الضغط والإكراه والتهديد بتفجير البلاد في مقايضة بين الرحيل والحصانة أو البقاء في السلطة والقتل والتدمير.
فرفض إعطاء الحصانة للنظام مقابل الرحيل النهائي، تحويل القصاص للشهداء إلى الهدف الرئيسي للثورة الذي وقع به بعض الثوار ليس في صالح اليمن لأنه سوف يعطي مبرراً للنظام  بأن يتنصل من التزاماته التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ويرفض الرحيل وبالتالي إدخال البلاد في دائرة العنف والانزلاق في حرب أهلية سوف تكون نتائجها وخيمة وأعتقد أن الثوار خرجوا من بناء أجل اليمن ليس من أجل تدميره والقضاء عليه..
إن نجاح الانتخابات الرئاسية التي ستتم في "21" من فبراير القادم سوف تحقق أول أهداف هذه الثورة وهو رحيل رأس النظام، لذلك من الواجب علينا جميعاً أن نسعى إلى إنجاحها وعدم إعطاء أي مبرر للقوى التي لا تريد نقل السلطة وإفشال الثورة، هذه الانتخابات ما هي إلا نتاج من نتائج الثورة، لولا الثورة ما كانت ستتم بهذه الصورة .
الثورة لن تنتهي بإجراء الانتخابات وعملية نقل السلطة بل سوف تبدأ الثورة الحقيقة ـ ثورة البناء وإقامة الدولة المدينة الحديثة التي هي الهدف الرئيسي للثورة، فالواجب على الثوار أن يستعدوا لهذا المرحلة لأنها أهم مراحل الثورة التي قد تستمر سنوات وعقوداً، وأعظم وفاء للشهداء هو أننا نحقق الأهداف التي استشهدوا من أجلها.