ليست اليمن وحدها في خطر الإرهاب، إنها دول المنطقة والمملكة العربية السعودية في المقدمة، والمصالح الأورو أميركية أيضاً في دائرة الاستهداف، باعتبار أن النظام اليوم تحرك وفق نظرية (عليّ وعلى أعدائي )، وإنه انتقل إلى اللعب بالورقة الأخيرة وهي أخطر أوراق اللعب كلها, فالواضح أن الإرهاب اليوم يمول بالعتاد الكامل ويجتاح بسرعة الضوء مناطق يمنية عدة، ويعمل على إقامة إمارات وتحالفات ما كان له أن يقدر عليها لولا وجود قوى تمنحه كامل التسهيلات.
ومثلما حدث في أبين وتخلت الجهات الأمنية عن قواتها للقاعدة وتمكنت من الوصول إلى قلب أبين لتجد أمامها من الآليات العسكرية ما يجعلها قادرة على الهجوم واكتساح مناطق لتضم إليها ..ذات الأمر يحصل في رداع, فالقاعدة تجد مأوى ومرتعاً لها، وتحالفات معها في الخفاء والعلن، وتقدم لها إمكانيات وتستعد الآن لمواصلة الزحف باتجاه دمت والرضمة ومواقع أخرى ـالله يعلمها أين ستبدأـ وقد أتضح فعلا أن ثمة علاقة تربط هذه القاعدة بالنظام وأن تيسير السبل بات هو الورقة الأخيرة التي تستخدم من قبل النظام لخلق فوضى تجتاح اليمن ومنها إلى دول المنطقة لنصل إلى ما أطلقه علي عبد الله صالح بمعناه الدقيق وهو( صوملة اليمن) .وكنا حين ذاك لا نبالي بهكذا كلام ونرى إليه أنه مجرد تهديد ووعيد نتاج ما يعيشه من أزمة بفعل ثورة الشباب السلمية، غير أن ما لوح به كسيناريو أخير ومحتمل هو الآن ينفذ وبوتيرة متسارعة تسانده تقطعات عديدة، لناقلات المحروقات وسطو وقطع طرق وحرب في دماج.
.وإذاً لا يمكن أن تكون المسألة هنا اعتباطية ومجرد مناخ ملائم وجدته القاعدة واستغلته, إن هذا ليس وارداً بكل تأكيد ولولا الداعم القوي وتخلي مهام السلطات المحلية عن مسؤولياتها بترتيب مسبق مع النظام، لما وصل الأمر إلى مستوى رداع وما بعد رداع وسيتنامى ويكبر ليصل إلى خطر حقيقي لدول المنطقة في ظل المزيد من الدعم واستغلال بقايا النظام نفوذه لتحريك القاعدة بالطريقة التي تكشف عن مستوى عالٍ من التنسيق المبكر مع ذات القوى التي لها مصالح قوية مع النظام، ولها قدرة اتصال وثيقة مع الإرهاب وهي الآن تشتغل بتصوير ما يحصل أنه نتاج ضعف البلاد والعباد, وأن لولا النظام الذي كان يشل حركة القاعدة لما وصل الحال إلى هذا المستوى.
والواقع أننا أمام تحولات خطيرة أدخرها النظام ومكنته المبادرة الخليجية من الاشتغال عليها، لنقع جميعا ًفي مرمى القادم المتعدد من الفوضى ما لم يكن هناك سرعة في نقل السلطة بالكامل وتغيير سريع في قيادات الجيش وإعادة تموضعه وترتيبه فإن ثمة متغيراً ليس لليمن فقط ولكن لما بعد اليمن، للسعودية التي ستجد نفسها محاطة بالخطر على طول الحدود الجنوبية لها، والشرقية هناك وليس ما يحدث من تتابع في الاحتجاجات داخل السعودية في المنطقة الشرقية بمعزل عن الذي يجري في اليمن, فكل المخطط يؤدي إلى فوضى المنطقة وتضرر المصالح الأورو أميركية.
وهنا علينا القول إن القادم رهيب وإن ثمة مخططاً مفزعاً سينال الجميع وتنفيذ سيناريو صوملة اليمن قد بدأ فعلاً ..فهل يعقل الجيران .ويدركون ما هم فيه وما يجب عمله؟ أم سيظلون يكتفون بمبادرة تعطي مساحة واسعة للنظام ليلحق الضرر بالجميع بفعل الآلية وما نسميه تزميناً وهو فسحة وقت ليلقي عصاه على الساحة اليمنية؟ وهي عصا القاعدة والإرهاب والتقطعات واحتجاز الناقلات وقطع الكهرباء والحرب في دماج ومتعاقبات في أبين ورداع..
وإذا فإننا مع مستوى غير مسبوق من التعامل مع المجاميع الإرهابية، التي تفتح لها السجون ويترك لها عتاد عسكري،وتتساهل سلطات محلية لدخولها مناطق ما كان أحد يصدق أن ذلك يتم ,وإذاً لقد عقد النظام العزم مستغلاً تنحيه الصوري لصالح نائبه ليلعب لعبته الأخيرة, وهي الأقوى والتي في الأخير تتحول تبعاتها في المسؤولية للحكومة الحالية، وللنائب/ عبد ربه منصور هادي، ومالم تحدد بالضبط هذه الحكومة الوفاقية موقفها مما يجري وتكشف الأبعاد وراء ذلك, فإنها ستبقى مدانة فعلاً بل ومتواطئة وغير جديرة بقيادة البلاد وكل عضو فيها مشارك حتى وهو صامت.
فالواقع لا يحتمل التغاضي والهروب والتطورات تأخذ منحى جد خطير، وليس من صالح أحد الاختباء ودفن رأسه كالنعامة في الرمال, لابد من بيان وموقف يوضح للوطن بأسره مجريات الأحداث وكيف ينبغي التصدي للإرهاب من خلال حكومة هي الآن قبلت بتحمل المسؤولية وعلينا أن لا نظل نكتفي بملاحقة النظام وتحميله المسؤولية بمفرده حتى وإن كان هو فعلاً، باعتبار أن السلطة والمعارضة كلهم سلطة اليوم .
وهنا لابد لأحزاب المشترك أن تحدد موقفها بالضبط مما يجري وأن تبين للجماهير مكامن الخطر ومن يشتغل عليه, ذلك أنها اليوم شريك حقيقي مع النظام ولن يشفع لها التباكي والهروب من المواجهة ومداراة الأمر.
وفي ذات السياق لابد لدول المنطقة من العمل بسرعة قصوى لتلافي ما قد يحدث خطراً على هذه الدول، وأن تضغط بنقل السلطة وإعادة هيكلة القوات المسلحة بأسرع وقت، فهناك سيناريو ينفذ ويستهدف الجميع, اليمن مجرد خطوة أولى تليها خطوات.
ولنا في الختام القول: إن اليمن ليست بحاجة أكثر إلى المساعدة كما هي اليوم في نقل سريع وعاجل للسلطة، بحيث يكون هناك مسئولية متكاملة يتحملها المعنيون بدلاً من هذا الوفاق الذي يشتغل كل من موقعه بما يحلو له ليحمل من يريد المسؤولية، ولاشك أن مكامن الخطر تنبع من هذا التوافق, سيما وأن مفردات في النظام تشتغل على الفوضى وتفسح مجالاً لها ومفردات من أحزاب المشترك تفضل البقاء تحت الصمت وكل ذلك يستفيد منه الإرهاب ومن وراء الإرهاب.
علينا إذاً أن نؤكد على أهمية نقل السلطة كاملها قبل فوات الأوان وقبل الـ(صوملة )القادمة التي كان يعيها جيداً الرئيس/ علي عبد الله صالح ويعد العدة لإخراجها من مواقعها إلى مستوى يهدد حياة وطن ويشل حركة ويخلق خصومات لا حصر لها بلاشك وتستهدف دول المنطقة في المحصلة ، وهنا علينا أن ندعو الدول الأوروأميركية ودول المنطقة إلى التعامل بمسؤولية حيال الداهم في اليمن, وندعو أحزاب المشترك إلى تبيان الحقيقة حتى لا تدان, سيما وهناك من يعمل على ربط القاعدة بالقوى الإسلامية وبالذات التجمع اليمني للإصلاح, ضمن تسويق هدفه تصفية حسابات يعرفها بلاشك الأخوة في الإصلاح،ولكننا فقط نشير إلى جوانب قادمة ربما قد تصيب بشكل أو بآخر قوى سياسية نتاج صمتها الذي سيقال عنه توطؤ ،ويمنح قوى الإرهاب ومن ينسق معها لمزيد من التوغل بغطاء الغموض وتقاعس الأشقاء والأصدقاء من نجدة اليمن وهي اليوم بكل تأكيد تعيش قادماً مفزعاً ينطلق من التمثل الكامل لمقولة (علي وعلى أعدائي).
محمد اللوزي
الورقة الأخيرة.. 1843