هم النخبة..هم الأبطال الميامين..هم الرجال,هم حماة الوطن وهم خيرة أبنائه.. رجال نذروا حياتهم وأفنوا أعمارهم في خدمة وطن تنكر لهم ولفظهم من أحشائه وتركهم على الهامش دون أي فائدة تذكر ودون قيمة أو معنى..أحبوه فكرههم, وأحتضنوه فرفضهم, وحموه فنكلهم وأخلصوا له فخانهم ولم تشفع لهم سنوات الشباب والعطاء الكد والكدح التي حملوا فيها أكفانهم على أكفهم وقدموا أرواحهم رخيصة وفداء ليمنهم..
تجرعوا المرارة وذاقوا الحرمان وتحملوا العناء والشقاء ورأوا الموت الآف المرات ولم يثنهم شيء ولم يردعهم أو يمنعهم خوف، كانوا مؤمنين أن الوطن فوق الجميع وأن الوطن أغلى من كل شيء وأنه بمثابة أمهم وأبيهم والإخلاص والتضحية من أجله واجب لا مفر لهم منه والمساس بمقدساته والعبث بها تعد سافر على حياة الشعب بأكمله وهذا مالن يرضوه..
ضباط تنضح الرجولة والشهامة والشجاعة من وجوههم وتتجلى الحنكة والرزانة في أفعالهم,كلهم كانوا من القادة الأفذاذ ومن الأبطال الأشاوس الذين يعتمد عليهم في كل زمان ومكان فمعاصرتهم للحياة وخوضهم لتجارب العمل العسكري أكسبتهم مقدرة وخبرة قلما تجدها في الكثير من ضباط هذه الأيام إلا أن حرب 94م الشعواء كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهورهم والصفعة التي المتهم، لأن النظام البائد "سرحهم" من مناصبهم وأعمالهم دونما سبب يذكر لتبدأ رحلة العناء والشقاء والحسرة على عمر مضى وسنوات كان لهم فيها صولات وجولات, سرحوا دون وجه حق ودون حتى أقل القليل مقابل ما قدموا وخدموا فلا أستحقاقات ولا حوافز ولا اكراميات ولاشيء من هذا كله سوى الحسرة والأنين والقهر..في غمضة عين أصبحوا متقاعدين قبل أن ينتهي عمرهم الافتراضي وأصبحوا شيئاً من الماضي يتقاضون راتباً زهيداً "وريالات" معدودة " لاتسمن ولاتغني من جوع" ولا تخفف من وطأة معاناتهم وحسرتهم على حياتهم التي قضوها في خدمة وطنهم الذي أصبحوا فيه بفعل فاعل خبر كان، ليس لهم أي وجود في خارطة العمل العسكري والمدني والمادي أي شيء..
ولأنه كان يحذوهم الأمل وكانوا يدركون انه لا يضيع حق وراءه مطالب وبعد سنوات من الصمت والحرمان ثاروا وملأو الدنيا ضجيجاً واستيقضوا من سباتهم وأعلنوا رفضهم المطلق لهذه السياسات التعسفية التي تمارس ضدهم دون غيرهم, فتكرم النظام البائد بحسنة يتيمة وحيدة في العام 2007م فضمهم لدائرة شؤون الضباط بصنعاء أيضاً دون حقوق ودون رد الاعتبار لهم ومن ثم ركن الغالبية منهم في ساحة المجلس المحلي بخور مكسر في حالة أشبه بحالة المتسولين الذين يأتون نهاية كل شهر لاستلام معوناتهم " عفوا" أقصد رواتبهم الزهيدة التي لا تفي بالحاجة والغرض في تجاهل واضح وعداء صريح وحرموا الامتيازات كالعلاوات,وبدل السفر,والغذاء, والفرش والمستحقات الأخرى التي استولى عليها المتنفذون..
حقيقة حياة بائسة ومؤلمة لأبطال ورجال الوطن ومن يلاحظ تدافعهم وتزاحمهم نهاية كل شهر أمام المجلس المحلي يدرك عمق هذه المعاناة ولكن ضنك الحياة وقسوتها هي من أجبرتهم على القبول بهذا الوضع الرديء وإلا لما احتملوا هذه المعاملة اللأنسانية التي استباحت كرامتهم وماء وجوههم وهم من أفنوا جل أعمارهم في خدمة وطنهم..
في الختام نتمنى أن يدرك الكل وبالذات حكومة الوفاق ووزير الدفاع معاناة هؤلاء الضباط ويعيدوا النظر في حياتهم المعيشية والعملية ويمنحوهم حقوقهم المسلوبة على أكمل وجه، عرفاناً لما قدموا..
fahdalbarsha2011@hotmail.com
فهد علي البرشاء
الضباط المسرحون في 94م..بين مطرقة الإهمال..وسندان عدم الاهتمام 2219