;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

خذوا الحكمة من بلاد الهنود 2403

2012-01-27 01:56:18


جلس الملك بين الحاشية فقال: بلادنا سعيدة واعتقد أنني مصدر السعادة التي يتمتع بها شعبي. قالت الملكة: بل لولا وجودي أنا، فلقد عرفتك شاباً طائشاً كثير النزوات، وكل يوم لك شأن، أنا التي وضعت عقلي في رأسك ورأسك هو الذي يدير الدولة وهذه الدولة أنا من يديرها.
قالت الحاشية: إننا مصدر هذه السعادة، فالملك لا يرى إلا بعيوننا ولا يحكم إلا بنا فنحن عيناه وأذناه ويداه، ونحن السلالم إلى الشعب ومن الشعب، فإذا كان المُلك عقلاً فلا عقل بدون جسم.
اختلف الجميع واتفقوا على أن يسألوا أحد الحكماء،.. سألوا الحكيم قائلين : ما سر السعادة في بلادنا ؛ أهو الملك أم هي الملكة أم هم الحاشية ؟.. نظر إليهم ضاحكا وقال : لا أحد من هؤلاء، وإنما سر السعادة في بلادنا يختفي وراء الأصدقاء الأربعة الفيل والقرد والأرنب واليمامة، فهؤلاء الأصدقاء يعيشون في سلام وحب وسعادة.. وفي يوم اختلف الأربعة حول أيهما أكبر سناً وأيهما أصغر سناً.!
قال الفيل: عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة أقصر مني.
فقال القرد: عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة تلقي ظلاً أصغر مني.
 وقال الأرنب: عندما كنت صغيراً أكلت أوراق هذه الشجرة.
 فقالت اليمامة: هل تعرفون أن هذه الشجرة كانت بذرة في منقاري وأنا التي ألقيتها في الأرض.
 فآمنوا جميعهم بان اليمامة هي أكبرهم سناً ولذلك كانوا إذا ساروا صعد القرد على ظهر الفيل وصعد الأرنب على ظهر القرد، أما اليمامة فتجلس على رأس الأرنب حين تلتقط ثمار الشجر وحين الشدة والجزع.
الخلاصة من هذه الحكاية التي أوردها الراحل الكاتب أنيس منصور في سياق حديثه عن الهند وشعبها الثري بتنوعه ومعتقده ولغته وحياته وكثافته وذلك ضمن كتابه الشهير ( حول العالم في 200يوم ) ؛ هي أنه لا يوجد شيئاً كبير أكثر من اللازم، بالمقابل لا يوجد شيئ أصغر من اللازم، فالكبير بحاجة إلى الصغير والصغير ينفع الكبير.
نعم ما أحوج هذه البلاد إلى تلاحم وتعاضد كل أبنائه، فكما قيل بأن الجبل لا يحتاج لجبل بينما الإنسان لا يستغني عن نظيره الإنسان، هكذا أيضاً هي الأوطان ففي الشدائد والمحن والخير والسلام لا مناص من الاعتماد على الإنسان، أكان كان هذا الإنسان صغيراً أو كبيراً! غنياً أو فقيراً، رجلاً أم امرأة !.
ما أحوج هذا الشعب إلى الصدق والشجاعة والحكمة، فالكذب والخوف والجهالة لا تشيد وطناً أو تقيم عدلاً ومجتمعا حراً وكريماً؛ بل تصنع جبروتاً وطغياناً وشعباً مضطهداً مستعبداً.. الشجاعة والجرأة تقود صاحبها إلى النجوم بينما الخوف يؤدي إلى هلاك صاحبه بحسب تعبير سينيكا، الحكمة الآن في أن يقول الإنسان ما يظن أنه صائب، أنه خير تجسيد لمقولة أمين الريحاني (إزرع الصدق والرصانة تحصُد الثَّقةَ والأُمانة)، إنه أفضل تعبير لكلام الله (واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين).
نعم..ما أحوج هذا الشعب إلى طاقة وجهد كل أبنائه الذين استبد بهم الخوف والنفاق والجهل ولحد صارت فيه الحكمة لعنة والصدق جريمة والشجاعة جنوناً، تصوروا مثلاً لو أن حكام هذه البلاد فعلوا فعلة الملك الهندي وزوجته وحاشيته !.
سيقول سفهاؤنا : لقد كذبوا وأنت الصدوق المنزهة، فمصائبنا من السماء ومن ذات أنفسنا، فأنت يا حاكم الزمان سادس الخلفاء الراشدين، الوطن من قبلك عدم ومن بعدك ندم، إنك الزعيم والفارس والقائد والملهم والحكيم والبار وووإلخ، وهذه البلاد أنت مالكها وهذا الشعب أنت ملكه الأوحد، لا حكمة إلا في عقلك،ولا صدق إلا ما تنطق به، ولا شجاعة إلا في ما تفعله في سبيلنا.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد