;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الثوار لا يحرقون صحيفة !! 2324

2012-03-01 05:53:47


حين نتحدث عن إحراق صحيفة فلا ينبغي التعامل مع المسألة وكأنها مجرد حادثة عابرة أقدمت على فعلها جماعة غاضبة أو رافضة لسياسة هذه الصحيفة أو تلك ؛ بل علينا البحث والغوص في مكمن هذا التصرف العدواني الهمجي، سنكتشف في نهاية المطاف أن ما فعله هؤلاء الساخطون الغاضبون بدءاً من صباح الاثنين ليس إلا تعبيراً عن لوثة في عقل وذهن من نظن أنهم ساسة وقادة.

لست هنا مدافعاً عن صحيفة "أخبار اليوم" وسياستها التي قد نتفق معها أو نختلف، لكنني وعندما يتعلق الأمر بحرقها وبمنعها من التداول والبيع فلا أستطيع الصمت إزاء جريمة نكراء محتقرة لقيم وشيم الحرية والحقوق العادلة.. إنني اشعر اليوم بالأسى والمرارة، كون مثل هذا الفعل يقترف في زمن الحريات وفي ظل الفضاء المفتوح، كما يزداد ألمي وحزني أن من يحرق الصحيفة يرتكب فعلته ثأراً واقتصاصاً لصحيفة الأيام وللجنوب وقضيته وقيادته.

المناضل الكبير والهمام وهو يدعو إلى مقاطعة ورفض صحيفة أخبار اليوم اليمنية ومنع دخولها إلى كافه مديريات محافظات الجنوب بدءاًَ من صباح يوم الثلاثاء القادم الموافق 28/2 /2012 م، إنما بفعله هذا يعيد إلى أذهاننا حقبة تكميم الأفواه وإغلاق وتأميم الصحف ومنها صحيفة الأيام التي يذرفون دموع التماسيح عليها الآن ؛ فيما فعلهم لا يتورع عن مصادرة وإحراق صحيفة أخرى وبداعي تشويه وتسميم محافظات الجنوب.

لنفترض جدلاً صدق البيان الثوري جداً والداعي أبناء الجنوب لمقاطعة الصحيفة لهذه الأسباب : (بنشرها للأخبار المظللة والكاذبة ومواصله نهجها العدائي الصارخ ضد أبناء الجنوب الأحرار وقضيتهم العادلة ومحاولاتها المستمرة الانتقاص من حق شعبنا الجنوبي وأهداف ثورته السلمية المتمثلة بالاستقلال واستعاده الدولة و كذا إهاناتها المتواصلة لشهداء ثوره الجنوب التحررية السلمية ووصفهم بأوصاف شتى لا تليق بالمستوى الإنساني والأخلاقي والمهني).

يا لهذه الصورة المأساوية، فالمناضل الهمام يدعو أبناء الجنوب كافة إلى مقاطعة الصحيفة (كرد فعل طبيعي على مواصله هذه الصحيفة تقديمها للمرتد عن قضيه شعبه المدعو عبدالله ألناخبي كأمين عام للمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب، في محاولات منها لتشويه سمعه نضال شعبنا والانتقاص من أهدافه التحررية عبر تصريحاته التي لا تمثل إلا نفسه).

ويضيف قائلاً: إن الجماهير التي وقفت بصدور عارية أمام آلة القمع العسكرية التابعة لنظام الاحتلال اليمني لن تعجز اليوم في منع دخول هذه الصحيفة الخبيثة إلى أرض جمهوريه اليمن الديمقراطية الشعبية وهى الصحيفة التي أصبح استمرار دخولها وبيعها في أرض الجنوب إهانة لشعبه الحر وثورته التحررية ولأبناء الشهداء والجرحى بعد أن حاولوا زرعها بديلاً عن صحيفة الأيام).
هكذا إذن، فالمسألة شخصية ورغبة في إلجام هذا الخائن العميل (الناخبي) الذي باع القضية أو رهنها لعلي محسن والشيخ حميد، إنه ذات المنطق الثوري المتطرف الذي أضاع الجنوب ردحاً طويلاً، لتكن صحيفة "أخبار اليوم" تصدر من الفرقة الأولى أو قصر الرئاسة فهل هذا سبب يدعونا لمصادرتها وحرقها؟ إذا كانت قد أساءت للجنوب وأهله وقضيته فكيف تباع وتوزع في محافظات الجنوب وبكمية كبيرة؟.

 كأنني اليوم أسمع أولئك المناضلين الثائرين وهم يهتفون ويهللون كلما تصاعدت ألسنة اللهب من الشياذر المحرقة في شوارع عدن،لا فرق بين الأمس واليوم سوى أن الذئاب الغُبر ـ وفق تعبير الكاتب بن حسينون ـ كان هتافهم (إحراق الشيذر واجب) بينما ذئاب الحاضر هتافها (إحراق الصحيفة واجب).

ما أذكره الآن هو أنني وحين انتقلت من صحيفة 26سبتمبر إلى صحيفة الأيام وتحديداً في نهاية العام 95م كنت قد عانيت من هذه العقلية الإقصائية الرافضة للرأي الآخر، وقتها لم أكترث بمثل هذه الأصوات الناعقة ولا بقسوتها علي وعلى الصحيفة التي أمثلها، فلكم وجدت نفسي نافياً صلة الرئيس علي ناصر محمد بالصحيفة، فكثير ما رأيت علامة الاستغراب والعجب بل قولوا الشك من اشتغالي في صحيفة ليست ثورية ويعدونها من بقايا الاستعمار والسلاطين.

كنت لا أود الحديث عن هؤلاء الذين لا يفقهون لغة أو خطاباً غير لغة البارود والحرق والتكسير، لكنني مجبر على الكلام خاصة بعد أن فاض بنا الكيل من تصرفهم وفعلهم العبثي والهمجي، لم يخطئ أحدهم حين عبر عن ضيقه ووجعه مما شاهده وسمعه قائلاً : (التتار عائدون، الجنوبيون هالكون). المصيبة أن إحراق الصحيفة ليس إلا واحدة من الأفعال المرتكبة باسم الثورة والقضية،فقطع الطريق وإغلاق السوق والمدرسة وحتى رفض الانتخابات ولجانها وصناديقها تحت تهديد السلاح والقتل كلها أعمال ثورية ونضالية وسلمية.

ما أعلمه هو أن ثوار أكتوبر لم يحرقوا صحيفة، بل على العكس كان كل مناضل طليعي منهم لا يعود من سوق المدينة من دون صحيفة أو مجلة أياً كانت يسارية أو يمينية مناهضة أم مؤيدة ! لم يقطعوا طريقاً أو يرهبوا مواطناً أو يعتدوا على مدرسة أو منشأة خاصة أو عامة.. فيا ثوار الجنوب الكلمة لا تواجه برصاصة وعود ثقاب، بل تواجه بكلمة وخطاب، أنظروا وتعلموا من رفاقكم الثوار في الشمال الذين لم يقطعوا شجرة في شارع أو يحرقوا صحيفة حكومية أو حزبية أو شخصية مؤيدة للنظام وإن كانت إساءتها لثورتهم بالغة.

 لم يعلنوا مقاطعتهم للصحف والقنوات التي تحرض على قتلهم وتشيع الأباطيل والأكاذيب في ساحات التغيير، لم يعتدوا على صحيفة الثورة أو الميثاق أو سبتمبر لأنها ضد ثورتهم، لم يقاطعوا مؤتمرات الجندي أو يتوعدوه بالقتل والضرب نظير تزييفه لحقيقة محرقة تعز التي أنكرها وزاد أن اعتبر ضحاياها مجرد جثث تم جلبها من ثلاجة الموتى أو أنها من منطقة نهم، لم يفعلوا ما يستوجب الخزي والخجل.. أتدرون لماذا ؟ لأنهم وببساطة ثوار أحرار لا يقبلون الظلم والغطرسة والاحتقار للآخرين، لقد قاوموا القناة بالقناة والصحيفة بالصحيفة والكلمة بالكلمة والبيان بالبيان والصورة بالصورة والمعلومة الكاذبة والمضللة بالمعلومة الصحيحة والموقع المناوئ للثورة بموقع مناهض للنظام.. لذلك انتصرت الثورة بخلع الرئيس ومازالت في الساحات تنافح وتناضل وسط احترام وإعجاب العالم الحر.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد