تبقى القضية الجنوبية الهم الأول للوطن كله وهي في مصاف القضايا الوطنية التي لابد أن تطرح للحوار دونما أي تحفظات،ولن يستقيم الوطن ما لم يكن الحوار بشفافية ومسؤولية حيال هذه القضية في المقام الأول،لكون ماعاناه إخوتنا في الجنوب ليس قليلاً ومن حقهم أن ينالوا كامل حقوقهم،فرد المظلومية هي من موجبات الفعل الثوري.وماذا تعني الثورة إن لم تكن اقتلاع الظلم والطغيان والفساد واعترافاً بالآخر ودفع الضرر عنه ورفع الظلم الذي لحق به؟؟ وهو ظلم طال مداه وصار جرحاً غائراً في أعماق كل الشرفاء،ولن يهدأ لأحد بال أو يهنأ له عيش أو يجد راحة إلا حين يكون الجنوب جنوباً يزهو ويرفل بالحياة الحرة الكريمة،وحين نراه شامخاً أبياً، باعتبار الوطن لن يكتمل إلا حين ينال الجنوب العدالة كلها ويزيد عليها أن يكون الوهج الذي نأتي إليه ونعشق هواه وترابه وسماءه..الجنوب..هذا الذي لا يمكن مطلقاً تجاوز ما يريد ولاينبغي ذلك،وسنبقى كلنا في خندق النضال حتى يكون الجنوب جنوباً خالياً من العناء والمنغص والعنف وأعمال البلطجة والمزايدات التي استمرأت أكل الحرام على حساب الجنوب وقضيته العادلة ومظلوميته التي لابد من إزالتها.
وهنا فقط لابد من القول لأولئك الذين يزايدون باسم القضية الجنوبية ويلجأون للتطرف والعنف بهدف جعل الفوضى هي المعاش اليومي في جنوبنا وتعكير صفو الحياة في مياهه وسمائه وأرضه ـ نقول :نعرف أن مكمن الخلل فيكم وقد كشفتم القناع الذي لبستموه باسم الجنوب، حتى إذا ما سقط تبدى بوضوح بشاعة ارتهانكم على ذمة هذه القضية، بتوغلكم في المساحة السياسية حد الإرتهان الكامل لطهران،وهي من هي في إشعال الحرائق والفتن ومن تخطط للجنوب وأهله متشضياً تملأه الكثير من الحشرجات والآهات، باعتبار أن كل ما تمارسونه ليس سوى الحقد بدرجة عالية على الجنوب،فكيف تمثلونه وأنتم بلا قضية وتخشون الحقيقة وتجاهرون بالكراهية والحقد على كل ما هو إنساني رائع المعنى؟، وتريدون النيل من الكلمة حين تكشف سوءات (بيض)الجنوب لديه مجرد حقيبة ممتلئة بما هو مختلف ألوانه من العملات،وليس له من حضور سوى ما تروجون له وهو المتخبط في مواقفه المتقلب المزاج المريض نفسياً بتناقضات عجيبة يعيشها ولا يستريح قليلاً منها إلا حين يُراق الدم ويقبض الثمن ويزداد دخله مع كل فوضى يصنعها من خلالكم بأيديولوجيا منا طقية وطائفية تنتج الدمار الذي يصل إلى مسامع الآيات في طهران ليجزلوا له العطاء بما يرتكبه ـ عبر حراكه الإنفصالي ـ من حماقات تهدف لطمس القضية الجنوبية والنيل منها وتوتير الجنوب باستمرار حين تغيب الحلول، وهي مهمة الحراك القادم من طهران،المبني على أن لايكون هناك استحقاق كامل لأبناء الجنوب،وخلق مناخات من الخصومة المتعددة الأوجه لتبقى البلاد في حالة إرتباك يستقيم معه المخطط الفارسي،والمؤلم حقاً أن يتصدر هذه المهام من يدعون أنهم جنوبيون وهم أدوات الحرب والفوضى وصناعة الأزمات..
ولابد من القول لمن استمرأوا الحقد ويقتاتون منه لملء بطونهم ويريدون أن يكون الجنوب برميل بارود قابلاً للانفجار باسم القضية الجنوبية.. عليهم أن يكفوا عن ممارسة هذا الوباء اللعين وأن يكونوا بشراً أسوياء،وأن لايبقوا ملاحق سيئة لـ(البيض)البائع لكل تاريخه وقضاياه الوطنية بثمن بخس يمكنه من أن يرتع ويلعب في فندق فاره، بينما يترك لما يسمى حراك ( فك الارتباط) الدم والبشاعة ومخلفات الكراهية التي يشتغل عليها كتجارة حرام من خلال ممثليه المحترفي العنف في الجنوب بقلتهم التي تصل إلى الندرة، والذين ما زلنا نعول عليهم في أن يستيقظ ضميرهم قبل أن يلطخوا أياديهم بالدم فلا ينفع الندم،وأن يتقنوا المطالب العادلة ماداموا لم يقعوا في الجريمة التي تريدها طهران عبر البيض.. عليهم فعلاً أن يترفعوا عن التهديد والوعيد بإلحاق الأذى بالكلمة وملاحقة الحرف الصادق المعبر عن الحرية، فالجنوب لم يكن إلا منارة للكلمة وزهر القصيد وفي المقدمة عدن الحبيبة.. عليهم ونحن هنا نراهن على أصحاب القضية فعلاً أن يتبرأوا إلى الله من تفجير وضع، وملا حقة بريء وانتهاج عنف،فكل أبناء الجنوب من حب وسلم وأمل وأحلام طيبة تريد أن تجد تموضعها ذات زمن على أرض الواقع في شكل حرية وكلمة طيبة وقول صدق،نراهن على من لا يزال ينتمي للجنوب إنساناً وليس غولاً ووحشاً وظلاماً أن يكفوا عن العنف ومحاربة الكلمة وإطلاق النار عليها،و(أخبار اليوم )نموذجاً، سيما وثمة حراك طهراني يُرهب المواطنين قراءً وبائعين في الأكشاك أو على ناصية شارع أو على جولة ومن يشتغل بالحرف فكلهم مستهدفون.
ونحن نسأل هؤلاء القامعين للكلمة: ما ذنب طفل يطلب الله ببيع الصحيفة وعلى الجولات يريد خيراً لأهله وأنتم تضمرون له شراً، يمارس عملاً حلالاً وأنتم تريدونه بطالة وبؤساً؟ وما ذنب عجوز تريد أن تكسب 20 ريالا بعد كل عدد لأخبار اليوم تبيعه، فتجد من يصفعها ويبعثر ضمارها كله في الرصيف بلا شفقة لتعاود البكاء وتندب الحض وتتعثر قدمها وهي تتجه إلى من تأويهم بالدموع والدعاء على الظالم ؟؟.. هل هذه من شيم النفوس؟ وهل هذه عدن النقية وأهلها ؟وهل أنتم مع رفع المظلومية أو زيادتها باستهداف من يريد أن يكسب قوت يومه ولا يعنيه حراككم في شيء قدر ما يريد إشباع أطفاله الذين يترقبون عودته إليهم بكسرة خبز فلا يجدون غير قصة تهديد وصفعة لعجوز من طهران جاءت عبر من لا يخاف يوم وعيد ؟.
ونسأل أيضاً: متى حدث في التاريخ النضالي كله أن أحداً لديه قضية أستهدف الكلمة وأرهب الفكر واشتغل على الفوضى وتمادى حد ضرب عجوز قبل طلوع شمس الله ليجعلها تذرف دمعاً في مطلع اليوم إرضاءً لطهران ولمجرد أن معها 35نسخة من أخبار اليوم؟.
وإذاً هذا الحراك (البيضوي)خالي المعنى وخالياً من الشفقة والرحمة والحمية، فكيف له أن يحرص على الجنوب بسلوك لاإنساني!؟.. إنه بهذا الاحتراف للعنف يريد (عدنا) خالية من الحرية ونبل المعنى وقوة الكلمة،ويريد كل (عدن) جراحات تنزف ما لم تكن على ذات الرغبة الفارسية والنوازع اللامبدئية.. وإذاً التهديد والعنف لا يمس (أخبار اليوم) قدر ما يمس في الصميم الجنوب البهي في حياته وتطلعاته،فهم يريدونه مجرد ملحق برغباتهم وأهوائهم، وليست (أخبار اليوم) إلا المقدمة الأولى لمقدمات لا تنتهي في ضرب الحرية وعقر الكلمة وإرهاب القصيدة ربما.. لذلك إطلاق النار على مقرها في عدن إنما هو بمعنى من المعاني إرهاب يتساوق مع رغبة فارس في إشاعته،لاسيما وأن سفارة طهران طالما احتجت على "أخبار اليوم" وطالبت بإغلاقها لنجد من أبناء الجنوب من يقوم بهذه المهمة للأسف الشديد.
ولأصحاب الحراك الـ(فك ارتباط )كما يزعمون القادمين من طهران أن يدركو جيداً أن أبناء الجنوب لم ولن يكونوا رهائن قوى الشر ولن يقدر ثلة منتفعين تحديد اتجاه البوصلة لأبناء الجنوب وأين يتجهون ؟وماذا يعملون ؟، ولو كان لدى هذا الحراك شيء من المسؤولية لكان قاوم الظلم والاستبداد قبل الثورة ولما انطلق الآن يعيث فساداً ويدشن العنف بلطم عجوز على قارعة الطريق تبيع بضعة أعداد من "أخبار اليوم"، وكان عليه أن يقف بقوة ضد الظلم وليس ضد (أخبار اليوم) والكلمة التي لا حول لها ولا قوة سوى أن تكون معنى خالياً من الافك.. ونحن نعرف الحراك هذا لما هو اليوم بالضبط يشتغل على إرهاب المواطنين ومنعهم من بيع وقراءة أخبار اليوم،ونعرف أنه ينطلق من رغبات وأهواء ليس له فيها ناقة ولا جمل سوى أنه أداة ينتفع بها إلى حين لتنفيذ مخطط في الجنوب،وإلا ما معنى أن يبرز هذا الحراك الطهراني مستعرضاً عضلاته على الكلمة وحرية الرأي في الانتخابات ولم ينبس بشفة أو يرفع صوته احتجاجاً ولو مرة واحدة على الظلم والقهر في المحافظات الجنوبية طوال عهد الظلم؟، وأخبار اليوم وحدها من تبنت مظلومية الجنوب، واشتغلت عليها واستهدفت من أجل ذلك وأُحرقت باصات لها والكثير من الأعداد تمت مصادرتها وخسرت الكثير في سبيل إيمانها بقضية الجنوب،ليأتي اليوم متطاولٌ على عجوز وطفل وبائع في كشك يمارس إرهابه!!.
حقا إنه لأمر يؤسف له أن نجد من يريد إرهاق الوطن من خلال القضية الجنوبية،ونجد من يريد تمييع أهم قضية ساعة أعترف الكل بأهميتها ولديهم جميعاً قوة إيمان وعزيمة على حلها بلا أي تحفظات أو خطوط حمراء.. وفي المقابل يبرز غواة الانفصال وهواة العنف بأوامر من الخارج لاستهداف الجنوب بدقة وتحديداً الآن، فأين كان هؤلاء يوم أن واجهت (أخبار اليوم) الخطر بتبنيها قضية الجنوب ومظلوميته؟ وهل تكافأ من ثلة (طهران )على مواقفها؟..
وفي كل الأحوال ندرك أن من يستخدم العنف ليس سوى فاشل لا يملك قضية ولا روح حضارية ولا ينتمي إلا لطباع السباع..
محمد اللوزي
الجنوب.. منارة الكلمة وزهر القصيد 1943