;
فيصل الصفواني
فيصل الصفواني

كفى مزايدة باسم الجنوب 1789

2012-03-05 05:02:38


مازال الخلط بين العمل السياسي والعربدة السياسية قائماً ومهيمناً على مجريات الحدث الراهن في المحافظات الجنوبية.
فمنع المواطنين من ممارسة حقوقهم الانتخابية بقوة السلاح، وإغلاق مقرات اللجان الانتخابية وقتل بعض موظفيها، بالإضافة إلى إحراق مخيمات المعتصمين في مدينة عدن ومهاجمة جنود الأمن، أعمال إجرامية لا تنتمي للعمل السياسي المشروع ولا تمت إليه بصلة.
 كما أن هذه الأعمال لا تقل خطورة عن الأعمال الإرهابية التي كان آخرها حادثة انفجار سيارة مفخخة في مدينة المكلا عاصمة حضرموت صباح السبت الماضي.
مع الفارق بينهما أن حادثة السيارة تبناها تنظيم القاعدة، فيما بقية الحوادث المتزامنة معها وقبلها في التوقيت يتبناها أشخاص يدعون أنهم حراكيون مزايدون على الجنوب وأهله بالحرية وأوهام الاستقلال.
عندما قرر أحرار المحافظات الجنوبية الخروج لمواجهات آلة صالح العسكرية بصدورهم العارية بداية 2006، توارى عشاق الزعامات والمزايدون خلف أروقة الغياب، وعندما كانت ربات البيوت تقتل بقذائف كاتيوشا في الحبيلين والضالع ولودر وتدهس نساء محتجات في مدينة المكلا تحت إطارات أطقم الأمن المركزي، كان السيد علي سالم البيض منشغلاً بإدارة استثماراته وترتيب أوضاع أبنائه في منفاه الآمن، مديراً ظهره لما يحدث من جرائم في المحافظات الجنوبية والشرقية وملتزما حيالها الصمت.
أما الآن وقد نجح شباب ثورة اليمن السلمية في إسقاط مشروعية الاستبداد السياسي في صنعاء وعدن على حدِ سوء خرج علينا أباطرة العبث والتدمير السياسي من جحور صمتهم يلهثون خلف استحقاقات سياسيه لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
فهذا السيد علي البيض يبادر لافتتاح مكتب للمقاولات السياسية في عاصمة أوروبية، مدعياً أنه رئيس اليمن الجنوبي، ومبدياً استعداده لعقد أي صفقة على حساب الحق الجنوبي وأهله.
بل إنه وفي خطاب له مؤخراً أكد سعيه لعملية فك الارتباط الذي صنع عقدتها وهو الوحيد القادر على فكها.
وفي خطابه حاول البيض إيهام جميع المهتمين أنه لم يجد ما يغريه في الزعامة والسلطة سوى حرصه على تخليص الجنوب، لكننا لا نستبعد على البيض بدافع حرصه على مستقبل الجنوب أن يمدد عمره الرئاسي حتى ينتهي من إقامة جدار أسمنتي حاجز بين الجنوب والشمال من جهة وبين الجنوب ودول الجوار من جهة ثانية، كون الرجل لم يزل متمسكاً بتحالفه القديم الجديد مع روسيا وإيران ومازال مصراً على عدائه الجديد القديم لقيادة الرياض وأبوظبي ومسقط باعتبارها أنظمة امبريالية وفق المنهج الإيديولوجي السابق للبيض ورفاقه.
والاهم من هذا كله أن الرجل تعهد بنقل السلطة إلى شباب الجنوب فور انجاز الاستقلال، وبكل تأكيد أنه يعتزم تسليم الراية لزعيم جيل الشباب الدكتور/ عدنان البيض، الذي كان يشغل موقع الرجل الثاني بعد أبيه في إدارة الشأن الجنوبي من إدارة أمن عدن بعد إعلان الوحدة اليمنية، حيث كان البيض قد استبق في تكريس مشروع التوريث السياسي لابنه في عدن قبل ظهور أحمد علي صالح في صنعاء بسنوات، تماشياً مع حليفه السوري آنذاك.
 من وحي تجربته الشخصية يتبين إن المناضل البيض لا يتحلى بحكمة سياسية ولا يمتلك أدنى بوادرها رغم ما نكن له من احترام، فالرجل انفعالي وعاطفي كما وصفه المهندس/ حيدر العطاس، وقال عنه الشيخ/ أحمد بن فريد الصريمة إنه يساري متهور.
فعلاً أن الرجل لا يجيد سوى التهور الانفعالي في سياق احتفائه بانجاز مغامرات غير محسوبة العواقب ومثلما انفرد بقرار الوحدة الاندماجية الفورية دونما مراعاة لحقوق أبناء شعبه ومصالحهم، لا يزال الرجل واهماً أن بمقدوره الانفراد بصناعة ما يسميه فك الارتباط، وقد يجد الزعيم في أجندته ما يشجعه على إعلان مغامرة وحدوية جديدة مع أي دولة في القرن الأفريقي، مستقبلاً هذا إذا استطاع أن يعيد الزمن إلى ماضيه.
وفي فقرة مماثلة داخل المشهد ذاته يظهر المناضل/ حسن باعوم - بعد خروجه من السجن- موجهاً ندائه التاريخي لأبناء الجنوب يطالبهم فيه بالزحف نحو مدينة عدن لطرد الاحتلال الشمالي، في الوقت الذي كانت صوره تملأ ساحات الاعتصام السلمي في كل من صنعاء وتعز والحديدة.
وعلى خلفية المشهد ذاته يظهر مراهق جديد في الوسط السياسي على إحدى الفضائيات العربية، يدعى ياسر اليماني يهدد بإعلان الانفصال إذا خُلع صالح من الحكم، تلاه في صبيحة اليوم الثالث تصريح صحفي مشابه للمناضل/ سالم صالح محمد - الرجل الذي كان مرشحاً لمنصب نائب احتياطي للرئيس المخلوع.
أما المناضل الصالحي عبدالكريم شايف، فقد ذهب إلى حد تشكيل جماعات مسلحة ترفع علم الجنوب وتنافح من أجل عودة دولته بقيادة صالح أو أحد أبنائه.
في تقديري إن محنة الجنوب الحقيقية تكمن في فاعلية مثل هؤلاء وبقائهم على سطح المشهد الرسمي، وهم لا يجيدون سوى العربدة على حساب أمننا واستقرارنا في الشمال والجنوب ولا يريدون وحدة مستقرة ولا انفصالاً أمناً، لا يريدون سوى بلداً مضطرباً وبيئة سياسية منقسمة على نفسها تساعدهم على إنجاز مشاريعهم في الثأر السياسي والانتقام الشخصي.
ففي الوقت الذي يتجه فيه المجتمع الإقليمي والدولي نحو بناء دولة يمنية حديثة بعناصر جنوبية محضة وجعل قضية الجنوب على رأس أولويات الدولة القادمة نجد فئة العرابدة في الجنوب ينعقون بالرفض المطلق لأي حل سلمي.
بقي لنا أن نذكر أن الأشخاص سالفي الذكر رغم اختلافاتهم الشكلية فيما مضى، إلا أنهم التقوا جميعاً في نهاية المطاف بمشروع واحد تجمعهم الأساليب الهمجية في العمل والمصالح الشخصية، وبفعلهم تحول حراك الجنوب من ثورة سلمية حقوقية عادلة إلى موجة عنف مضطربة، قفز على سطحها المزايدون والانتهازيون والمنتفعون بدماء الأبرياء وحقوق البسطاء.
لكنهم بأي حال من الأحوال لا يمثلون مجتمع الجنوب ولا يحظون بثقته ولا يعبرون عن مطالبه ولا ينوبون عن وجهائه وحكمائه، إنهم مجرد بقايا مرحلة انتهازية فاشية تشكلت مطلع الستينيات من القرن الماضي وعانى منها جنوب يمننا الحبيب كثيراً وسيتم كشطها حالياً من ذاكرة التاريخ اليمني وصفحته السياسية والى الأبد.
Alsfwany29@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد