لا يختلف اثنان حول أن الماضي الذي عاشه الشعب اليمني طيلة 33عاماً كان أسوداً مقفراً مظلماً، والذي وصل بالشعب اليمني إلى حالة اليأس وعدم الحراك، هو ماضٍ أسود بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وضع فيه الشعب في نفق مظلم ليس له مدخل أو مخرج ولا يرى النور، والذي كاد أن يقضي تماماً على الشعب اليمني بكل مكوناته، فكل ما يحمله ذلك الماضي الأسود من آلا م كبيرة وجروح بالغة في جسد الشعب والوطن ومصائب وظلم وعذاب، ذلك الماضي الأسود الذي جعل الحاكم فيه الفقر والجهل حلفاء له في طموحه للبقاء مدة أطول في حكمه، هو ذلك الحاكم الذي قزم حجم المواطن اليمني في كافة ممارساته وتوجهاته حتى لحقت السخرية بالمواطن اليمني بعد أن فر من جحيم بلده إلى عناء وجحيم الاغتراب، لم يسلم من الاستهزاء بلهجة مسخرة من بعض الأشقاء بقولهم (أنت يمني)هو ذلك اللانظام الذي وصل بالمواطن اليمني إلى أدنى مستويات الذل والعناء، هي تلك السياسات الحمقاء التي أظهرت المواطن اليمني بأنه إرهابي مجرم قاتل، هكذا صورنا النظام السابق للعالم لكسب الكثير من المال، ولكن ما بدأت وانطلقت شرارة ثورة فبراير المباركة حتى بدا وانكشف زيف وكذب الحاكم عما نقله للخارج عن الشعب اليمني، فلقد فضحت الثورة وعرت( بسلميتها) عباقرة الدجل والزيف والخداع والمراوغة وأعلنها الشعب اليمني للعالم علانية ، لسنا كما يقول السفهاء، أما ترونا نواجه المدافع والدبابات ومضادات الطائرات بصدور عارية، ولدينا مخازن من الأسلحة بكافة أنواعها، سجل سلميتنا يا تاريخ، وحدها ثورة فبراير أعادت للشعب اليمني كرامته وعزته وهيبته، هي الثورة التي أثبتت للعالم عمق حضارة الشعب اليمني ووعيه الكبير نحو تحقيق أهدافه, لقد عانى الشعب اليمني كثيراً وذاق أصناف الضيم والعذاب والفقر والظلم وحتى القتل، فأصبح غير آمناً حتى في بيته وبلده، هي مآسي حقيقية عاشها الشعب اليمني ورمته في بركة العذاب، آلام لا تكاد تحصى أو تحسب من حروب وصراعات واقتتال بين الأخوة,حتى وصل الأمر أن يقتل اليمني أخاه ويهدم كلاً منزل الآخر هكذا طبقت سياسة النظام السابق وأوراق لعبه التي برع فيها، ومن آلام الماضي نهب الحقوق وانعدام العدالة وسيادة الفساد، وتعذيب المواطن حتى في قوته الضروري، وعدم الاهتمام بالتعليم والذي سمح للجهل بالتفشي والذي أدى بدوره إلى رمي المجتمع اليمني في براثن التخلف والانحطاط, هي كلها أوراق كسبها بعض الوقت ولكن الثورة وقفت أمام بغيه الطويل وقطعت دابر الفساد والمفسدين، في عهد النظام السابق وضعت اليمن في سجلات الدول المتخلفة في الفساد والفقر والجهل .
إن التهميش الذي لقيه الشعب اليمني من حاكم مستبد همه أسرته لا غير الذي في عهده تحولت الدولة إلى أسرة صغيره لتكون هي المستفيدة الوحيدة,حاكم يجمع لأبنائه الدنانير غير آبها بما في أمانته,تاركاً الملايين خلف ظهره، في عهده انعدم النظام والقانون والعدالة، يذهب المواطن إلى القضاء لينصفه ولكن لا حياة لمن تنادي فعدم وجود قضاء فاعل وصادق أدى إلى نتائج كارثية بين المواطنين نتيجة عدم حل النزاعات والوصول بها إلى الحل الصحيح بعيداً عن المحسوبية والرشوة، هي السياسات الحمقاء التي بذرت ونمت الصراعات القبلية والطائفية والحزبية والحروب التي لا طائل منها والذي كان الخاسر الوحيد هو الشعب اليمني بكل طبقاته .
بعد آلام الماضي البغيض أتت الثورة بمصباح الهداية والأمل لشعب ذاق طعم المر والعلقم في نظام متخلف عصبي جاهل خالي تماماً عن كل معاني الحب والوفاء والولاء للوطن والمواطنين والذي كان خالي تماماً من الوعي وإدراك مهام المسئولية وتحمل الأمانة، هي الثورة شعاع النور الذي أضاء لنا درباً سويا نمضي عليه نحو غايات سامية وأهداف مشروعة، هي الثورة التي أخرجتنا من كهوف الظلام وخفافيشها اللعينة، هي الثورة التي أعادت لنا البسمة ورسمتها على كل محيا وأعادت لنا الأمل وزرعته في أرواحنا، هي الثورة التي أعادت لنا الأخوة الصادقة والوحدة الحقيقية وتلاحم الشعب اليمني العريق مع بعضه البعض، هي الثورة التي أسقطت الأصنام واجتثت الفساد والمفسدين من جذورهم، هي الثورة التي عمقت معاني المسئولية الكبرى في الحفاظ على الوطن والمواطنين .
بعد أن مرت الثلاثة الأشهر ووصول يوم التغيير الفعلي (21فبراير)الذي انتظرناه وحسبنا الدقائق والثواني، هو الهدف الأول من أهداف الثورة إسقاط رأس النظام لتتوالى عمليات استئصال الجراثيم والفيروسات من جسد اليمن الحبيب,وبعد نجاح الشعب اليمني بوضع حجر الأساس للتغيير المنشود الذي انتظرناه كثيراً, ووضع الخطوة الأولى في سلم التنمية الحقيقية التي نحلم بها ونتوق إليها بإحساس عميق، هكذا الشعب اليمني أثبت نجاحه عكس ما الجميع ووضع البصمة الأولى في سجل التقدم والرخاء، ليصبح الرئيس الشرعي لليمن الآن هو المشير عبدربه منصور هادي الذي أعطاه الشعب كامل الثقة وكامل المسئولية ليبدأ الرئيس هادي ومعه حكومة الوفاق في ممارسة مهامهم في حل المعضلات والإشكالات والدفع باليمن إلى مراتب التقدم والرخاء وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وإعادة الكرامة والعزة للشعب اليمني التي سلبت منه في عهد صالح، كل الآمال معلقة بعد الله تعالى على الرئيس هادي وحكومة لحل معضلاته وإخراج اليمن إلى بر الأمان لتبدأ التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي كل نواحي الحياة، فاليمن ليس بلداً فقيراً فلديه الكثير من الثروات التي قلما نجدها في بعض الدول المتقدمة.. إذاً لا تنقصنا الثروات وإنما تنقصنا العقول الأمينة والأيادي البيضاء وها قد حصلنا عليها، فآمالنا كبيرة باجتثاث الفساد إلى الأبد والنهوض باليمن نحو التقدم والرقي، نحو الأمان والاطمئنان نريد يمن خالي من الحروب خالي من الأزمات خالي من المكايدات، أتت الثورة بالواحد والعشرين من فبراير ليزرع فينا الأمل من جديد، آمال كبيرة تنبض في قلوبنا, نريد حقوقنا التي طالما اعتبرناها أحلاماً نتمناها ليل نهار ونريد أحلامنا أن تصبح حقيقة في المستقبل القريب الذي يسوده الحب والوئام، ونأمل من الرئيس هادي وحكومة الوفاق البدء بالعمل الدءوب لإخراج اليمن من مأزقه والسير به نحو التقدم والرخاء.
نريد يمناً واحداً وشعباً واحداً وقلباً واحداً وجيشاً واحداً قوياً وهدفاً واحداً نريد اقتصاداً قوياً به نسابق الأمم في التقدم، نريد تعليماً صحيحاً وشباباً متعلماً ليرفع اليمن عالياً في سجل الإنجازات العلمية وفي كافة المجالات, هذا ما سعينا إليه وهذا ما بحثنا عنه, هذا ما قدمنا من أجله تضحيات جسام، فقد صبرنا طويلا على الذل والظلم و الفقر والحرمان ، ذقنا المرارات وتجرعنا شتى المآسي ركبنا الخطوب وجاوزنا الصعاب والملمات للوصول إلى هذا العصر الجديد، حلمنا بدأ يتحقق وأملنا كبير، لنتصافح ونرمي الحقد والجفاء وكل ذكريات الماضي السحيق، لنعبر معاً فوق جسر المحبة والوفاء جسر التوحد والإخاء جسر البناء والعمل من أجل الوطن الحبيب,لنزرع الأرض حباً ووداً,فلقد ظلمنا يمننا كثيراً ظلمنا أصل الحضارات وعبق التاريخ باختلافنا وبركبنا أمواج الكيد والشتات والضياع، يكفي ما مضى فقد ولى وانقضى، ولنفتح صفحة جديدة صفحة بيضاء يسود فيها الحب والسلام الصدق والصفاء، ولنحمل معاً راية العمل من أجل هذا الوطن المعطاء، توحدنا هو أساس وسر قوتنا ونجاحنا وتفوقنا، توحدنا هو جوهر تقدمنا، لنوحد الصفوف بالسير نحو المستقبل المنشود الذي طالما حلمنا به، لنرمي الماضي بحزنه وألمه ونعيش أخوة متكاتفين متعاونين، فاليمن ينتظر منا الكثير، ينتظر منا أن نعيد له مكانته التاريخية والحضارية، نعيد هيبته ونبني صرحه العظيم، ينتظر منا أن نزع أرضه ونبنيها، لنقطف ثمارها، ينتظر منا أن نجتث الأشواك ونزرع مكانها الورود والزهور,فعلى كل فرد في هذا الوطن أن يحمل هم وطنه وأن يعمل من أجل وطنه وأن يحافظ على وطنه.
ومضة
إذا أغلق الشتاء أبواب بيتك .. وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان ..فانتظر قدوم الربيع وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي .. وانظر بعيداً فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغني.. وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر لتصنع لك عمراً جديداً وحلماً جديداً .. وقلباً جديداً..
S_ayyash66@yahoo.com
سليمان عياش
الشعب اليمني ...بين آلام الماضي وآمال المستقبل 2324