في شهر مارس من العام الماضي قام النظام العائلي السابق بارتكاب جريمته المعروفة عن طريق بلاطجته المأجورين بحق الشباب المعتصمين داخل ساحة التغيير بصنعاء مما أدى إلى استشهاد أكثر من 50 ثائراً ..
كان النظام لا يفرق بين يوم الجمعة أو غيرها ولا بين الصلاة ولا شيء وهمه الوحيد القضاء على الشباب وإخلاء الساحات من المعتصمين لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد المجزرة التي راح ضحيتها خيرة الشباب ازداد الثوار صمودا ًوحماساً وعزيمة على مواصلة الثورة سلمياً وتحقيق أهدافها كاملة حيث توالت الاستقالات من الحزب العائلي واكتضت الساحات في كل أرجاء اليمن بالمعتصمين وزاد الزخم أكثر فأكثر..
في ذلكم اليوم كنت مع أحد الأصدقاء في ساحة الحرية بتعز وكان الثوار هناك يبكون على إخوانهم أمام عيني ويدعون على الظالم.. ساعتها أتى خبر بأن احذروا فإن النظام يجمع بلاطجته في تعز لاقتحام الساحة ولما سمعوا الثوار بذلك وسمعوه أيضاً على قناة الجزيرة (الحرة) مباشرة إذا بنا نرى الساحة تكتظ بالأبطال وإذا بمداخل الساحة تمتلئ بالقادمين، فتذكرت لما مر رجل من عبد القيس على أبي سفيان قبل إسلامه في أُحد، فقال له أخبر محمداً وأصحابه إني لنادم على تركهم أحياء بعدما انتصرت عليهم وإني جامع جيوشي وقادم عليهم، فلما وصل الخبر للرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما زادهم إلا إيماناً فوق إيمانهم بنصر الله وأنزل الله تعالى (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) }[آل عمران] حتى رأيت الثوار في الساحة وهم ينتظرون أزلام النظام بصدورهم العارية وصمودهم الأسطوري وعزيمتهم القوية وإيمانهم بثورتهم السلمية ليعلموا النظام _الذي لم يتعلم منذ سنوات_ دروساً في الكرامة التي كانت هي اسم جمعتهم في ذلكم اليوم ولكي يكشف الله حقد النظام وخبث نيته فقد قام خطيب السبعين في ذلكم اليوم بغقد مؤتمر صحفي ظناً أنه سيقدم استقالته وسيعتذر ولكن الله الجبار لم يرد له الخروج بكرامة ولكن كانت الكرامة في ذلكم اليوم هي للشهداء والجرحى والثوار المخلصين الذين ضحوا من أجل الوطن واتهم المعتصمين بأنهم استفزوا أهالي الحي المجاور للساحة وأطلقوا عليهم الرصاص من داخل الخيام ..لا حول ولا قوة إلا بالله.. يكذبون على الله وعلى الناس ويكذبون أعين الناس ويحاولوا جاهدين تصديق كذبهم وخرافاتهم العمياء والصماء التي قد عفى عنها الزمن ولم يعفو عنها الشعب الحبيب..
عذراً!
عذراً أيها الشهداء فأنتم والله خيرة شباب اليمن ووالله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإن الجسد ليقشعر وإن الآيادي لترتجف وإن العقل ليشرد على فراقكم أيها الأحباب ولكن أقول لكم: بأن الشباب في الساحات قد تعهدوا بأنهم لن يغادروا الساحات إلا وقد حققوا ما خرجتم من أجله بإذن الله وبأن يقتصوا لكم ممن سفك دمائكم ولا عليكم أيها الشهداء ولا تحزنون بسبب أن هناك من يزايد تحت مظلة المطالبة بدمائكم وله مآرب ومصالح ليس لها أي صلة بكم، فهم والله خاسرون ومفضوحون إن كانوا على الباطل وقد عرفهم الشعب وعرف مصالحهم الضيقة ومن ستسول له نفسه شق صف الثورة فإن الثورة وشبابها أكبر من ذلك وسيقفون أمامه يداً واحدة وسيدحرونه بإذن الله ..فاعذرونا أيها الشهداء، لأن قصرنا في حقكم ولم نؤتكم حقكم في الذكرى ولكن هذا ما نستطيع فعله وليعلم القاصي والداني أن ما خرجتم من أجله أيها الشرفاء الأحرار قد تحقق بعضه وسيتحقق ما تبقى إن شاء الله رغم رهان المراهنين ورغم أنف المتآمرين ...
استراحة
بحثت عن هبة أحبوك يا وطني ...فلم أجد لك إلا قلبي الدامي
ختاماً
نسأل من الله أن يرزقنا الإخلاص في كل قول وعمل وأن يرحم شهداء ثورة الشباب السلمية وأن يعيننا على تحقيق بقية ما خرجنا من أجله، إنه قادر على كل شيء ولا تنسونا من خالص الدعاء وصلوا على النبي ..
sadam.alhorybi@gmail.com
صدام الحريبي
عذراً شهداء الكرامة 1834