;
أحمد محمد نعمان
أحمد محمد نعمان

جُمْعةُ الكَرَامَةِ .. وأبْعَادُهَا القَانَونِيّة (2) 1946

2012-03-26 14:48:04


تثور أسئلة عديدة يطرحها الكثير من أبناء الشعب اليمني حول جرائم القتل المرتكبة من قبل الرئيس اليمني السابق (صالح ونظامه) في حق المدنيين من شباب الثورة السلمية سواء في مجزرة جمعة الكرامة في العاصمة صنعاء أو محرقة الحقد الأسود في تعز أو غيرهما في عموم محافظات الجمهورية، حيث يتساءل المذكورون: هل تندرج هذه الجرائم وتلك ضِمْن اختصاص القضاء الدولي للمحكمة الجنائية الدولية حيث يعتقد البعض إن المحكمة  الجنائية لا تنظر في مثل هذه الجرائم وإنما ينحصر اختصاصها في نظر جرائم الإبادة الشاملة المتعلقة بفعل الحرب ومن يعتقد هذا  ففهمه قاصر كون المحكمة وان كانت مختصة بدرجة رئيسية  بنظر جرائم الإبادة الشاملة إلا أنها مختصة أيضا بنظر الجرائم ضد الإنسانية بل يُعد ذلك من صميم اختصاصها وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وتُحرّك في أي وقت ولا يجوز للأحزاب السياسية أيا كانت حاكمة أو معارضة أو متوافقة أن تمنح حصانة أو ضمانات للقتلة تحت أي مبرر أو اتفاق أو مبادرة ناهيك أن شرط (صالح)الوارد في المبادرة الخليجية المتضمن طلبه الحصانة القضائية لنفسه وأقاربه والعاملين معه خلال مدة رئاسته مقابل التوقيع على المبادرة، فالتوقيع على المبادرة صحيح وشرطه باطل وفقاً للشريعة الإسلامية والشرائع السماوية السابقة والقانون الدولي والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كل ذلك لا يُجيز منح الحصانة القضائية للقتلة  ولا يملك ذلك إلا أولياء دم الشهداء والجرحاء والمعاقين وأصحاب الأموال المدمرة والمتلفة فقط . وهنا يخطر لدى القارئ تساؤلات عن السند القانوني لتكييف جريمة مجزرة جمعة الكرامة ؟  
فبالرجوع إلى المادة (5) من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية  نجد أنها نصت على اختصاص المحكمة بنظر  أربعة أنواع من الجرائم  هي جريمة الإبادة الشاملة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان . إذن  فما معنى  الجرائم ضد الإنسانية  وجرائم الحرب حتى يمكننا تطبيق هذا النوع على جرائم نظام (صالح) ؟ فقد احتوت المادة (7) من النظام الأساسي المذكور على تفسير لمعنى الجرائم ضد الإنسانية، حيث حصرتها بارتكاب الجرائم التالية: القتل العمد والإبادة والتعذيب والسجن   والاضطهاد والإخفاء القسري وذلك ضد أي جماعة محدودة من السكان لأسباب سياسية وقد ذهبت المادة إلى غير ذلك من الأفعال اللا إنسانية التي تسببت في معاناة شديدة أو أذى خطير يلحق بالجسم أو الصحة العقلية أو البدنية وهذه المادة تسري جملة وتفصيلا على الجرائم التي ارتكبها نظام (صالح) في حق المدنين وشباب الثورة السلمية الشعبية كما أن المادة (8) من ذات النظام قد حددت جرائم الحرب بالقتل العمد والتعذيب وتعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير في الجسم أو الصحة أو إلحاق تدمير واسع بالممتلكات أو الاستيلاء عليها أو اخذ رهائن أو توجيه هجمات ضد مواقع مدنية أو طبية أو ضد المباني أو استخدام الغازات السامة  .
والمتتبع لأحوال الثورة الشبابية وما لاقته من نظام (صالح) سيجد أن جميع الجرائم السالف بيانها والمحددة في المادتين (7ـ8) تنطبق جميعها على جرائم نظام (صالح) وينعقد الاختصاص في محاكمتهم للمحكمة  الجنائية الدولية، باعتبار نظامه متهماً في ارتكاب جرائم الإبادة ضد الإنسانية وجرائم الحرب  في حق الشباب المعتصمين خاصة والشعب اليمني الثائر ضده عامة .
ولأن الرئيس السابق  كان مدركاً لخطورة الموقف ضده وضد نظامه فقد لجأ إلى وضع عراقيل ظناً منه بأنها ستحول  دون محاكمتهم جميعاً أمام القضاء الدولي ومنها فتح تحقيق  في جريمة مجزرة جمعة الكرامة أمام القضاء التابع له وأيضا ضمانات المبادرة الخليجية بَيْدَ أن نظام روما الأساسي وإن كان في مادته رقم (17) الفقرة (الأولى) قد ألزم المحكمة الجنائية بعدم النظر في أي دعوى  يجري التحقيق فيها من قبل القضاء الوطني لأي دولة إلا أن الفقرة (الثانية) من ذات المادة أجازت للمحكمة قبول نظر تلك الدعوى في حالتين (الأولى) إذا كانت  إجراءات القضاء الوطني قد تمت على نحو لا يتفق مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة و(الثانية) إذا كانت إجراءات القضاء الوطني  قد تمت بغرض حماية الشخص المعني من المسئولية الجنائية عن جرائم  داخلة في اختصاص المحكمة وهنا بوسعنا القول أن قيام النظام بإجراءات التحقيق والمحاكمة في مجزرة جمعة الكرامة من قبل القضاء التابع له ولنظامه الفاسد لا يعني إسقاط إمكانية الاختصاص  والنظر فيها من قبل المحكمة الجنائية الدولية لان تلك الإجراءات   تمت بهدف حماية الجناة الحقيقيين      ( صالح وأقاربه وأركان نظامه وبلاطجته) من المسئولية الجنائية.
إذن  فهل تملك  ضمانات المبادرة الخليجية التي انبثق منها قانون الحصانة القضائية أي عائق في الطريق إلى الجنائية الدولية ؟ الجواب لا لأنها لا تملك أي إسناد قانوني   فنظام المحكمة الجنائية الدولية الداخلي  لا يعترف بأي ضمانات أو حصانات يشترطها  الأشخاص  بسبب صفاتهم الرسمية حتى ولو كانوا رؤساء دول كما أن القانون الدولي لا يعترف بأي ضمانات أو حصانة  تهدف إلى حماية المسئولين من المسئولية الجنائية من جرائم  ارتُكبِت من قبلهم أو من قبل قوات أو أشخاص يأتمرون بأمرهم، فالمادة (27) من النظام الأساسي للمحكمة تُشِير إلى أن نظام المحكمة يسري على جميع الأشخاص دون تمييز بسبب الصفة الرسمية  حتى ولو كان الشخص رئيسا لدولة أو حكومة فان ذلك لا يعفيه من المسئولية الجنائية وهناك معطيات عدة تقود (صالح) ونظامه إلى المحكمة الجنائية الدولية ومنها  التقرير الدولي الصادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي زارت اليمن خلال الفترة  من 18/6 وحتى 7/7/2011م حيث  تتضمن إدانة  صريحة  واتهامات مباشرة (لصالح ) ونظامه   لارتكابهم أعمال القتل وجرائم عديدة في حق المعتصمين كما أن القرار الدولي رقم (2014) لسنة 2011م الصادر عن مجلس الأمن الدولي  يُجسد حق الثوار والشعب في محاكمة  صالح ونظامه بالمحكمة الجنائية الدولية  فلم يكتفي القرار بالإدانة الصريحة للجرائم المرتكبة من قبل (صالح ونظامه)، بل دعا في فقرته(الثانية )   إلى مساءلة المتسببين في تلك الجرائم .
 الأمر الذي يجعل الثوار والشعب قادرين على تحريك القضية الجنائية وتفعيلها ضد (صالح ونظامه) في أي وقت أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ثابتة عليهم بكافة الأدلة الشرعية والقانونية المتواترة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد