قبل ثلاث سنوات على قاعة "...." للاجتماعات في الحالمة "تعز" أقيم اللقاء السنوي الموسع لمعلمي ومعلمات القرآن الكريم في مؤسسة"....." الرائدة في تحفيظ كتاب الله في اليمن.
كان جمعاً مهيباً.. جلس رئيس المؤسسة في رأس القاعة وتكلم هو ومعاونوه.. بعد ساعة من الخطب المدبجة والكلمات الرنانة،جاء دور المعلمين والمعلمات للإدلاء بدلوهم..قال مقدم الحفل متسائلا ً: من يرغب بالحديث؟
وعلق رئيس الجلسة : نحن هنا لسماع شكاويكم واقتراحاتكم،,
لف الصمت المكان لبرهة وسكت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير، ثم قام أحدهم أخيراً.. سار نحو المنصة المعدة للمتكلمين من الحضور. شكر وأثنى وأبدع وأمتع بالمديح ثم تكلم بأدب جم مبيناً ما يعانيه معلمو القرآن الكريم المنتسبون للمؤسسة من قلة الراتب. وأردف بكل تهذيب : المؤسسة تقوم بتأهيل المعلم ثم يأتي بكل بساطة من يأخذه للخدمة لديه لأن الرواتب لديكم لا تفي حتى بقيمة المواصلات...
شكره المعلمون والمعلمات "همسا"!!
ووعد السيد الفاضل " مدير المؤسسة "بأنه في لقاء العام القادم سيتحسن الوضع كثيراً..للأسف من سوء حظ المدير أن العام انصرم سريعاً وعدنا لذات المكان.لكن لم يعد جميع الأشخاص!!
تقلص أعداد المعلمين كثيراً!!
سارت مراسم الحفل رتيبة كالعادة وجاء دور معلمي ومعلمات القرآن للكلام..ساد الصمت الرهيب القاعة لدقائق..كاد المدير أن ينهي اللقاء موجهاً شكره للجميع، غير أن إحدى المعلمات قررت الكلام..
لم تتحدث عن الراتب كسابقها، فقط اقترحت تحسين الأداء في المؤسسة وإدخال أساليب أكثر جدوى وحداثة في تحفيظ القرآن الكريم وإضافة جوانب تربوية وتنموية لبناء شخصية الطالبات والمعلمات على حد سواء..واقترحت بعض التحسينات على منهج التوجيه في المؤسسة..أثنى الرئيس على خطابها وسأل: من تكون؟!
لم يلاحظ أحد سواها غياب ذلك المعلم المتكلم في اللقاء السابق، أو ربما أنهم لا حظوا وآثروا السلامة فلم يسألوا!!
في العام الأخر لم يحضر ذلك المعلم طبعاً وأيضا لم تحضر هذه المعلمة!!
وقد عرفت أخيرا لماذا لم يحضر ذلك المسكين،بعدما تم فصلها بصورة تعسفية ومهينة لا تليق بمعقل لتحفيظ كتاب الله عز وجل.
لم تستسلم، أو بالأحرى لم تصدق حدسها تجاه الإدارة الموقرة..ذهبت لتقديم تظلم إليهم..دارت على الجميع..أوصدوا الأبواب بوجهها بكل قسوة وعنجهية،تذكرت صناديق الشكاوى المعلقة هناك فألقت بشكوى في إحداها وعليها رقم هاتفها..بعد أيام جاءها صوت مجهول : من أنتي؟ ردت بفرح وابتهاج : أنا مظلومة أريد إنصافي..قصت عليه الخبر ثم سألته : من أنت؟
جاءها صوته بنبرة حزينة : لا حول و لا قوة إلا بالله حاولي إيصال شكواك عن طريق آخر!! ذهبت لمبنى الإدارة العليا، فوجئت بحراسة مسلحة على مبنى الإدارة!
بكت رغما عنها أمام الحراسة قائلة : أنا لا أريد العودة للعمل لديكم.فقط غيروا هذا القرار المسبب الذي لا أطيق بقائه في سجلي الشخصي..أرجوكم هذا ظلم.. تحركت لها مشاعر الإنسانية لدى الحارس فتطوع ودفع بها إلى مكتب " مسئول العلاقات العامة" وهناك انخرطت بالبكاء مجدداً: لا أريد الوظيفة أريد إنصافي، ، فقط غيروا صيغة القرار..لقد أهدرت خمس سنوات من عمري في تأسيس هذه المدرسة،كان بإمكاني اقتناص فرص أفضل..لقد ضاع الكثير من عمري معكم..وهكذا يكون الجزاء؟! ولم يصغي لها أحد!!
هذا لون من ألوان الظلم في قسم خدمة كتاب الله في هذه المؤسسة وما يحدث من مظالم في أقسام أخرى بالمصانع وغيرها.. شيء يعرفه الجميع، لا توجد قوانين منصفة تحفظ كرامة الموظف هناك..
إنها سطوة المال الذي تضخم لديها بشكل مقلق!!
واليوم نضيف لسطوة المال سطوة السلطة.. أي حماقة هذه؟!
يبدو أنا شعب مولع بصناعة الديكتاتوريين!!!
نبيلة الوليدي
صناعة الديكتاتورية! 2086