تيسير السامعى
المتأمل في واقع الثورة السورية التي تدور رحاها منذ أكثر من عام.. يجد أنها تقترب كثيراً من روح ثورة الحسين بن علي رضي الله عنهما، لأنها قامت ضد حاكم مستبد ورث الحاكم عن أبيه تماماً مثل ثورة الحسين التي قامت ضد حاكم ورث الحكم عن أبيه... كان المفترض أن يكون إخواننا الشيعة لاسيما (إيران وحزب الله و القوة السلالية ومن يدور في فلكهم في أقطار الوطن العربي) أن يكونوا أول من يقف مع هذه الثورة ويساندونها، كونهم لازالوا حتى اليوم يتذكرون ثورة الحسين رضي الله عنه، ولكن للأسف لقد كانوا هم أول من تنكر لها ووقف ضدها وهذا يعد تناقضاً كبيراً بين القول والممارسة ويدل دلالة واضحة أن إدعاء حب الحسين ليس صحيحاً لأن الذي يحب يتأثر بالمحب ويسعى إلى تقليده والسير على نهجه..
رغم القتل اليومي وتدمير المدن والأحياء السكنية الذي تشهده المدن السورية من قبل قوات الأسد، إلا أن عشاق ثورة الحسين مصرون على أن القضية مؤامرة على نظام الممانعة والمقاومة ولا ندرى أين هي هذه المقاومة والممانعة والجولان السوري محتل منذ عام 1967 من القرن المنصرم من قبل العدو الصهيوني ولم تطلق نحوه حتى رصاصة واحدة؟.
الغريب في الأمر أنهم يعتبرون ما يحدث في البحرين ثورة ضد نظام مستبد ويسخرون كل وسائلهم الإعلامية لدعم هذه الثورة، يتباكون على الشهداء والجرحى الذين يسقطون هناك ويتحدثون عن المعتقلين في سجون النظام البحريني بينما الذين يسقطون في سوريا كل يوم بالمئات ليسوا بشراً من بني آدم، بل هم خونة وعملاء متآمرون ضد القدس والقضية الفلسطينية.. الأكثر غرابة أنهم يرفضون التسوية السياسية والمصالح الوطنية في اليمن ويعتبرونها بيعاً لدماء الشهداء وخيانة للثورة في الوقت الذي يدعون فيه قوى المعارضة السورية إلى الجلوس إلى طاولة الحوار والاستجابة إلى دعوات الإصلاح التي قام بها نظام الأسد، تناقض فظيع ليس له تفسير سوى الحقد والتمترس الطائفي المقيت..
النظام السوري كان أول من سن سنة التوريث في الدول الجمهورية، لقد ورث بشار الأسد الحكم عن أبيه حافظ الأسد الذي ظل يحكم سورية بالحديد والنار لعقود طويلة حتى جاء ملك الموت ليريح الشعب منه، فتم تنصيب الابن من بعده بصورة استخفافية كانت كفيلة باندلاع الثورة في ذلك الوقت، فالرجل لم يكن قد بلغ السن المقررة في الدستور السوري، لكنهم قاموا في عشية وضحاها بتغيير الدستور حتى يناسب سن الزعيم الصغير من قبل ما يسمى زوراً وبهتاناً مجلس الشعب السوري، لكن الشعب السوري للأسف تقبل الواقع المفروض عليه وهذا فتح شهية بقية الأنظمة الجمهورية في الدولة العربية في نسخ التجربة.
ولو أن الشعب السوري ثار في ذلك الوقت كان سوف يوفر على نفسه الكثير وينهي مشروع الثوريث الذي ابتليت به الأمة منذ ثورة الحسين رضي الله عنه.. والتي لا تزال القوة السلالية والطائفية تتغنى بها حتى اليوم.
تيسير السامعى
تناقض طائفي 1873