قبل أيام كتب الدكتور فؤاد البنا مقالاً لتعز أثار حفيظة البعض ليردوا عليه رداً لاذعاً على مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم بعض الصحف.. فما كان من ولده الشاب الكاتب طارق - ومن منطلق الغيرة و الزعل- إلا أن رد عليهم رداً يحمل نفس اللهجة كما أعتقد، حيث كنت من أشد المعارضين لما كتب.. ولكن الذي ميّز طارقاً عنهمً وجعله يكبر في نظر الكثيرين وأنا أحدهم أنه قام بكتابة رد وضّح فيه اللبس والتهم التي انهالت عليه وأوصلته لدرجة تعريته من الوطنية التي لا يحق لأحد الخوض فيها والتزم بالاعتذار إذا كان مخطئاً ومشت الأمور وارتاح الناس وبالذات محبوه وكادت الأمور أن تهدأ، بل وهدأت بالنسبة له.. إلا أن بعض الأنصار والعاشقين للأخيار من الناس الذين أزعجونا مدى شهور الثورة بمدنية المطالبة وحرية التعبير والرأي المطلق، فاجأونا بعد أن اغتررنا بهم طوال أشهر الثورة وكشفوا عما يحملون من حسابات قديمة ليس للبنا وولده أي صلة بها كما أعتقد، حيث تكلموا بما نعرفه تماماً وكثير من الناس له يجهلون إن لم يكونوا يتجاهلون..
بدأوا بانتقاد البنا فؤاد وابنه طارق مجرّد انتقاد لما كتبوه وأن ما قاله كلاهما من كلام مقرف ومشين وسفيه ليعمدوا كلماتهم تلك ببعض الكلمات الآتية من هناك ..من خلف المعقول ..فمن جهة: أين الحرية التي ندّعيها, ولماذا نعارض أفكار الناس ووجهة نظرهم في التعبير والكلام بعد أن أصنجنا الناس ونحن نطالب بها لنخرج بصور مقلوبة ونشن عليهم هجوماً لم تعرفه الصحافة من قبل؟.
ومن جهة أخرى: انتقدنا البنا وولده على كتابة بعض الكلمات وما لبثنا أن ننتهي من النقد، إلا وجئنا بكلمات أكثر منها بشاعة.. فما هذا التناقض يا دعاة حرية التعبير المطلقة؟
أم أن البنا وولده ليسا بعرب ولا يعيان كلمات (بذاءة – عهر – مرض –مراهقة – قردة – موتور)، وغيرها من الكلمات التي لا يسمح قلمي المتواضع لنفسه - و لا أزكيه- كتابتها لما فيها من انتقاص وتشهير وهوان ولأنه أيضاً يحترم نفسه وينزل الناس منازلهم ويعطيهم أماكنهم في الكتابة والكلام وإن كان قلمي ينطق لاستنكر ما كتبتموه كما نطق صاحبه بالنصح لطارق، وأنى لنا أن نعرّفهم؟؟ سواءً كنا نقصدها أو لا نقصدها فهي محرجة بحقنا.. أم أن البعض فقط من المناصرين له الحق أن يتكلم بهذه الكويلمات الشنيعة؟!.
لما كتب طارق ذلكم المقال عارضه الكثير من أعضاء حزبه الذين انتقلوا اليوم إلى رحمة الحملة الممنهجة والتي كان الهدف منها هو الحزب الذي ينتمي إليه البنا وليس البناءين فقط كما اكتشفت، وإلا ما معنى ذكر حزب الإصلاح والتيار الإسلامي والتركيز عليهم وإعطائهم أكبر مساحة من الكتابات في تحليل مقالات البنا وولده؟.
أثبت طارق بأنه مسئول وبادر برد الاعتذار في حال طلبه، إلا إن بعض الأقلام والشخصيات التي نكن لها الحب والاحترام لوطنيتها لا زالت محبوسة في مربع حملتها واستغلت الموقف وغيرت مساره لتنال ممن تريد، مبررين ذلك بأن الإصلاح هو من وجه البنا وولده بكتابة ذلك وكأن الإصلاح حزب مهمته وأعضاءه سب الناس والرد على إساءاتهم، فالبنا وولده بمقالاتهم لا يمثلون الإصلاح كما أن بشرى وغيرها لا يمثلون بمقالاتهم أحزابهم تماماً وإلا لقلنا كل من كتب يمثل حزبه ولدخلت الأحزاب في صراعات ليس لها نهاية بسبب كتابات أعضائها.. أم أنني مخطئ في ذلك وأعضاء الإصلاح هم المؤاخذون والمساءلون فقط؟.. أفتوني أثابكم الله!!.
أما عمن سخّروا أقلامهم للمناصرة والنيل من الناس، وهذا ما يكشف على أنهم يعانون مما يتكلمون به فنقول: نحن التعزيون، بل اليمنيون نعرف بأنه لا يعاتب أحدنا إلا حبيبه ومن يريد له الخير ويكن له أكثر الحب، وإلا ما الفائدة من العتب؟ وكما أن تعز ليست قبيلة وليس من حق البنا أو غيره أن يعايرها وهذا ما نرفضه ولم نلتمسه من مقالة البنا، فتعز أيضاً ليست حزباً وليست طائفة ولا مذهباً، فهي أُم ولا يحق لأي شخصٍ كان المزايدة أو ادّعاء الوصاية عليها والتحدّث يتحدث باسمها وأبناءها.. كما يجب أن نعي بأن الحالمة ليست مراهقة ولا من السهل التحطيط - بالحاء- منها كما يتكلم البعض، فهذا الكلام هو الذي ينال من تعز ويصورها على أنها عاجزة ويعايرها، فأبناء تعز كفيلون وسيقفون يداً واحدة ضد أي مشروع رخيص مهما كانت قوته أو الجهة الدافعة له..
ثم إن نضالات تعز وميزاتها معروفة عند القاصي والداني وليست بحاجة لأحد أن يوضحها للناس الذين قد يكونون أعلم منا بميزاتها وثقلها.. أما أن نظل نتكلم ونوضح عن تعز خشية أن يغشّيها الغبار، فليطمئن الجميع لأن تعز تتجدد كل يوم بفضل الله ومواقف أبنائها ووعيهم الراقي، فلا خوف ولا داعي لكثرة التعريف بما قدمته، لأن الذي يكثر من الكلام عن الشيء يُفقده قيمته..
أما الثورة فمن العيب أو الإهانة للشعب والوطن أن ننسبها لشخوص أو لأحزاب أو مذاهب أو حتى جماعات مها كان مدى نضالاتهم فيها والمناضلون معروفون ومخلصون وهم ليسوا بحاجة لذكرهم ولا داعي لذلك لأنه من المستحيل جداً أن يصل الأقزام إلى مقام الهامات كما ذكر أحدهم وهذه سنة الحياة فلماذا التشهير والانتقاص منهم؟.
وقبل أن أختم البعض يقول بأنه يا ويله من سيتكلم عن بعض مكونات الثورة، لأنهم أشرار ولا يسمحون لأحد بذكرهم، فأقول لهم: أعيدوا قراءة ما كتبتموه ضد هذه المكونات وما قلتموه عنهم من سب وليس انتقاداً فقط، فستكتشفون بأنهم أحرار وليسوا أشرار!!.
باختصار أقول إنني قدرت طارقاً وفكرت بكتابة مقالي هذا بعد كتابته للاعتذار وتوضيح ما استغله البعض للتشهير به وأبيه كما أشرت آنفاً، ولكن أقول معاتباً طارق وهذا هو العتب: ليتك لم تكتب حرفاً وتركت الأيام هي من ترد عليهم.. ليتك توقفت على الكلام ولم تسمح للخائضين بأن ينالوا من اسمك، ليتك استشرت من قبل أن تكتب، ليتني كنت أعرفك فمنعتك من الكتابة في هذا الموقف، ليت قلمك نطق في ذلك اليوم وقال لك: أنا لا أسمح لك بالرد، فالناس والتاريخ يعرفون الرد من قبل أن ترد.. إنما قد كتبت كلاماً في الأخير ونحن نعترف وننتهج قانون الحسنة تمحو السيئة وإن كان الناس لن يغفروا لك وظلوا يغمزون ويلمزون، فإن الله الذي خلقك وخلقنا وخلقهم غفور رحيم، فهو يغفر لمن أخطأ وتطاول عليه وهو خالق الإنسان ..
رسائل:
إلى من قيموا وحللوا الأشياء حزبياً أقول: كان الأحرى بنا أن نقيًمها وطنياً كما أنه كان علينا أن نصف من ذكرهم الدكتور البنا بالقيادات التعزية أقرب مما نصفهم بالقيادات الإصلاحية، وما معنى هذا الوصف ومن الذي يتعصّب للحزبية وينكر الوطنية؟.
ثانياً أقول لهم: هل نسينا بأننا أخوة وأبناء وطن واحد قبل أن نكون اشتراكيين أو ناصريين أو إصلاحيين أو مذهبيين؟!.
هل نسينا بأننا يمنيون ويجب أن نتحد ضد كل من يريد الخراب للبلاد؟ هل نسينا أننا ولدنا في هذا الوطن ولما كنا صغاراً كنا نحب بعضنا ونتمنى الخير لأصدقائنا وكنا ننحاز دائماً للدين والموطن وكنا لا يكره بعضنا البعض وكان كل همنا هو المضي بالوطن نحو الأحسن؟, و لماذا لما كبرنا
أصبح كلاً منا يريد الانتقام من الآخر بسبب أشياء تافهة ما أنزل الله بها من سلطان.. فالأحزاب والانتماءات تباً لها إذا كانت ستفرق وستزرع الكراهية والحقد فيما بيننا.. يجب أن نعرف بأن الأحزاب هي وسائل وليست غايات توصلنا إلى ما نريد نحن والوطن لا إلى ما تريد هي.. ومن السهل التخلي عنها في حالة اختلافها مع مصلحة الوطن.. لماذا الكراهية والبغضاء سيطرت على قلوبنا وجعلتنا لا نفرق بين أستاذ أو طالب ولا كبير أو صغير ولا محترم أو بلطجي جعلت كل من يخالفنا الرأي هو عدونا ونتمنى له الخسران المبين ومع ذلك ندّعي أن غيرنا هم المتعصبين وهم ينقادوا بعد كلام الآخرين ولو لم يكن صائباُ ونحن الأبرياء ليكشف لنا التاريخ والزمان أننا كنّا مخطئين في حقهم.. لنعيد النظر ولنضع الأشياء أماكنها ولنعط لكل مقام مقال ولا ندخل في تفاصيل الأوهام التي ينكرها اليمنيين ولنكن أخوة: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)؟، فما بالكم بمن يريد أن يأكل لحم أخيه حياً.. والله يا يمنيون ما عهدنا أنفسنا نسب ونشتم إخواننا ومعلمينا، حيث نتهمهم بما نفعل أكثر منه وهم منه براء.. ولكن أقول: ما هكذا يا ناس تورد الإبل.. ولا أزيد..والله من وراء القصد.
استراحة:
الضرورة تخلق الإبداع ..
ختاماً:
نسأل من الله أن يرزقنا الإخلاص في كل قول وعمل وأن يجنبنا سب وشتم الآخرين بدون علم وأن يجعلنا ممن لا يتكلمون إلا بكل خير، إنه قادر على كل شيء ولا تنسونا من خالص الدعاء.. وصلوا على النبي.
صدام الحريبي
ما هكذا يا ناس تورد الإبل!! 2059