;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الصوت الكبير من الطبل الفارغ 2625

2012-04-25 14:28:05

         
لو أن الأوطان تبنى بالخطب والشعارات, لكانت اليمن متصدرة دول العالم قاطبة- نهضة وتنمية ومعيشة ورفاهية- , لكن الكلام الكثير والشعارات الكبيرة لا تقيم وطناً قوياً ومستقرا، فمن يظن بان حل القضايا المؤرقة والشائكة يكون بحماسة الخطب وهتاف الحناجر وتصفيق الأيدي؛ فعلي عبدالله صالح لم يحل مشكلة أو قضية رغم خطبه اليومية التي ستدخله موسوعة (جينيس) دون منافسة؟
الحكيم برناند شو له قول شهير مفاده هو أن ضجيج الجلبة يأتي من العربة الفارغة، أو كما يقول الرفاق الروس ( الصوت الكبير مصدره الطبل الفارغ ).. إذن لنقل هكذا: فالضجيج المزعج أياً كان وقعه ومداه فإنه في المحصلة ليس إلا صوتاً وصدى أصله الفراغ والخواء الفكري والمعرفي .
ما من صوت كبير إلا والفراغ مصدره، ما من شعار وما من صخب حاصل إلا ويقف خلفه أناس عاطلون واقفون فارغون، لا أعلم كيف لمن أضاع وطناً وشعباً أن يصير اليوم منقذاً وملهماً؟, كيف لمن كان رئيساً ولم يعترف بحقيقة قائمة في الجنوب مذ كارثة حرب 94م أن يكون الآن وبعيد عزله وخلعه داعماً ونصيراً لحق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم وفي استعادة حقهم أرضاً وشراكة ووظيفة ووجوداً؟
أعجب كيف أننا نتماهى مع الخطب والشعارات الراديكالية؟, فبرغم أن محنة الحاضر ليست سوى نتاج الصوت الواحد والزعيم الواحد والفكر الواحد، ومع هذه القيادات والأفكار المنتمية لحقبة الحرب الباردة؛ مازلنا نعتقد أنه بهكذا خطاب عتيق يمكننا قسر التاريخ ومنطقه الذي يستحيل إعادته إلى ستينات وثمانينات انقضت .
الرئيس الأمريكي رونالد ريجان حين سُئل عن تعريف للراديكالي فأجاب: (إنه الشخص الثابت على قدميه بقوة ولكن في الهواء)، ليس المشكلة هنا بالراديكالية كمفهوم فلسفي مثالي في فكر اليسار, إنما المشكلة عندما تصير الراديكالية مجرد شعارات ثورية جاذبة ومستقطبة للمقعدين والعاطلين والمراهقين ، ومجرد خطب حماسية منفعلة مدغدغة للمشاعر والوجدان بدلا من كونها قيمة فلسفية تحاكي العقل والذهن .
لو أن العبرة في الكلام ما ضاقت العروبة وأوطانها بفارسها الذي لم يجد ملاذا يهرب إليه غير قريته النائية ، الأمر" سيان" بالنسبة للكثير من القيادات الحاملة للواء إسقاط النظام العائلي والقبلي أو لراية استعادة الدولة أو الحوثيين أو القاعدة، فكل هؤلاء وباختلاف مذاهبهم ومشاربهم ووسائلهم لا يجدون غضاضة أو حرج إذ ما اقتفوا أثر الرئيس المخلوع .
الرئيس المخلوع ضاقت به مدينة سام لحد أنه لم يجد مكانا يؤويه في حزبه ( المؤتمر ) أو في معسكرات نجله ؛ بل عاد إلى قريته وربعه دون سواهم من عموم اليمنيين ، المسألة لا تقتصر على الرئيس السابق العائد لعشيرته وقبيلته ؛ إنما تتسع الدائرة إلى قادة المعارضة ودعاة الدولة المدنية الحديثة ، فهؤلاء جميعا إذا ما أحسوا بالخطر لا يتورعون من العودة إلى القرية والعشيرة .
لم يكن رئيسا لليمن الموحد فكانت نهايته تراجيدية رئيسا لعصابة وعائلة وقرية ، القائد السياسي الفنزويلي سيمون بوليفار ناضل لتحرير أمريكا اللاتينية من الاستعمار الاسباني، فحرر فنزويلا وإكوادور وبوليفيا وبنما كما ووحد هذه الدول في إطار كولومبيا الكبرى ، وبرغم كونه ثائرا وموحدا مات منفيا خارج ثرى وطنه المحرر ، لم يلجأ إلى قريته وعشيرته وأنصاره ، فمثل هذه الأفعال ليست من شيم الرجال الموحدين بقدر ما هي أفعال يحترفها رجال العصابات.
الشيخ سلطان البركاني يبدو كطبل أجوف وظيفته محددة ومحصورة بإطلاق الأصوات المزعجة والكبيرة ، فمن تصريحه المستفز ( قلع العداد لا تصفيره فحسب ) إلى صوته الجهوري الرافض لرفع سعر الوقود ، لدينا مثل يتادوله العامة يقول : مال لا يشبه أهله كان كسبه حرام )، ورئيس الغالبية المنتهية الصلاحية والمشروعية لا يختلف عن رئيسه المخلوع .
كيف لا يشبه صالح وهو يمارس دجله وكذبه ؟ تصوروا رئيس كتلة حزب الحاكم صار صوته ساخطا ومنددا بسقوط ضحايا من القاعدة وبانتهاك طيران أمريكا للسيادة ! لكن هذا الصوت المرتفع ظل صامتا حين ساحت دماء الشباب والنساء والمعاقين في تعز ، وعندما وقعت مذبحة المعجلة ، وعندما قُتل ألحارثي والعولقي وغيرهما من ضحايا انتهاك السيادة ، ربما أن النائب لم يعلم كيف أن أصوات في الكونجرس الأمريكي أدانت وشجبت مقتل العولقي بكونه حاملاً للجنسية الأمريكية؟.
آخر الكلام عاد الرئيس السابق إلى قريته وعائلته، كان واقعياً وموضوعياً أكثر من شيخ تعز المستميت في موقعه المعطل لكل عملية جادة وصادقة لاستعادة النظام الجمهوري المختطف من صالح وعائلته، فبرغم هذا المآل المُخجِل لا يبدو أن صوت البركاني سيشعر لحظة باستفاقة ضمير وكرامة .
 فحتى بعد أنفضي المولد ورحل أصحابه مازال الرجل مدافعاً عن المهربين السارقين الناهبين لمليارات الدعم للديزل، وبالمقابل لا يجد غضاضة حين يوقف وغالبيته النيابية موازنة بلد؛ بل وعندما تزوّر توصيات إضافية تتعلق بإعادة عشرات مليارات تم إسقاطها من اعتماد الأمن القومي والرئاسة أو مرتبات المشايخ والوجاهات القبلية .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد