يبدو أن المماطلة في تنفيذ التدوير الوظيفي بشقيه العسكري والمدني يصب في مصلحة بقايا النظام والفلول الذين استباحوا الدماء والأموال في الفترة الماضية وحصلوا على حصانة من الملاحقة والمحاكمة وهم بأعمالهم التخريبية اليوم وفي أكثر من مكان وموقع سوف يستمرون في معاركهم الطائشة فتارة ينسفون أبراج الكهرباء وتارة يفجرون أنبوب نفط وتارة أخرى يسطون على أموال بنك وتارة أخرى يهاجمون المصالح والمنشآت الحكومية أو الخاصة وتارة أخرى وثالثة وعاشرة وإلخ من أعمال فوضوية مرة في عدن وأخرى في حجة وثالثة في صعدة ورابعة في مأرب وخامسة في ذمار وهكذا دواليك.
لن يستقر للوطن قرار ولن تهدأ الأمور حسب اعتقادي إلا بتطبيق مبدأ العقاب والثواب ومحاسبة كل من يقدم على ارتكاب جرم مهما كبر هذا الجرم أو صغره، فمن يستحدث نقطة تفتيش على طريق عام ويقوم بإرهاب المواطنين المسافرين أو من يقدم على اختطاف قائد عسكري أو مدني أو أجنبي حسب الأعراف والقوانين السماوية والوضعية يعد مجرماً وينبغي محاسبته وعقابه على جريمة اقترفها وكذلك الحال مع من يعتدي على خطوط نقل الكهرباء، لا نحتاج حسب اعتقادنا لحملة عسكرية لمطاردته إطلاقاً، بل إن الوطن بأسره يفترض أن يتحول إلى محكمة، فإذا تم الاعتداء على خطوط نقل في مأرب فلا نعتقد أننا بحاجة لجنود من صنعاء أو من تعز لملاحقة المجرم وماذا تفعل الوحدات العسكرية القريبة أو المجاورة للحدث أو التي تقع ضمن إطار المنطقة؟ لا نظن أنها بحاجة لاستخدام أسلحة ثقيلة لمواجهة هذا وإن استدعى الأمر ذلك فلا مشكلة، يفترض أن يتم احتجاز كل من قام بأي عمل إرهابي إجرامي في أي مكان وأن تتكاتف جهود كل القوى عسكرية ومدنية لملاحقة وإلقاء القبض على أي إنسان كائن من كان وتسليمه للجهات المختصة، لا يجب أن يستغفلنا البعض بمقولة أنه غير ممكن تتبع وملاحقة هذا أو ذاك، فكل منطقة أو قرية يمنية مسؤولة عن أمنها سواء في هذا الاتجاه أو ذاك، من يقدم على ارتكاب جرم وتتستر عليه جماعة أو فئة أو قرية أو مدينة تدخل هي ذاتها تحت بند المساءلة والملاحقة وليس جديداً هذا على أبناء اليمن وسبق أن عمل بمرسوم كهذا ومنذ عشرات بل مئات السنين، حتى في العصور التي لم تكون الدولة القوية قد دانت لها الأمصار والولايات والقرى وبشكل كامل، لم يكن في العهد القديم أو في أي عهد أن يقوم المجرم بارتكاب جريمته في هذه القرية أو تلك ويذهب لحال سبيله وكلنا يعلم بهذا، ففي القرى والمناطق اليمنية أعراف وتقاليد ومواطن وشيخ وعاقل وغير ذلك، هذا بغض النظر عن المراكز والنقاط وأقسام الشرطة المنتشرة هنا وهناك، ناهيك عن توفر أجهزة اتصال وتواصل حديثة يمكن الإبلاغ عن أي فار والقبض عليه في نقطة أو مركز آخر، حتى لو تجاوز نقطة ففي النقطة أو المركز التالي سيتم القبض عليه والتحفظ عليه، لكن هذا لن يكون ما لم تكن هناك حسن نوايا ومواطن وموظف وعسكري ومدني يتحمل جزءاً من مسؤوليته الدينية والوطنية والأخلاقية بغض النظر عن أية اختلافات حزبية أو مناطقية أو جهوية أو قبلية، لأننا شعب مسلم عربي لا يقبل بظلم أحد ولا يرضى إلا بمكارم الأخلاق، يرفض الدونية والرذيلة والفساد في الأرض ألم يقل فينا الصادق الأمين: "أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة" أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فهل ستكون لحظة تطبيق سيادة القانون قد حانت يا أهل اليمن أم أنه مازال في الوقت متسع لتصبح البلد في خبر كان؟..
Abast66@hotmail.com
عبدالباسط الشميري
الثواب والعقاب والتدوير الوهم 2124