قبل أن أمسك قلمي وأكتب عن لودر تساءلت ماذا عساي سأكتب؟ وبأي لغة سأكتب؟ وهل سأجيد الكتابة عن لودر وعن بطولاتها وصمود رجالها واستبسالهم واستماتتهم على مدينتهم, والذود عنها بكل ما استطاعوا؟.. ولكن كان لابد من أن أعبر عن ما يعتمل في دواخلي من اعتزاز وفخر بتلك العصماء العصية, كان لا بد لقلمي أن يسكب حبره كلمات صادقة ومشاعر نابعة من الأعماق على أسطر هذه الورقة الخرساء ويعبر عن مكنونات الذات التي لجمها الانبهار والإعجاب والاعتزاز ولم تستطع الحراك أمام إنجاز هؤلاء الأبطال الذين رسموا بصمودهم وتضحياتهم أروع الصور, وخطوا بها أجمل الكلمات وأعذبها, كان لابد أن تنساب المشاعر والأحاسيس من قلمي وإن ينطق بها قلبي وتترجمها أناملي وتعتز بها دواخلي, فلودر اليوم لا يقاتل فيها السلاح وحده، بل يقاتل فيها الصدق والحرص والوفاء لهذه المدينة وتقاتل فيها الأرواح التي لا تهاب الموت ولا تخشاه وتتمنى أن يكون مصيرها إن لم تدافع عن مدينتها.. فيها الأطفال يكبرون ويهللون وينتفضون من مهادهم ويحبون نحو ساحة النزال دون خوف أو وجل أو جزع.. فيها اليوم شيئان اثنان يبحث عنهم أهلها، إما العيش بكرامة وعزة أو الموت بشرف وشهادة.. فماهم اليوم أهلها كانوا كلهم لودر, كانوا شوارعها, أزقتها, منازلها, هوائها, ماؤها, ابتسامتها التي يناضلون من أجل أن تظل مرسومة على محياها, وسعادتها التي سيضحون من أجلها بالغالي والنفيس.. اليوم لودر استثناء بشموخها وعزتها وكبريائها وصمودها واستبسالها, استثناء لأنها لم تضعف لم تستكين ولم تجزع, لم تول الأدبار أو تنكسر كالجبناء دسوا رؤوسهم في التراب كالأنعام,ورضوا لأنفسهم بالذل والهوان والخنوع, لودر لم تقبل أن تكون مستعبدة ومستبدة ولم تقبل أن تكون لغير أهلها الذين ارتوى ترابها من دمائهم وحرستها أرواحهم.. لودر فيها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وصدق الله معهم وأيدهم بنصره وقوته ومنحهم الشجاعة والصمود, فلله درك يا لودر وكان الله في عونك, وكان النصر حليفك..
فهد علي البرشاء
لودر..والنعام التي دست رؤوسها في التراب 1971