بوضوح أكد فخامة الأخ/ عبد ربه منصور هادي ـ رئيس الجمهورية ـ في خطابه الهام عشية الذكرى الـ"22" للعيد الوطني، على وجود فساد في الإعلام ينبغي التصدي له، باعتباره يمس في الصميم السلم الاجتماعي سواء كان إعلاماً تحريضياً ضد الآخر أو متقاعساً عن أداء دوره الوطني كما يجب، كما هو الحال في قناة (اليمن) التي كشفت عن دور هزيل للغاية في تغطيتها للحادث الإرهابي الفضيع في ساحة السبعين، حيث كانت التوجيهات من رئيس القناة على عدم البث في حينه وتأخير الصور رغم وجود القناة في ميدان السبعين وقدرتها على النقل مباشرة ومع ذلك ظلت الحقيقة غائبة حتى قدمتها بطريقتها قنوات أخرى مثل اليمن اليوم وآزال والعقيق.
ونحن هنا نسأل: لما هذا التأخير في نقل الجريمة وقد حدثت ولا تحتاج إلى مغالطات وتأمل طويل؟ ولما أيضاً هذه القناة في أوج الحادث وغمرة الحزن وحالة الفضاعة كانت تغني الأغاني الملاح؟ ولما التوجيهات من رئيسها بعدم البث في حينه كتوثيق للتاريخ ونقل للحقيقة ووضع المواطن والعالم في الصورة وجهاً لوجه دونما مراوغة أو بحث عن مبرر للتأخير والانتظار حتى تقوم قنوات أخرى ببث الجريمة وكأن ما يحدث لا علاقة له بالوطن ويجري في واق الواق؟.. هذه صورة واضحة من فساد الإعلام وتردي الخطاب وهزال الكلمة التي لم تكن بمستوى فضاعة الجريمة وما أحدثته من هزة وجدانية في الضمير العالمي لتبقى قناة اليمن خارج الحقيقة ونجدها من قنوات أخرى وتفاعلات عالم آخر، حتى أن من تابع قناة (اليمن) وقنوات مثل الجزيرة أو العربية أو البي بي سي، يجد الفارق كبيراً في تناول الحدث والتعاطف معه وكشف فجور الإرهابيين ودمويتهم وحقدهم على الحياة، في حين لم نجد لقاءات وتحليلات وتناولات من قناة اليمن تبرز الجريمة النكراء وكانت في التغطية تابعة للآخر رغم وجودها في قلب الحدث وهي أقدر على نقله وتحليل الحدث وتناوله من جميع الجوانب دينياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً إلخ، غير أن الرغبة في التخفي والهروب من المسؤولية والاشتغال على المزايدة يكشف عن فساد حقيقي لدى مسؤولي هذه القناة بتقاعسهم عن تقديم الرسالة التي يجب، لتكون محطات مثل العربية والجزيرة هي التي يستقي منها المتابع للمعلومة، ولسنا نعرف لصالح من هذا اللعب والتلاعب في أداء الرسالة الإعلامية؟ولما دائماً قناة اليمن باهتة في خطابها وصورتها وتفتقد إلى المنهجية رغم توفر الإمكانيات مقارنة بقناة (عدن) التي إلى حد ما نقلت ما يستحق التعليق والتحليل وإبراز الجانب الإرهابي البشع في هذا الحادث، بينما نجد الأمر في غير محله وأقرب إلى التقاعس والمغالطات وهو الفساد الأخطر من السرقة للمال، لأن ثمة ما هو ماحق ولا يرقى إلى التعبير عن مشاعر أبناء الوطن في حادث إجرامي مرعب اختل معه التوازن النفسي للجماهير وهم يرون دماء أبناء جلدتهم تسفك في السبعين دونما ذنب، فيما قناة اليمن آخر من يعلم وظلت تغني على "يا حبيبي يا نور العين".
هكذا إعلام الفساد لا يعرف غير المزايدة والتهاون والبحث عن مغالطات تذكرنا وبقوة حينما أعلن رئيس قناة اليمن وبلا حياء أو حتى وازع أخلاقي ومن على الشريط الإخباري للقناة، أنه سيوقف البث بفعل عدم كفاية المخصصات المالية للبرامج وكأن القناة لا تمثل الجمهورية اليمنية وليست ناطقاً رسمياً للنظام وللدولة وكأنها ليست القناة الوطنية التي لم تعرف التوقف بقصد لحظة واحدة ويأتي مسؤولها الأول يهدد وطناً وشعباً بأسره بأن القناة ستتوقف عن البث وهو ما خلق صورة سيئة للغاية لدى من تابع القناة في الخارج وقد هاتفني صديق مغترب من السعودية وبدون مقدمات أو حتى سلام وشن هجوماً لاذعاً على العبد لله بقوله: ألا تخجلون من أنفسكم؟ ألا تستحون؟ ألا تتقون الله في هذا الوطن؟.. ومن فرط هجومه أردت أن أهدئه قليلاً قلت له :على رسلك يا صاحبي ما الذي جرى حتى لم تسلم على صاحبك؟.. وأجاب: بالله عليكم اليوم هذا نتابع الجريمة البشعة من قنوات أخرى وبتعاطف شديد وقناة الوطن الرئيسية آخر من يقدم المعلومة وقبلها تبث في شريطها الإخباري ليوم كامل أنها ستتوقف، لنصير بهذه الفوضى واللامبالاة فرجة العالم، هذه القناة تبث لكل القارات ما الذي تفعلونه من مهازل، توقيف البث يعني مساساً بتوجهات نظام ودولة وتوقيفها أو التلويح بذلك إنما هو توقيف للسان حال الجمهورية اليمنية، حقيقة أنتم تقدمون كوميديا سوداء بهذه الفوضى واللامبالاة.. وقال لي هذا الصديق: لو أن هذا التهديد بتوقيف البث تحت أي مبرر تم من أي دولة مهما كانت تحترم حرية التعبير، لما بقي مسؤول القناة لحظة واحدة يديرها بعقلية كهذه تهدد وطناً وشعباً ودولة بتوقيف القناة الرسمية،لقد جعلتمونا نخجل كمغتربين من هذه السلوكيات السيئة..ولم أكن حينها قد قرأت الشريط الإخباري وذهبت سريعاً لفتح هذه القناة لأجد الوقاحة كلها والابتزاز الرخيص لمؤسسة كاملة ـ إما المال لنهبه أو توقيف البث ـ وسألت نفسي: كيف يمكن أن يؤمن هذا المسؤول على تسيير هذه القناة ولديه هذا النزوع المخيف لتوقيف البث بلا مبالاة وكأن هذه القناة ملك يمينه أو أن والده اشتراها له ليلعب بها؟.. الحقيقة كنت مصدوماً من هكذا مسؤول قناة غبي لدرجة التطاول على قناة سيادية وناطقة باسم الجمهورية اليمنية وتمثل النظام وتجسد تطلعات شعب وليس رغبات المسؤول الأول فيها، والعجيب أن رئيس القناة يهدد بتوقيف القناة حتى أمام المسؤولين الأعلى منه، لمجرد أن حاجياته لا تلبى وتحت هذا المبرر يتقاعس عن أداء إعلامي وبرامج متميزة ويركن إلى عذر المخصص لا يكفي وباسم المخصص يتم التلاعب في الخطاب الإعلامي ويفضل الرديء شكلاً ومضموناً على ما عداه والأمر الأكثر غرابة أننا لم نجد مسؤولاً عليه قدم له حتى عتب بسيط عن تهديده بتوقيف البث، فيما كان الأحرى اتخاذ إجراءات فورية للتحقيق في الأمر وبأي صفة يمكن لهذا المسؤول إيقاف البث، لكن ذلك لم يحدث وجرى التعامل معه بتدليل لا يوصف وبقولهم: طيب إهدأ، حاضر، مرحبا، هدئ من روعك.. فيما هو يرعد ويزبد كأنه فاتح السند والهند أو كأنه المالك الحصري لهذه القناة التي أوشك أن يحولها إلى منطقة محظورة خاصة به، حيث وصل به الأمر إلى منع المختصين في المؤسسة من دخول المرفق وهو من حقهم قانوناً ولم يحدث في تاريخ المؤسسة أن أقدم مسؤول تعاقب على هذه القناة بمنع الموظفين في المؤسسة من الدخول لإجراء مراجعة مالية أو دراسة تحتاج إليها المؤسسة أو اجتماع لتحسين مستوى الأداء..الخ، لكنه الآمر الناهي من يتجاوز مرؤوسيه إلى من هو أعلى منهم يبحث عن اتفاق خاص به وكأنه من يشتغل ويهم العمل ولديه كل المتاعب، فيما الآخرون يعرقلونه حتى إذا فشل وهو كذلك وجدناه يلقي بكل الفشل على من هو أعلى منه.
وفي كل الأحوال لقد شخص رئيس الدولة معنى الفساد الإعلامي وهو أخطر من المالي والإداري وبلا شك ندرك نحن معنى المغالطات في تردي الخطاب وجعله غير مؤثر ونفهم مكامن الإختلال بحكم معايشتنا لما يتم وأين جوانب القصور وأسبابها وبحكم التجربة في العمل الإعلامي الذي لا يقدر معها أحد على المغالطة والمزايدة والكذب وتسويغ الفشل ونقله إلى الآخرين.. وبكل صدق أشك أن ثمة تقدماً ورقياً في الرسالة الإعلامية سيحدث ما بقي المتجاوز للنظام والقانون هو من يدير العمل بمزاجية وارتجال وما بقي المسؤولون يخشون حتى عتابه وينافقونه في أنه ناجح ويقدم رسالة إعلامية متميزة فيما هو يقول.
"أنا لست كذلك ومالكم لا يكفيني" هذه المفارقة تجعله يتجاوز مرؤوسيه ويصل به الأمر لباسندوه يهدد الآخرين به وفي أنه قادر على الحصول على توجيهات من رئيس الوزراء الذي أثق أنا تماماً أنه يرفض استغلال المعرفة به في اتجاه يخدم المصالح الذاتية، فرئيس الوزراء الفاضل باسندوه أجل وأكبر من تفكير رئيس قناة اليمن وهو بكل تأكيد يرفض أن أحداً يهدد أو يلوح بتوقيف البث أو يتقاعس عن تغطية حدث بمبرر عدم كفاية المخصص..والعبد لله يتحدث بجرأة عن هذه القناة خوفاً من أن يصل الحمق برئيسها إلى توقيف بثها فعلاً، فهو يتطاول أكثر من اللازم ولا يليق بأحد أن يصمت على هكذا صلف إلا فاقد المسؤولية أو غبي والأمر أن كل هذا من أجل مزيد من المال ولعل الزملاء في القناة يعرفون جيداً أين تذهب مخصصات البرامج وماذا تعني نثريات 2000001 لمكتب المسؤول الأول و150000 مكافأة سكرتيره الإعلامي ليمارس هجومه على مسؤولي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بطرق عدة و100000 محروقات رئيس القناة و300000 إلى 2000000 مليون في بعض الدورات المناسباتية كرمضان تحت مسمى إشراف برامجي و100000تلفونات وخلافه و200000مكافأة مدير المكتب.. كل ذلك مخصص شهري لا ينقطع وبوضوح وكأنه حق قانوني، أما ما خفي الله أعلم، وبعدئذ يقول المخصص المالي للبرامج لا يكفي ويهدد بتوقيف قناة اليمن بما تمثله من سيادية وطن وببث يصل إلى أرجاء المعمورة..
وفي كل الأحوال نقول لمسؤولي المؤسسة وما فوقها: لا يخوفنكم باسليم وجنوده باسم الرجل الطيب محمد سالم باسندوه، فنحن على ثقة بأنه يرفض الفساد ويحاربه ويريد هزيمته من أي كان، فلا تتهربوا من اتخاذ ما هو قانوني وتدارون الفشل وتهربون من كلمة عتاب ولو بسيط في حق من يريد توقيف البث لقناة الجمهورية اليمنية وهو يستحق الطرد فعلاً لو كنتم تفقهون معنى سيادية هذه القناة.. أما نحن فنقول: تقطع لسان من يهدد بإيقاف ضمير الوطن وصوت اليمن وموقف اليمن وخاب مسعى كل متهاون لا يقول كلمة حق.
محمد اللوزي
قناة "اليمن".. هزال الكلمة!! 1917