فتن أدخلت إلى اليمن من أجل النيل منه والسيطرة وبسط النفوذ عليه نظراً لموقعه الإستراتيجي وكرهاً لأي استقرار قد ينعم به اليمن السعيد، وتعود هذه الفتن لألف سبب وسبب كلها خارجي يصدر إلينا فتتلقفه نفوس سقيمة وعقول قاصرة، فتصنع الفتن وتؤجج النيران، وتتأصل الإحن بعد وقع المحن في ظل أرقام مخيفة من الأمية والجهل في بعض المناطق وعقول خاوية تسمح لدخول السموم إليها دون أدنى اعتراض.
فإنه إذا لم يكن في الإناء ما يملؤه، استطاع كل حامل ماء أو سقاء أن يصب فيه بعض مائه.
هذا ما فتح الأبواب أمام النزعات العرقية والطائفية في مرحلة ضعف مر بها اليمن، فهذه النزعات تموت في الأمة القوية المتماسكة المتراصة الصفوف وتحيا وتنتعش في الأمة الهشة المتهرئة الممزقة، أضف إلى ما سبق فقدان بعض الجماعات المكاسب السياسية جعل كل النفوس الانتهازية لتشكيل حركات وكيانات هدفها إقلاق الدولة واهمة بأنها ستجني أخيراً إرضاخ الدولة والدخول معها بصلح يفضي لوصولها إلى السلطة.
إحدى هذه الحركات، الحركة الحوثية التي عمدت إلى عدم تشكيل حزب سياسي، لعلم زعمائها سلفاً بفشلهم، إذا سلكوا الطريق الصحيح لنيل أي حق، فحقوقهم التي في مخيلتهم قائمة على الإنتهازية وتزييف التاريخ والواقع.
***
يمتاز أنصار الحركة الحوثية بالدوغمائية الأخلاقية - الجمود العقائدي- وذاك بالتأييد الأعمى لمبادئ أو مطالب مذهبهم بدون تفهم قيمته الاجتماعية ولا دراسة الحالة الملموسة التي تتحقق فيها ولا مراعاة العواقب الاجتماعية التي تنجم عنها، لتمرر بصورة خاصة الأخلاق المسيطرة في مجتمعهم الاستغلالي التي تبذل شتى الجهود للتستر على مغزاها الاجتماعي وهي سمة مميزة لهم، إلى جانب رياء وخداع الجماهير وإلهاب مشاعرهم بتهويل مأساة أهل البيت ومحبيهم على مر الزمن.
*** ***
أخطر ما في هذا، استغلال الثورة الشبابية واجتماع عامة الناس في ساحات التغيير والحرية ليقوم أتباع الحركة الحوثية بنشر سمومهم القاتلة، فتقربوا من كل الشباب وفي آمالهم لو استطاعوا التأثير على عشرة أشخاص لكان بالنسبة لهم إنتصاراً عظيماً.
سعي دؤوب لتسميم أفكار العامة، فتم اصطياد الشباب ومنحهم أدوات بسيطة فيها سمهم الناقع " كتب، صوتيات، خطب، ملازم وغيرها" عبر ذواكر الكترونية أو أقراص ليزرية وجعلهم - أي الشباب المستهدف - يتلهفون أولاً في معرفة حقيقة الحركة من دافع الفضول وحب استطلاع لعقائد يقوم عليها المذهب الشيعي بشكل عام، ثم ما تلبث تلك الرغبات الاستطلاعية متحولة إلى ممارسة الجدال والنقاش بأمور المذهب الشيعي وتكرار مصطلحات وشعارات خاصة بالحوثيين من باب المزح أو الدعابة أو الاستعراض السخيف لدى شبابنا وهم بغفلتهم لا يدركون بأن هذه المراحل خطيرة وذلك كونها رسائل سلبية ترسل إلى العقل الباطن الذي بدوره يستقبلها وحال تكرارها تتحول إلى واقع، يلبث هؤلاء الشبان بعدها فترة وجيزة -قد تطول- تأتي بعدها مرحلة التصادم الداخلي والاضطراب بين مذهب تربى عليه الشاب منذ صغره ومذهب جديد غرس عنوه وتأصل بطريقة ممنهجة، ويقود الصراع الداخلي أخير هذا الشاب أو ذاك إلى الانتحار أو الجنون أو الإلحاد.
شخصياً كاتب هذا المقال يؤمن بحرية الأديان والمذاهب والطوائف شريطة احترام مواثيق وقوانين الدولة الموجودة فيها، لا نمانع أن يكون هناك طائفة شيعية بقدر تمنعنا عن زحف نفوذها والتآمر مع الخارج الفارسي لضرب مصالح اليمن وقتل أبناء الوطن، وإقلاق الأمن، وإيثاره النعرات الطائفية والمناطقية.
ليعلم كل من كان حوثياً أو متعاطفاً معهم بأنهم لن يستمروا في غيهم وزحفهم المتهور نحو تسميم عقول شباب الوطن أخلاقية وقد قام الشعب بثورته ضد الإمامة سابقاً وضد الظلم وثقافة الاقتتال حالياً، هذا الشعب بإيمانه وإخلاصه وحبه لوطنه وبقادته الشرفاء سينجزون على كل من يصوب رصاصات الغدر إلى قلب الوطن، وعلى من ينادون بالموت لإسرائيل ولأمريكا فيدمرون حجة وعمران والمحويت والجوف وغيرها.
لن يسكت هذا الشعب عن الأفعال الشيطانية وزرع الألغام وخطف البشر الذي كان آخرهم مهران الحكيمي، وتلفيق تهم أخلاقية إليه بعد أن أدركوا قبح فعلتهم، الجيش الذين يطهر مدينة أبين من أنصار الشيطان سيطهر اليمن ببقاعها الطاهرة من كل أعداء السلام والمحبة.
إذا كان الحوثيون يريدون العيش بحرية وسلام فليمعنوا النظر إلى خارطة العالم لمعرفة موقع أمريكا وإسرائيل !وأن يدعوا سمومهم لهم يحتسونها صباح مساء دون تجريعها أحداً من شبابنا، هذه هي حرية المعتقد والمذهب التي لن يجدوها في أي أرض عدى ذلك فإنهم يحولون الوطن إلى عدو ويحكمون على أنفسهم بالزوال.
أخيراً إلى جميع الشباب: تنبهوا من هذا الخطر ومن محاولة الانسياق وراء مخططات تنهك حياتكم وتقودكم إلى جحيم.
أحمد حمود الأثوري
الخطر القادم من أقصى الشمال 2856