سقوط شهداء الوحدة،بتلك المئوية الصادمة وإضعافها من الجرحى،وفي توقيت حساس للحظة شعورية عامة،وميدان فسيح مكشوف على الشمس وضريح الجندي المجهول،هذا السقوط بتداعياته الهازة للوجدان اليمني الجمعي والقافزة على أدوات التنبؤ والقياس (بما في ذلك مقياس ريختر )إنما
يدفع باتجاه صدور جمهوري عاجل بنقل ضريح الجندي المجهول إلى جوار منصة الإيمان يمان والحكمة يمانية في ساحة التغيير، على أن تنقل منصة الاحتفالات إلى الضفة المواءمة من ساحة الستين ويطلق على جامع الصالح اسم جامع شهداء السبعين، باعتباره بيتاً من بيوت وليس عقاراً خاصاً أو ملكاً شخصياً ربما كان قرار إقامة العيد الوطني الثاني والعشرين للوحدة اليمنية صائباً ومخطئاً في ذات الوقت، فمن ناحية هو أراد إعادة الاعتبار التاريخي للمكان الذي تعرضت هويته لمتوالية جارفة من حالات الاستلاب السياسي، منذ أول جمعة أعقبت جمعة الكرامة في 18مارس 2011وحتى 23مارس الماضي،ليلة حفلة ميلاد الزعيم "الرئيس السابق".
ومن ناحية ثانية ألغى القرار الرمزية الثورية الجديدة التي اكتسبتها ساحة التغيير وميدان الستين في أمانة العاصمة من حيوية الفعل الثوري والتصاقه الحميم بالمكان المتضمخ بدماء الشهداء وصرخات النضال وفعاليات الثورة التغييرية التي أنتجت معالم وطنية وتاريخية جديدة وتقويماً زمنياً حداث يتناغم مع عمر الدولة المدنية المتخلقة من رحم الستين وليس السبعين.
كان ثوار ساحات التغيير بإحيائهم المناسبات الوطنية وذكرى أعيادها وفي أولها العيد الوطني الحادي والعشرين للوحدة العام الماضي، إنما يعلنون عن أن أياً من ميدان التحرير أو السبعين لم يعد
مكاناً رسمياً وحصرياً لإقامة مناسبات الوطن باعتبارهما مكاناً سالباً تخلى عن مكانته لصالح أنصار وأغراض نظام ثار اليمن كله في سبيل إسقاطه ووقف التحرير والسبعين ضداً على الإرادة الشعبية العامة والفعل الثوري،كما أنهما ساهما إلى حد مؤلم في عرقلة الثورة وتأجيل الحسم وإحداث خلل مباشر في مسار الثورة الطبيعي الذي كان سيفضي،فيما لو لم يتم مناهضة الجمعة بالجمعة إلى نتائج بدون تنازلات.
وجاءت الحادثة الإرهابية في يوم بروفة العرض العسكري الذي كان مقرراً في ميدان السبعين لجانب التأكيد المعمد بدم الشهداء الميامين ليضع القيادة السياسة أمام خيار واحد،هو أن حتى الأماكن تتغير بفعل الثورات وثورة لا تصنع معالمها الخاصة بها هي خدجاء ناقصة،غير مكتملة النصاب التاريخي والوطني، ما يعني تالياً هو أن "السبعين " بات سيء السمعة وأنه يتوجب على الحكومة الحالية أن تبحث عن مكان غير متدنس يليق بضريح الجندي المجهول والمائة شهيد وبحضور التاريخ بكامل أناقته لوضع باقة ورد على الضريح وأخرى أمام أصحاب القرار.
على جنب:
هل اغتسل ميدان السبعين بكل هذا الدم ليتطهر من أدران وخطايا النظام السابق الذي حوله من ساحة وطنية إلى سوق حراج؟ وهل دم الشهداء الطاهر..مطهر لغيره؟.. إذا كان الأمر كذلك فإن ميدان السبعين يكون قد أعلن رسمياً ـ الاثنين الماضي-استقالته النهائية من النظام السابق واستعادة هويته الثورية المستلبة ويوم الاثنين يجب ما قبله.
عبدالرزاق الحطامي
الستين.. لا السبعين!! 1816