كان يوماً ليس كباقي الأيام وكانت المدينة ملونة بأشلاء بعض أبناءها الأحرار تماماً، حيث كان ليلها ممزوجاً بأشلاء وجثث شباب وشيوخ وأطفال ومعاقين .. لا أقول ممزوجة بالدماء، لأن اللئام لم يسمحوا حتى للدم أن يشق طريقه في ذلكم اليوم، بل جعلوها محرقة تفتت الأشلاء قبل صعود الأرواح الطاهرة إن شاء الله ..
لا أستطيع استعادة شريط ذلك اليوم لذهني إنما ذاكرتي هي من ستحكي وقلمي من سيكتب عن ذلكم اليوم المشؤوم الذي جرنا للترحم مرات ومرات على شهداء الأخدود الذين ذكرهم الله في محكم كتابه العزيز ..إنما في هذه المرة كان أبطال الأخاديد ينفذون محرقة ضد أشرف أبناء وطنهم الأغلى ولسان حال هذا الوطن تقول للقتلة : إنني بريء من أعمالكم الوقحة التي جعلتكم تتهادون أوسمة الخزي والعار والوقاحة والشماتة وتتسابقون عليها في موقف هو أشبه بمن تجرّد من ضميره وإنسانيته ليعمل هكذا تصرفات وزعت أشلاء الأبرياء والعزل على أفواه الخونة ممن حاولوا وبكل عتادهم وجبروتهم الضعيف الخائف استباحة حالمتنا الصامدة ..
ارجميهم يا جبال العز خزياً وارجمي منهم شعوراً قد تجمّد
إن قلبي لتعز فيه جرحاً لم يضمّد
فأشعلي فيهنّ خوفاً لا ليرحل ليعمّد
إنها محرقة تعز التي كشفت عن الحقد الأسود الدفين المتفيهق الذي يحمله من يأكلون الذل ويشربون الدموع والدماء وينامون على الأشلاء والركام .. إنها محرقة بكل ما تعنيه الكلمة ولا منازع..راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى والمحروقين من أبناء الحالمة رافعين رؤوسهم غير خافظين عالية هممهم قوية عزائمهم صادقة نواياهم صلبة مواقفهم ومذهل صمودهم ارتقوا إلى السماء وأشلاؤهم تخاطب محرقيها :
أجز ما بدا لك من حرقنا وسلب ذا حقوق الصغار أجز
سينفيك عنّا تصبرنا بأنا سنحيا لتحيا تعز
حتى المعاقين حركياً كان لهم موعد مع الموت والحرق في ذلكم اليوم المشهود مع ناهبي الخيانة والوقاحة واختلاف الضمائر، ظانين بأنهم سيذلون حالمتنا الغالية التي لا تركع إلا لله في محاولة لهم بأن يعيدوا العملاق إلى النوم الذي نفضته جفونه في يوم 11فباير 2011.. وأنّى لهم ذلك!!
كناطح صخرة يوماً ليكسرها فعاد خائباً والقرن مكسورُ
(فَمَا اسطَاعُوا أَن يَظهَرُوهُ وَمَا استَطَاعُوا لَهُ نَقباً)، متجاهلين أنه من الحماقة قطع الفولاذ بالخشب خانتهم نواياهم المزعومة من هي الحالمة التي ظلت مراراً وتكراراً من سنين تكشف تلاعب الأيدي السفيهة والعقول المخرفة والجثث الهامدة والخاوية وتلاعبها بالشعب ليحاسبوها على ما اقترفت من حرية وبسالة ورفض للباطل وشق طريق الحقيقة للناس أجمعين بعد أن كابسها نظام الـ33 وأزال معالمها منذ أمد ولما انتفظت الحالمة ضد هذه الأعمال الدخيلة قامت قيامة حقدهم وقالوا لأزلامهم : لتكن لكم نعومة الأفعى في الزحف إلى تعز والنيل منها لأنه من الصعب أن تصل الرجلين إلى الرأس ومرة أخرى أنّى لهم ذلك؟!! باختصار إن المحرقة التي ارتكبت بحق أمي الغالية تعز في يوم 20/5/2011 لا يستطيع أي عقل استيعابها لأنها أحرق الأحاسيس قبل الأجسام وفتتت القلوب قبل الآلام وذلك، لأن من نفذها أصحاب النفوس الجامدة التي رضعت فكر إبليس فازداد حقدها على الأرض والحرث والنسل في تعز فكان ما كان من تلكم النفوس التي لا تراعي بأن هناك ملكاً في السماء قادر على سحقهم هم ووليهم لا يعون أن ما عملوه : باطل شرعاً ممنوع عقلاً لا يفكر فيه إبليس نفسه..
أي ظويلم : كم قد قتلتك بالهجاء ولم تمت إن اللئام طويلة الأعمار
تأرجح قلمي والله عن وصف ذلكم الحقد الأسود الأنشط الدخيل الذي لم أرَ مثله مذ ولدتني أمي.
وأخيراً أٌقول لإخوة تلكم الفعلة اللخجاء : إن من كمال عدل الله أيها القتلة والمحرقين أن لا يدع في ذلكم اليوم (يوم القيامة) مظلوماً حتى ينتصف له من ظالمه ولن يجاوز جسر جهنم ظالماً حتى يؤدي مظلمته حتى وإن كانت لطمة فما بالكم بمن أحرقوا شباباً ومعاقين كان جرمهم أنهم طالبوا بحقوق أنزل الله بها سلطان ؟؟!! ولا نامت أعين الجبناء ..
أي تعز: سأترك نعت الناس إلا نعوتك وإلا فأم الشعر منّي مطلقة فقد طلقت نعت سواك من قبل عقد الدراسة .
استراحة :
أنا من تعز وهذه أوراقي
شهدت بأن الحب في أعماقي
أنا من تعز مدينتي وعشيقتي
وبها عرفت بسيد العشاق
فيها ومن أغصان رماناتها
كحلت عين الفجر في الأحداق
أنا من تعز مدينةُ قدسيةٌ
ومناط كل مجاهد ِسباق
تعز: علمتهم لغة الكتاب فواجهوها بالكتائب، أهدتهم أنفاس القرآن فأهدوها محرقة قيران، غنت لهم طاب البلس غنوا لها طاب الحرس.
ختاماً :
نسأل من الله الإخلاص في كل قول وعمل وأن يضمد جراح تعز ويلهم أهلها الصبر على ما مروا به وأن ينتقم لتعز ممن سفك دماء أبناءها إنه قادر على كل شيء ولا تنسونا من خالص الدعاء وصلوا على النبي..
صدام الحريبي
في ذكرى محرقتها.. عذراً أمي الجريحة 1808