في مثل هذا اليوم من العام المنصرم أحرق المجرمون ساحة الحرية بتعز، هذه الجريمة التي هزت المشاعر والوجدان فقد كان عملاً بربرياً همجياً حقيراً خالياً من أبسط قيم الإنسانية من قبل نظام منحط متجرد من الآدمية ويفتقر لأبجديات الوازع الديني ولا يعرف إلا لغة القوة وبعنجهيته وكبر وحقد غائر في نفوسهم على تعز الثورة أبرموا أمرهم على إحراق الساحة والقضاء على الثورة نهائياً كون تعز هي شرارة الثورة ومصدرها في مختلف ساحات الجمهورية، فأقدموا على إحراق الساحة ظناً منهم أن تعز لن تستطيع الوقوف أمام قوتهم العسكرية الضاربة المزودة بمختف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وفعلاً ارتكبوا جريمتهم عصر يوم ٢٩ /٥ / ٢٠١١ حتى صباح اليوم الثاني بقلوب من حجر وأسلوب تتري أطلقوا النيران أحرقوا الخيام، فاحترق المعاقون لعدم تمكنهم من الفرار، نهبوا كل ما يصادفهم، اعتدوا على مستشفى الصفوة بما فيه من الأمراض والكادر ونهبوا معداته الطبية ومالا يستطيعون حمله من الأجهزة أطلقوا عليه النيران، كما اعتدوا على فندق المجيدي وحولوا الساحة بما فيها إلى قاع صفصاف وسط استغاثات وتكبير من الحاضرين ولكن لاحياة لمن تنادي وباعتراف قائد المحرقة قيران أن العملية تمت دون أن يصاب أي جندي من المنفذين للعملية بأذى، فارتفعت معنويات المجرمين القتلة واعتقدوا أنهم قد نجحوا في مهمتهم التي تفاجأوا أنها سهلة فأسفوا كيف لم ينفذوها من وقت مبكر وفي اليوم التالي انتشرت المدرعات والحرس الجمهوري والأمن المركزي وكل قوى الشر على كل شوارع تعز باستعراض المنتصر وبنشوة لا توصف وكانوا إذا شاهدوا ثلاثة أشخاص في الشارع يطلقون عليهم الأعيرة النارية بشكل مباشر مسترخصين الدماء والأرواح وعندما خرجت مسيرة نسائية واجهها هؤلاء الأشاوس وتلفظوا عليهن بأقذع الألفاظ التي لا يمكن أن يتلفظ بها رجل عنده غيرة أو نخوة أو بقية من رجولة، كانت هذه المحرقة اختباراً عصيب، لكل أبناء تعز فلم يعد الأمر واقفاً عند حد الثورة ولكن محك صعب لتعز وأبنائها، إما أن نكون أو لا نكون فلم يبقَ شيئاً نخشى عليه إذا لم نرد الاعتبار لتعز وأهلها، فاستشعر أبناء تعز جسامة الموقف وضرورة النهوض، فتداعى أبناء تعز الغيورون وفي مقدمتهم التكتل الوطني لأعيان تعز الأحرار وكل الغيورين، فالتقينا في ثاني أيام المحرقة في منزل الشيخ/ حمود سعيد الخلافي بمائة شخصية اجتماعية وتعاهد الجميع على رد الاعتبار لكرامة تعز والدفاع عن الأعراض والأنفس والأموال وإعادة الساحة مرخصين في سبيل ذلك الأنفس والأولاد، فنهضت تعز العز والمجرمون في غيهم يعمهون، يشربون كؤؤس النصر الذي حققوه في لحظة كان شعار الثوار سلمية، هذه تعز الثورة على مر التاريخ إذا قالت فعلت وعند حلول أول جمعة بعد إحراق الساحة كان النظام حريصاً كل الحرص على منع قيام الجمعة في أي ساحة كانت، غرهم جهلهم بتعز وأبنائها فكانت المفاجأة عندما أرادوا إعادة الكرة والانقضاض على المتوافدين لساحة النصر، فتحول هؤلاء الثوار السلميون الهادئون أسوداً كاسحة أرخصوا أنفسهم ونذروا بها فداء لكرامة تعز وألا عراض تعز، فهزموا المدرعات والمصفحات والأسلحة المتطورة وفر أولئك الأنذال فرار الفئران يجرون أذيال الخزي والعار هم وقادتهم المجرمون والقلة القليلة من المسؤولين المنتمين لهذه المحافظة الذين باعوا أنفسهم للشيطان دون غيرة على أرض أو عرض وبعدها تحولت تعز كلها إلى ساحة الحرية واستهدفت المدينة بالقصف بالسلاح الثقيل من مسافات بعيدة دون مراعاة أين ستقع هذه القذائف، فزاد ذلك أبناء هذه المحافظة عزيمة وإصراراً وثباتاً، فسقط منهم الشهداء وأصيب كثير منهم بجراحات ولازال البعض يعاني منها حتى اليوم، هؤلاء الأبطال من أبناء الحافظة القليل منهم معروفون والكثير منهم غير معروفة أسماؤهم ولكن الله يعرفهم ويعرف مواقفهم ( منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) ومن عدل السماء أن من أمروا بإحراق ساحة تعز انتقم الله منهم بعد بضعة أيام من إحراقها وأحرقوا كما أحرقوا تعز في نفس اليوم الذي استعادت تعز كرامتها فيها كانت حادثه النهدين بهذا خرج رأس النظام منذ ذلك اليوم وأصبح عبد ربه منصور هادي هو الرئيس الفعلي حتى تم انتخابه في٢٠١٢/٢/٢١ رئيساً للبلاد، هذه تعز التي تهتز الجبال ولا تهتز رغم ما عانت من جراح وبطش، فهي كالذهب لا يزيدها النار إلا صفاءً، فلنترحم على شهدائها الأبطال ونمضي معاً لتحقيق الأهداف التي استشهدوا من أجلها وفاء لهم ومزيداً من التصعيد الثوري والصمود بسلمية تامة حتى نرى المجرمين في قفص الاتهام لينالوا جزاء جرائمهم ولا نامت أعين الجبناء.
رئيس التكتل الوطني لأعيان تعز الأحرار
محمد مقبل الحميري
مزيداً من التصعيد الثوري والصمود السلمي 2227