يتردد بين الأكاديميين شعارات التغني بالماضي المجيد تحت عبارة (كنا) متناسين أنها فعل ماض ناقص..! وخصوصاً عند الدارسين للغة الأم (العربية) طبعاً.
عذراً أيتها اللغة أنا لا أقصد الإساءة لما قدمه الأوائل من منجزات، إنما أعاين ما وصلنا إليه اليوم، فنحن لا نفعل أي شيء سوى التغني بكّتاب ومؤلفين من الزمن الماضي!.
يقولون: (كانوا)... (كنا) نؤلف... متناسين (نحن اليوم) و (سنكون)، مركزين جل اهتمامهم على الفعل الماضي المخلد متجاهلين المضارع المسكين رامين إياه عرض الحائط.
أما عن مضمونه فقد قسم ذلك المفكر الناس إلى ثلاثة أقسام: في الطليعة كان القياديون، ثم في الوسط يأتي المنقادون الذين يتبعون المقدمة إلا أنهم يعلمون إلى أين هم ذاهبون، وأخيرا يأتي أولئك الذين يصفهم بالإبل، فهم يجرون لكن إلى أين؟ لا يعلمون.
ماذا يحدث إن حدث طالب أستاذه بآراء نقدية غربية.. ستنقلب الأرض رأساً على عقب، أو إذا نقد مؤلفاً ما... ستسقط السماء على الأرض.
يكتفون بالرد غاضبين: أنتم ستنقدون ذلك المؤلف العظيم.علماً أن الكثير من مؤلفيهم (المبدعين) على حد تعبيرهم، قد يضاهيهم طالب من الطلاب المتميزين أو قد يفوقهم في أسلوبه.
للأسف الشديد نحن نكرر تماما مأساة الأندلس، نعم فمنذ سقوطها ونحن نتردى في الهاوية فعندما خرج المسلمون الأوائل منها لم يأخذوا معهم سوى البكاء والعويل وبعض المفاتيح الخردوات لمنازلهم التي اندثرت.
أما الغرب فقد أخذوا علومنا، كتبا ألفناها.. درسوها وبحثوا فيها ثم أقاموا عليها نظريات عدة حتى وصلوا إلى ما هم عليه الآن، ونحن منذ ذلك الزمن قدر علينا البكاء والنحيب حتى عصرنا الحاضر.
في كل جيلٍ سيبويه، وفي كل جيلٍ فراهيدي، وفي كل جيلٍ ابن خلدون.
أيها الأكاديميون : إلى أين تذهبون بهذا الجيل؟ إلى هاوية اصطحبتم أجيالاً سابقة إليها! أطلقوا العنان لأقلامهم.. فكوا السلاسل الحديدية التي كبلتموهم بها...دعوهم لينقدوا من يشاؤون وكيفما يشاؤون، فلم يكن أي من مؤلفيكم السابقين ذا كرامة أو منزّلاً فيؤخذ بما كتب مسلماً مقطوع الشك فيه.
دعوهم... ففي لحظة سابقة محددة كان لابد أن ينبثق شيء من العدم، واليوم نعدكم أنه سينبثق شيء لكن ليس من العدم.
رائد محمد سيف
طلابنا هم الأمل ( 1-2 ) 1898