إن تحديات التطرف السياسي في الوقت الذي نشكو فيه من مخاطر التطرف الديني، الذي يعتنق فكر الإرهاب والذي يستعدي هو الآخر كل فكر يميل إلى الاعتدال والوسطية ويتمسك بمنهاج "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، بل إنه يعمل على تكفير المجتمع وينكر حق أبنائه في الحياة الآمنة وبالمستقرة على قاعدة التعايش والوئام ومبدأ التسامح الذي يشكل مرتكزاً أساسياً لازدهار الحياة ونماء المجتمعات.. إذن هذا الفكر التكفيري وصل بالبعض رغم أنه فهم ما يحدث متأخراً أو سرق رؤوس الأقلام كما يقال ان يصور الأحداث حسب منطقه الغريب المتطرف,يا جماعة الخير لماذا صرنا نعدد استعمالات مصلحاتنا العربية والإسلامية بحسب الهوى حتى وصل بالبعض أن يطلق كلمة شهيد الحب على من مات بسبب حبه لفلانة؟، بل إني أجد أن الكفار وبقية الأديان قد أخذوا هذه الكلمة ليستعملوها على موتاهم !..هناك شهادتان فالشهادة في سبيل الله هي شهادة الفوز بالآخرة لمن قاتل في سبيل الله والقسط ولا يمكن ان يكونن شهيدا من مات في سبيل الدنيا و كما وصف القران الكريم ان يكون شهيدا على ما يحدث، جاء في سورة المائدة: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط "..والأشد إيلاماً أن نجد هذا الفكر المتطرف بجناحيه السياسي والديني، رغم الاختلاف الثقافي يتلاقح مع بعضه البعض، ويتفق على هدف واحد هو نشر الفوضى والخراب والتدمير في هذا الوطن بعد أن التقت أهداف أصحابه على غاية واحدة هي إسقاط النظام لأن في إسقاط هذا النظام فرصة لكل منهما في القيام بما يحلو له حتى ولو كان الثمن لذلك تمزيق هذا الوطن إلى عدة أشطار، فالمهم أن يجد كل منهما نصيبه من هذه الكعكة مع بقية الجوقة التي لكل منها أجندته.
إن قضية التطرف قضية قديمة لو دققنا في التراث الإسلامي فقد امتلأ بالعنف مبرراً الخروج عن الإسلام أو الاتهام بالكفر والزندقة، واستخدمت نزعة الدجل الديني من قبل البعض من الدجالين الذين زوروا الأحاديث النبوية لتمرير أهدافهم كما استخدمت السياسة لتسييس الطائفية للدين وبهذا وخلال الحقب التاريخية اللاحقة، فالتطرف الديني مستمر ما دامت هناك نسبة عالية من التخلف والأمية والفقر، وهنا نجد أن المنظمات الإرهابية والمليشيات المسلحة التي تأسست على النهج الطائفي تستخدم الدين والطائفية لتنفيذ أهدافها السياسية وصولاً إلى السيطرة على السلطة السياسية وقد استخدمت العنف بكل أشكاله وصوره من الذبح البشري والاغتيالات والتفجيرات المحرمة حتى في جميع الأديان والأعراف الإنسانية وليس فقط في الدين الإسلامي فحسب ولم يتأخر أي تنظيم إرهابي أو الميليشيا الطائفية من استخدام العنف في تصفية المخالفين بالرأي والفكرة وبواجهات دينيه كما أنها استخدمت العنف والتطرف بالضد من الأديان الأخرى كالمسيحية والآزيدية والصابئة والكاكائية وبالضد من أماكن عباداتهم بحجة أنهم أعداء للإسلام وهم لا يدفعون الجزية ويبررون جرائمهم ويحمونها بالنصوص الدينية، لا بل أحياناً باستخدام آيات من القرآن الكريم، وكل جهة منهم كي يصل إلى أهدافه السياسية يُحمل المخالفين بالرأي والعقيدة الخروج عن تعاليم الله وسننه، ففي الماضي يقتل على الخازوق أو يحرق بالنار أو يعدم بطرق غريبة لا إنسانية، أما اليوم فالقتل بواسطة الطائرات والدبابات والأسلحة الحديثة والمفخخات والتفجيرات والاغتيالات بكاتم الصوت ثم التغييب في السجون لسنوات طويلة، أي تمازج الإرهاب والتطرف الحكومي مع الإرهاب والتطرف عند المنظمات الإرهابية السلفية والأصولية واليمينية، أحياناً قد لا يكون أمامك إلا خيار واحد رغم وجود خيارات أخرى ولكن حقناً لصراعات قد تعصف بمستقبل أمة فإنك تؤثر مصلحة الآخرين على نفسك، كعادة هؤلاء المستجوبين فإنهم لم يتعلموا الدرس كما لم يأخذوا للنهج الديمقراطي والدستور، كثيرون ممن امتدحوا الديمقراطية لاموا إقرارها بشكل كامل، خاصة وأن هناك عقولاً منغلقة قد لا تتكيف معها، ربما صدق هؤلاء واتضح الأمر جلياً هذه الديمقراطية وزاد الأمر بمخالفاتهم لنصوص الدستور والتمادي في ممارسة التطرف السياسي بعد ان هان عندهم كل شيء حتى مستقبل وسلامة البلاد والمواطنين فقد أرادوها فتنة مدوية تعصف بالكبير والصغير حاولوا الإيقاع بين المواطنين وقوات الأمن وإيهامهم بأن الحكومة تعمل ضد مواطنيها وقبل ذلك وفي مراحل متفرقة حاولوا إثارة الفتنة والنعرات العصبية بين أبناء الوطن الواحد، كما تمادى من خالفوا الدستور عمداً في أفعالهم، ونحن على يقين بانكشاف أمرهم وقت ان يقول الشعب كلمته، وحينها فلن يكون أمامنا إلا خيار واحد وهو القبول بالتنمية وما اختاره الشعب رئيساً
مصلحة الجماهير قبل مصلحة العروش
أولى أن مصلحة العروش والرئاسات هي من مصلحة الشعوب والجماهير، فلا سلطان لعرش فقد سلطانه في قلوب شعبة ولا كرامة لرئيس فقد شعبه كل مظاهر الكرامة في حياته!.
إن كرامة أمتنا في أن تتحرر من الجهل والفقر والضعف والظلم والخوف والرذيلة.. فليحرر ملوكنا ورؤساؤنا شعوبهم من هذه القيود، تكن لهم كرامتهم وسلطانهم في الأفئدة والقلوب، وما دام في دنيا العرب شعب يخاف من الحاكم أن ينقده فيكبل بالأغلال، وحاكم يخاف من معارضيه في الرأي فيرى فيهم متآمرين على حكمه وحياته.
فلن تستطيع الدنيا العربية أن تحطم قيود الأعداء من حولها.. إن الشعوب لا تساق إلى ميادين المجد بالنار والضغط والإكراه، وإنما تساق إليها بالعقيدة ولذة التضحية ورغبة الاستشهاد.
إن على ملوك الجامعة ورؤسائها أن يعطوا شعوبهم الحرية، لا هبةً ولا منة ولا صدقة! بل حقًّا مقدساً لهذه الجماهير يعادل حق الحياة بل لا حياة دونه! فمن اغتصبه كان شرًّا ممن يغتصب الأموال، ومن حال دون تمتع الأمة به كان أشد – في نظر الحق والتاريخ – جريمة ممن ينتزع من نفس واحدة حياتها.. إن حرية الشعوب هي مفتاح انطلاقها في معارج المجد، فمن شاء أن يدخل من باب الخلود فليفتح لأمته باب الحرية على مصراعيه، ومن أبى إلا أن يغلقه دونها فليفعل ثم لن يكون أعز على الله من فرعون وهامان وقارون منالاً ولا سلطاناً!.
كاتب مصري دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
د. عادل عامر
التطرف السياسي 2229