;
د. عادل عامر
د. عادل عامر

البراءة الشكلية والموضوعية في قضية مبارك ونجليه 2249

2012-06-10 03:11:49


في البداية نود أن نقول إن مصر تمر حالياً بمنعطف خطير، الصراع على أشده بين الحق والباطل، هكذا يقول التيار الذي يعلن أن الحق مرسي والباطل هو شفيق، فنقول لهما جمعياً عصر الاستبداد لن يعود وأشرقت شمس الحرية، فليفكر الحاكم الجديد أياً كان هو ان المصريين كسروا حاجز الخوف وكانوا أول شعب يحاكم رئيسه الطاغية كما كانت مصر البلد الأول الذي قضى على الملكية، لقد حكمت المحكمة بما نطقت به الأوراق المعروضة أمامها من جانب أطراف القضية وهم النيابة العامة وأدلتها وشهودها والدفاع عن المتهمين والمحامين عن الحق المدني، فإذا كانت الأحكام غير مرضية لكثيرين فإن اللوم يقع على الأطراف التي لم تقم بواجبها في الكشف عن القتلة وأدلة القتل وتقديمها للمحكمة حتى يكون القصاص عادلاً..
 هذه المقدمة كانت لامناص منها حني ندخل في عرض موضوع الشريك في القانون وهي التهمة التي وجهت لمبارك والعادلي وبموجبها حصل على حكم المؤبد، لهذا من خلال الدافع الوطني والضمير العلمي فرض علينا ان نوضح الأمر في هذه الإشكالية وفق أحكام القانون ومبادئه الراسخة التي وضعتها محكمة القانون وهي محكمة النقض المصرية.
في البداية نود أن نوضح أن الأحكام التي صدرت بالبراءة ضد حسني ونجليه وصديقه هما قضيتان من بعد استبعاد قضية قتل المتظاهرين والتي انتهى فيها الحكم بالمؤبد، لأنه ليس موضوع مقالنا هذا وسوف نشرع في الكتابة عنه في مقال منفصل..
قد أصدر القاضي احمد رفعت ببراءة محمد حسني السيد مبارك مما أسند إليه من جناية الاشتراك مع موظف عمومي بالحصول لغيره دون وجهة حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته وجناية الاشتراك مع موظف عمومي في الإضرار بمصالح وأموال الجهة التي يعمل بها، كما أصدر بانقضاء الدعوى الجنائية ضد كل من محمد حسني السيد مبارك وحسين كمال الدين إبراهيم سالم وجمال وعلاء محمد حسني السيد مبارك بشأن ما نسب إليهم من استغلال النفوذ وتقديم عطية وجنحة قبولها بانقضاء المدة المسقطة للدعوى الجنائية بالنسبة للتهمة التي صدر فيها انقضاء الدعوى العمومية لانقضاء عشرة سنوات من تاريخ حدوثها وهي جريمتا استغلال النفوذ وأخذ عطية..
ماهية جريمة استغلال النفوذ
تنص المادة 106 مكرر من قانون العقوبات على أن (( كل من طلب لنفسه أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو اتفاق أو توريد أو مقاولة أو علي وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع كانت يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 من القانون إن كان موظفا عموميا وبالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد علي خمسمائة جنيه أو بأحدى هاتين العقوبتين فقط في الأحوال الأخرى ويعتبر في حكم السلطة العامة كل جهة خاضعة لاشرافها.
لهذا تكون جريمة استغلال النفوذ من صور جرائم الرشوة وليست من جرائم اختلاس المال العام والعدوان علية والغدر وتختلف لا جريمة الرشوة عن جريمة استغلال النفوذ في ان العمل الوظيفي الذي يتطلب من المرتشي في الرشوة يدخل في اختصاصه حقيقة أو زعما أو توهما إما استغلال النفوذ فان العمل المطلوب من المستغل لنفوذه لا يدخل في دائرة أعمالة وهو ما يسلم به وإن كان بنفوذه لصاحب الحاجة لدي السلطة العامة كما لا يشترط في المستغل لنفوذه ان يكون موظفا عاما وذلك بخلاف الرشوة فإذا كانت في محيط الأعمال العامة، فيجب ان يكون المرتشي موظفاً عاماً أو من يحكمه وإن كانت في نطاق المشروعات فيتعين ان يكون المرتشي مستخدماً في المشروع الخاص.
أما الجريمة الثانية وهي أخذ عطية فهي من الجرائم الشكلية، فهي تتم كاملة بدون نتيجة مادية فهي جرائم نشاط محض للان مناط التجريم هو مجرد وقوع سلوك معين من الموظف يتمثل في الأخذ أو القبول أو الطلب ولو لم يعقبه نتيجة إجرامية بمفهومها المادي والأخذ قد يكون مسبوقاً بطلب العطية من جانب الموظف وفي هذه الحالة يجب أن يصادقه قبول من جانب الراشي مع التسليم الفري للفائدة من جانب الموظف وقد يكون سلوكا تلقائيا من جانب الراشي يقابله قبول الموظف متمثل في أخذ المقابل الذي قدمه الراشي، فلما صدر حكم القاضي علي مبارك ونجليه وشريكة بانقضاء الدعوي العمومية في هذان الجريمتان لمرور عشرة سنوات على تاريخ ارتكابها يكون الحكم صحيحاً للأسباب الآتية :-
1- إن الاستثناء الوارد في قانون الإجراءات الجنائية أن يسري التقادم من تاريخ انتهاء صفة أو زوالها للموظف العام خصها فقط في جرائم الاختلاس والعدوان علي المال العام والغدر وهذه الجرائم سبعة علي سبيل الحصر وهم اختلاس المال العام والاستيلاء علي المال العام وتسهيل الاستيلاء علي المال العام والإضرار العمدي علي المال العام والإضرار الغير العمدي علي المال العام والتربح والغدر.
 2- فقد جعل المشرع التقادم في هذه الجرائم يسري من تاريخ انتهاء الوظيفة بالخروج على المعاش أو زوالها لأي سبب من الأسباب، لأن هذه الجرائم مستترة بطبعها ويكون الموظف العام في إدارة الجهة الإدارية التي تم العدوان عليها ماليا يكون من العسير اكتشافها حال وجود هذا الموظف لأنه على رأس العمل وتنكشف الجريمة بالطبع من بعد خروجه وانتهاء سلطة الإدارية علي مرؤسية فيتم خروج هذه الجرائم أو أي منها وبكافة أدلتها المادية من مستندات وخلافة.
 3- حيث أن الجرائم التي وجهت لحسني مبارك ونجليه وصديقه ليست من جرائم العدوان علي المال العام والغدر به للان جريمتي استغلال النفوذ واخذ عطية من جرائم الرشوة وصورها المختلفة فلم تشمل الاستثناء في مواعيد التقادم عشر سنوات للجناية أو ثلاث سنوات للجنحة، فيكون انقضاء هذه الجريمة بمرور عشر سنوات من تاريخ حدوثها تنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه تنقى الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمرور عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بمضي ثلاث سنين وفى مواد المخالفات بمضي سنة ما لم ينص القانون على غير ذلك . يبدءا حساب المدة من تاريخ وقوع الجريمة. وتنص المادة 17 من ذات القانون على أنه تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء .
وقد قضت محكمة النقض تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بمضي ثلاث سنين وفى مواد المخالفات بمضي سنة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، أما في الجرائم المنصوص عليها في المواد 117، 126، 127، 282، 309 مكررا، 309 مكررا(أ) والجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات التي تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون فلا تنقضي الدعوى الجنائية الناشئة عنها بمضي المدة. ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرتين السابقتين لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والتي تقع من موظف عام إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة، ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك.
(طعن رقم 910 لسنة 2 ق جلسة 4/ 1/ 1932)
 بناء على ما تقدم فقد حدث لبس بين جرائم الباب الرابع في قانون العقوبات المصري وهي جرائم العدوان واختلاس المال العام وجرائم الرشوة وصورها المختلفة، حيث أن التهم الموجهة لمبارك ونجليه وصديقه جرائم من صور الرشوة، وفلا تسري عليها والاستثناء الوارد في قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والتي تقع من موظف عام، إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك.. لهذا يكون الحكم صحيحاً فيما يخص انقضاء الدعوى الجنائية في التهمة الثالثة الموجهة لمبارك ونجليه وصديقة وهي استغلال النفوذ وأخذ عطية لمرور عشرة سنوات من ارتكابها .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد