حتى اللحظة أستطيع أن أقول "بالفم المليان" بأن حكومة الوفاق فشلت في مهمتها بكل ما تعنيه الكلمة من معاني الفشل، وعلى جميع المستويات, سيما في الجانب الاقتصادي والتنموي الذي هو في الأساس أولى مهام حكومة الوفاق الوطني..
القول بفشل الحكومة ليس اعتباطاً أو مكايدة سياسية، فالجميع يلاحظ أن القوى السياسية الفاعلة أثبتت أنها لا تجيد سوى تقاسم الحصص والمناصب، وعندما أتحدث عن قوى سياسية فاعلة لا أعني تلك الموقعة على التسوية فحسب بل وغير الموقعة أيضاً، ويستثنى منها الحراك الجنوبي في الداخل.. فالجميع يلاحظ أن الحكومة تخلت عن لب وجوهر مسئوليتها التي جاءت من أجلها وخرج من أجلها الثوار وهي "عيش وحرية وكرامة وعدالة اجتماعية" وهو مالم يتحقق حتى اليوم منه شيء.. فالأحزاب منشغلة عبر حكومتها وبرلمانها بتوزيع المناصب.. حتى على مستوى مدراء مكاتب الوزراء.. وتجاهلت هذه الأحزاب أن مهمة الحكومة اقتصادية بامتياز، فالجوع والحرمان والنهب الذي طال ثروات البلاد هو من أخرج الشباب إلى الساحات قبل أن يكون استبداد صالح وتفرده بالسلطة هو السبب، وإن كان من أهم الأسباب، لكن وصول اليمنيين إلى مرحلة اليأس من إمكانية تحسن وضعهم المعيشي والاقتصادي في ظل نظام صالح هو من ساق الناس إلى الساحات وأطلق من حناجر الشباب" الشعب يريد إسقاط النظام" لا تعديله..
إذاً على الحكومة أن تدرك أن عدم إصلاح الوضع الاقتصادي وتحسين دخل الفرد وتنمية موارد البلاد -التي صدّع المشترك ووزراؤه أيام المعارضة رؤوسنا بأهمية تنمية الموارد- دون اللجوء إلى سياسة الإفقار الجماعي، هو المعطى الأهم والرئيس للحكم بفشل حكومة الوفاق, لأن الحديث عن الوضع الأمني والسياسي وعدم استقرارهما لا يعني المواطن البسيط الذي يخيم عليه وعلى أولاده شبح الفقر والمجاعة ويدفعه لفعل أي شيء.
قد يتحدث الكثير والبعض عن أهمية الاستقرار الأمني والسياسي لإنعاش الوضع الاقتصادي، سأقول نعم، لكن ثمة أمور لا بد أن يلمسها المواطن والموظف البسيط كي تعطيه ولو بصيص أمل بأن التغيير قادم.. فالموازنة العامة للدولة التي تجاوزت الترليونين، مثقلة بالفساد، وتعتبر بحسب اقتصاديين أكثر موازنة غير شفافة وعشوائية وتنم عن عدم رؤية اقتصادية وإستراتيجية.. فبقاء "53" مليار ريال في خانة نفقات أخرى "يعني فساد"، واعتماد "13" مليار ريال للمشائخ , واحدة من أهم عوامل فشل هذه الحكومة، ناهيك عن أنها تلجأ إلى معاقبة المواطن بالضرائب ورفع الجمارك والمشتقات النفطية, لأنها لم تستطع أن تضبط التهريب والفساد الموجودين.. وهنا يتساءل المواطن: إذاً ما هو دور الحكومة في تنمية موارد الدولة؟, أين رؤيتها الإستراتيجية في رفع الصادرات السمكية وتنويع موارد الدولة؟ لماذا تصر على إدارة الدولة بعقلية صالح وأتباعه؟.
الحكومة والبرلمان أو بالأصح المؤتمر والمشترك يواصلان استخفافهما بالشعب.. حيث أن كلا الفريقين أقرا رفع سعر الديزل في الحكومة، ليذهب كلاهما لممارسة الخداع والدجل ودور المعارض القذر، داخل البرلمان في رفض هذا الرفع، رغم إدراكهما بأن هذا الشيء قد أقر ولا يمكن للحكومة أن تتراجع, لأن التراجع سيزيد من عجز الموازنة الفاسدة..
الحكومة الآن تتلكأ بأنبوب النفط الذي لا يضخ، وهنا يقول المواطن البسيط: أين الثروة السمكية التي لا زالت تجرفها الشركات الأجنبية واليمنية من قاع البحر بعقود فساد رسمية، واعتقد أن استغلال الثروة السمكية بالطريقة التي يجب لا يحتاج إلى كهرباء واستقرار وضع أمني كما تقول الحكومة, لأنه لا توجد نقاط قبائل ولا تقطعات ولا مخربين في البحر، وإن وجد القراصنة, فهم فزاعة قد جلبت كل الأساطيل والبوارج والفرقاطات البحرية الحربية إلى مياهنا الإقليمية، ما بحتم على هذا الفرقاطات حماية سفننا التي يفترض أن الحكومة قد قامت بعملية شحت لشراء مستلزمات تنمية موارد الدولة عبر الثروة السمكية, لا أن تظل عقيمة التفكير والذهاب إلى الأصدقاء والأشقاء كي يتصدقوا علينا بكم مليون دولار وكم مليون برميل, لتظل الحكومة تبيعها للمواطن دون أن تكلف نفسها عناء التفكير في إيجاد حلول إستراتيجية..
لنفترض جدلاً أن صالح وأتباعه ظلوا يمارسون دورهم الشرير في قطع الكهرباء والنفط،هل يعني ذلك أن تظل الحكومة تشحت باسم الشعب دون إيجاد الحلول البديلة؟.. لكن على ما يبدو أنها تجد في الشحت أقرب وأسهل الطرق لسد احتياجات البلد ولو بصورة غير مكتملة, لأن الأمر لا يحتاج إلى خطط وبرامج وأعمال مرهقة، فالأمر كله يحتاج سفر مجموعة من الوزراء-على حساب الشعب طبعاً-ويحصلوا على بدل سفر، ويسردوا للأشقاء والأصدقاء حالنا المبكي بطريقة تراجيدية، والأشقاء والأصدقاء حينها لا يجدون إلا أن يضيفوا إلى مسامعهم الأرقام الكارثية والمفجعة حد الموت، الخاصة بالمجاعة والفقر والبطالة والعجز و و والخ.. المخيمة على هذا الشعب.. ليقدموا الملايين سعياً منهم لمساعدة الشعب, في حين أن الشعب لم يلمس ولو جزءاً يسيراً بتحسن الوضع اقتصادياً، فالأسعار زادت والحكومة عاجزة عن ضبطها وتجبر المواطن على تحملها، الحكومة ترفع سعر الديزل لأنها لم تستطع أن تمنع تهريبه وتدفع المواطن- رغماً عن أنفه- لتحمل فشلها وعجزها في ضبط المنافذ والتهريب..
هكذا إذاً هو حال المواطن اليمني في حكومة الوفاق التي جاءت على حساب دماء الشهداء وإعاقة الجرحى وآهات اليتامى والأرامل.. أحزاب المشترك تريد أن تقنع الشباب في الساحات بأن الثورة قد نجحت في تحقيق جزء كبير من الأهداف، رغم إدراكها بعدم ذلك، ولكن تقاسم المناصب يجعلها تقول ذلك وتحاول إقناع الشباب به..
أي أهداف تم تحقيقها والحكومة والرئيس غير قادرين على إخراج المعتقلين؟! أي أهداف تحققت وأسر الشهداء والجرحى يعانون أسوأ الظروف؟! أي أهداف أنجزت وكل يوم وشوارع عدن مقطعة احتجاجاً على انقطاع الماء والكهرباء؟!.
لا أطرح هذا الكلام من باب التثبيط أو الشخص المحبط، وإنما من باب التذكير لكي يركز جميع الشباب والثوار أنه لا بديل عن التصعيد الثوري والخروج لمطالبة الحكومة بعمل شيء واستخدام جميع أدواتها لإحداث جزء من التغيير، وإلا فدماء الشهداء وإعاقات الجرحى وأنين اليتامى والمظلومين تجبرنا على الخروج للمطالبة بإسقاط الرئيس والحكومة معاً طالما وأن هذا الوفاق لم يحقق للمواطن شيئاً.. بل على العكس زاده هذا الوفاق إرهاقاً وجوعاً، نريد أن يتعامل الرئيس والحكومة مع المشاكل الاقتصادية، كما تعاملوا مع أنصار الشريعة في أبين, لأن تدهور الوضع الاقتصادي والجوع يقتل مئات المواطنين يومياً ويجبرهم على فعل أي شيء وكل شيء لمواجهة هذا القاتل الأشد افتراساً من إرهاب القاعدة ورصاصات حوار الحوثي..
وفي الأخير نقول: إن الشعب يريد رئيساً وحكومة للشعب والبلاد وليس رئيساً وحكومة لمكافحة الإرهاب فقط.
إبراهيم مجاهد
معاً لإسقاط حكومة الوفاق!! 2621