;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

حين أضعنا الحب!! 2391

2012-07-04 02:43:59


دعني أحدثك أيها الصديق عن هذا الموغل فينا وهو يوشك أن يغرقنا في التعب ويذهب بنا إلى مواقع الألم في غفلة من أمرنا حين أضعنا الحب وجعلناه أكذوبة كلام ومهدئ إلى حين فقط, ثم ماتلبث البغضاء أن تستنفر كل قواها لتكون هي الشراع المرفوع للإبحار صوب العنف وإنكار الآخر ..
وياصديقي هناك وأنت تحدثني بشجن عن الوطن في الغربة: أما زلت تحلم أن وطناً صغته ذات معنى في قصيدة قابل للتشكل كما تمنيته !؟ لكأنك في رومانسية عجيبة لاتعرف مانحن فيه من فوضى واضطراب وجنون مواقف وعناد ورغبة قهر الآخر وإسراف في التعاطي مع الوطن وجعله مجرد تذكرة سفر إلى مواقف ورهانات خاسرة ومالذ من تعاملات مع قوى النزيف في محيط منطقتنا..
ياصديقي: كبرنا ولم يكبر هذا الوطن, أردنا أن يكون فهان وهنا معه، تمنيناه سحابة غيث فأمطرنا بسجيل، تهجيناه في دفتر الأبجدية المدرسية (موطني أنت لي نعم الوطن )فزادنا خوفاً ومزقنا كل ممزق.. هذا الوطن ياصديقي ضاع فينا، جعلناه مطية مزايدات ومساومات واتفاقيات وكثير من الكواليس، لم نكن معه وفيه حباً فقذف بنا إلى شاطئ التعب اليومي وحملناه بلا مبالاة لنغدو معه مجرد أشياء تتحرك بلا انتماء وبلا هوية ..
ياصديقي: أرهقنا مانسميه (يمن)فلا هو هان ولا هو كان نريد أن نسافر فيه غراماً, فنعثر على شيطنة وبعض دم، ونريد أن نزين أيامه فنرتدي وشاح الضد والموقف البائس، وطن لم يبقَ منه سوى حطام وطن، وبعض تداعيات عن ذات زمن وشيء من المخيف الذي يرهق الروح وصبوتها في الغرام..
صديقي الملاحق لكل ماهو جميل وما يزال ومع ذلك يقع على قبض ريح حين لايجد مأوى للحب في صدور قوم عمون.. أما كان من حقنا أن نحب ونلعنها ديمقراطية بمشاريع حوارية توافقية تريد رغبات ومواقف تنسج من بعض لا يمثلون وطناً؟أما كان لنا هذا الهواء وزرقة السماء ونبض نجوم وتداعيات حرف وجمال بحر وعذوبة فيروز؟!فلما هم جعلوه من دخان وموت وندرة حب وقلة وفاء وكثير حيل؟..لما ياصديقي جعلونا نرى إلينا كغرباء في وطن لا يقاوم كل هذا الشيطاني الوارد منهم ويسير باتجاه المزيد من السعال الجاف وضيق الصدر؟...
صديقي القابع في حلمه عن وطن تزهر فيه القصيدة وتعبق الورد وتنمو الرياحين: دعك من مناوشة حلم لا يجيء وامضي إلى أنت واقرأ كتاب الوطن أنت الذي في حناياك أمنية, فهو وحده القادر على أن تكونه كما تريد وترسمه ضحكة أو بكاء..
ياصديقي: استبد بنا الوجع و(غادرت الشمس أسمائنا)وبقينا نعاني مما فينا علينا,فهل ترانا غير بشر يحلمون ولا يدرون مالذي سيحدث صباح يوم تالي من مضايقة وملاحقة ومواقف أنانية؟.. وكل يوم ياصديقي ونحن في المزيد من الحماقات والمزايدات والإدعاءات, كل يوم طلعت شمسه ثمة جديد يقايض وقابل للبيع والتسويق في وطن أكلوه ذات زمن وجعلوه إقطاعية لهم حتى تورموا وباتوا لا يعرفون سوى السواد أيقونة في حلهم وترحالهم..
ياصديقي: وطننا الذي نريد مايزال فينا في شكل حلم ورغبة وبسمة وتندر على حال منا علينا.. ياصديقي كل ما نقع عليه من بعض أمل يبقى قليلاً ويفر في اتجاه يريدونه ونبقى نلاحق هذا الأمل ونتعب ونخسر ونتعب وهكذا دائري فينا الحلم والأمنية، دوماً تبزغ وتتلاشى وتبزغ..
أترانا يا صديقي غير بشر من ملاحقة لا تستقر ومعنى دقيق لشاعر العربية العظيم أبو الطيب المتنبي حين قال:(على قلق كأن الريح تحتي..تحركني جنوباً أو شمالا).. صدقت ياشاعرنا المتوج بالحرف, نحن على قلق نتحرك ونسير لانعرف اتجاهاً محدداً ولكنا نسير ربما بدفع من هنا أو هناك, لم نكن يوماً نحن ولم يكن الوطن وطناً والحلم بمفرداته يليق بتموضعه فينا، فقد جد زمن سيء كان فيه المجال لكثير من الماحق المدمر القائم على أن يكون الكل مبعضاً و"شرذمة قليلون"..
لا تحدثني ياصديقي عن متغير نراه ولا نراه، نؤمن به ونفتقده, نعمل من أجله ويصير بدداً.. لا تقلي :ثمة ضؤ في نهاية النفق, فنحن لم نجد نفقاً حتى؛ ماهو أمامنا جدار،وجدار سميك وعالٍ يصعب القفز عليه أو حفره.. لذلك وطننا شاحب تاعب ومتصحر في مراميه وأطرافه, الخضرة نادرة وهي مجال للفرجة والتخزين إن وجدت, حتى الأرض في وطني أصبغناها بكثير من الآهة والألم؛ لكأنا من نكد يلازم اليومي ويلتصق به حتى صار متخصصاً فينا لا يريد لنا الاستقرار ولا الغنى ولا التنوع لنبقى في ذات البحث عن عطاء من هنا أو هناك، وانتظار مانحين ومانعين،أدخلنا هذا الوطن الغني الغني إلى مواقع البحث عن ذاته وعن تبرعات وشحت وما يلذ لمن لا يريده وطناً ناهضاً..
ياصديقي: يعتصرني الألم وأنت حين ترى جمع التبرعات والصدقة علينا هي التي يتفضل بها إخوتنا لننهض.. هكذا غدونا مجرد بلد يتقبل الصدقات وحملات التبرعات وفيه ما فيه من غنى وتنوع.. ياصديقي: لقد تعبنا ونحن نريد أن نكون وغادرنا العمر وأوشكت الأرض أن تكف عن الدوران ونحن حيارى وجوعى وظن إثم وتحديات نضعها أمامنا ثم نتعارك معها..
يا إلهي: أي وطن هو كل هذا الضجر لا يسمن ولا يغني من جوع وقد صار مجرد شيء لمن لا يرقبون إلاً ولا ذمة.. يا إلهي: إن في القلب حنين جارف يريد أن يتبلور واحة خضراء ويعبر عن زمن لنا وليس علينا, فنقع على مؤتمرات وحملات تبرعات وحوارات وكثير من الغباء.. والمسألة أن نكون بشراً أسوياء فلا قدمنا وطناً يستحق النهوض ولا نحن أنجزنا ما نريد وبيننا والوطن الكثير من المشكل, و(كلما قلنا عساها تنجلي ...قالت الأيام هذا مبتداها).
إيه ياصديقي: كن هناك قارئ كف أو فنجان واجعل المنجمين يرونا وطننا فنحن لم نعد نحن، والمتبقي مجرد دعاء أن يقيل الله عثرتنا من نكد اليومي ومعاناة اليومي وأن يجعلنا نخرج من مؤتمراتهم ومباغتاتهم وما يحيكونه باسم وطنية ترهق الروح..
ياصديقي: تعبنا ولم نعد قادرين على الرؤية مسافة نحن، تداخل المرابي بالمراهن بالقابض بالوطني وتعثر وطن بأسره فلجأ إلى حملات تبرع نتابعها ونبكي من الداخل ونسأل :هل نحن هكذا؟وهل وطن بتضاريس خرافية وجغرافيا تنوع وغناء يمكنه أن يتعثر كما نحن؟..أسئلة تطل وأخرى تغيب ونحن بين كل هذا مجرد ركام لا حول لنا ولا قوة, فثمة من هو متصدر صناعة القرار كما يحلو له متحزباً وما أقل من التحزب, لنغيب جميعنا في الزحام ونصير مفردات ويتحول الوطن إلى مستبد بامتياز..
ياصديقي: إن في الليل تجويفات ندخلها ونفزع ونقرأها, فنرتبك ونلوذ إلينا بتعويذات وتمائم أن يقيل الله عثرتنا ولم نقدم ما يستحق من العمل والمواقف الصح, لم نكن بضمير فبقينا مجرد أدوات لهم..
هكذا ياصديقي وطننا لم يعد غير بقايا رهانات ولا أستطيع التفاؤل, لا أستطيع الضحك علي ولا أقبل أن نبقى مجرد أمنية يابسة ولا نهز بجذع الحياة أو نعمل مايستحقنا..
صديقي: قالها ورحل الشاعر اليماني الكندي أمير الشعراء الملك الظليل امرؤ القيس منذ زمن موغل؛ لكأنه اليوم ياصديقي حين جاب المنفى وذرع الأرض طولاً وعرضا, حتى إذا ما مر على قبر غريب أطلق زفرته كأنها زفرتنا:(أيا جارتاه إنا غريبان هاهنا ....وكل غريب للغريب نسيب).
يا أمرؤ القيس: نحن معك غرباء في بلادنا وأنت غريب خارج ديارك، أنت تبحث عن ثأر أبيك, ونحن عنا في زمن معتم لانرانا فيه.. يا امرؤ القيس: ثاراتنا طالت علينا وفينا ولم نجد لها حلاً كما أنت؛ ليغدو الوطن حملة تبرعات وثارات وكثيراً من الضيق بالآخر.. صديقي ياصديقي ياصديقي أتدري أننا لسنا نحن.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد