بدأت الثورة المضادة في مصر من بعد ما أوهم الشعب بنجاح ثورته بسقوط مبارك ولم يعلم حينئذ ما يحاك له في الغرف المغلقة والسرية، فقد أسقطت الثورة المخلوع مبارك وكان طنطاوي بديلاً جاهزاً وكذلك أسقطت الثورة الحزب الوطني وكان المجلس العسكري بديلاً جاهزاً، ولكن لم تفح هذه الرائحة إلا بعد ما اكتملت طباختها وشعر الشعب أن بترشيح شفيق إعادة للنظام وكان هذا هاجس كل ثورات الربيع العربي الذي كان ويورقهم فوز شفيق وبعد ما أحس المجلس العسكري وقوى أخرى أن مرشح الإخوان سيفوز حتماً، لعب أوراقه الأخرى عبر المحكمة الدستورية العليا وأتى الحكم ببطلان الانتخابات التشريعية وحل البرلمان.. وهنا أتساءل: من الذي أعطى لهذه المحكمة الحق في إبطال الانتخابات التي مصدرها هو الشعب وهو مصدر لجميع السلطات بما فيها القضاء؟ أليس هذا الشعب هو من يأتي بالدستور وهو أحد أركان الدولة الثلاثة (الشعب – الإقليم –الحكم) أليس في جميع دساتير العالم أن الشعب مصدر السلطات ومالكها ؟ليس من حق أي جهة أن تصادر حق هذا الشعب لا في الانتخابات ولا في غيرها، لأن بطلان المجلس التشريعي المصري أتي بعد ما أحس المجلس العسكري والقوى الأخرى أن الإخوان بسطوا نفوذهم في السلطة التشريعية والتنفيذية وبهذا الحكم تم فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية من أجل تحقيق التوازن بين السلطات والقوى وخلع درع الرئيس الجديد الذي كان من المفروض أن يؤدي اليمين الدستورية في المجلس الذي يمثل الشعب وبدل المجلس بالمحكمة الدستورية العليا لتكون من يمثل الشعب، ولكن مرسي أتي بضربة استباقية وأدى اليمين الدستورية للأصل الذي هو الشعب في ظل غياب الفرع وهو (المجلس التشريعي) وذلك في ميدان التحرير في المكان الذي أسقط منه عروش الظلم، ليكون أول رئيس يؤدي اليمين الدستورية في حاضر الشعب ولكل المصريين ومباشر وبدون وكلاء لهذا الشعب، هذه هي الثورة التي بنجاحها سوف تكون الوقود لبقية ثورات الربيع العربي لتحقيق أهدافها بتسليم السلطة العسكرية لسلطة مدنية.
رعى الله شعب مصر ونصر جميع المظلومين على الظلم والظالمين ووفق جميع الشعوب الحرة للحرية والكرامة، إنه قادر على كل شيء وهو الحكيم الرحيم.