في ممرات الحياة المتعرجة تنطلق آمالنا تحلق بنا في فضاء الرغبات المتنوعة، وشهوات النفس المستعرة، وجموحها وجنوحها، وتطلعها لأحلام التفرد، وتشرأب الإرادة نحو إنجازات تسامق سفوح الجبال، وطمع متأصل في الطبيعة البشرية في ترف العيش والتزود من الملذات، وتتباين حاجات النفوس بتباين همم أصحابها، وتبقى الروح منزوية في ركن قصي، تتلوى من آلام الوحشة يلذعها جوع وعطش في الارتواء من مدد السماء...
ويأتي الزائر الحبيب، بعد غياب وشوق يتلألأ على جبينه نور من الله، وتنتفض الروح انتشاءً وفرحاً لقدومه، فها قد آن أوان العروج في ملكوت النقاء والتسامي عن حاجات الجسد، وتصدح القلوب بأناشيد تتمتم به الشفاه ابتهاجاً بقدومك رمضان، وتلهج الألسن شكراً لله الذي بلغنا رمضان ومنحنا فرصة أخرى للتطهر..
جاء رمضان ومستقبلوه جلهم ما بين لاه غافل أو مفرط مستهتر أو ظالم لنفسه متجبر متكبر، وكم من تلطخت عنقه وكفاه بدم الأبرياء، وكم من تلوث فمه وأنتن لسانه من خوضه في لحوم الشرفاء، وكم من اهتزت ثوابته في فتنة الدهماء..
إلهي.. جفونا وحملتنا أمواج من الخطايا بعيداً عن مرسى رحمتك، وها قد جاءتنا منة عظمى من مننك، وعاد بنا الزمان لمرسى رمضان،، فجد لنا رباه بقلوب قادرة على التوبة، ونفوس مجاهدة في معترك التطهر، وأرواح محلقة في فضاءات التزلف، وألسنة متفرغة لذكرك وشكرك… إلهي ردنا إليك.. واقبلنا في رمضان.. واقبل رمضان منا.
نبيلة الوليدي
معراج الروح 2324