شهر رمضان يقلب صفحات حياة كثير من المسلمين من حياة سلبية إلى إيجابية ، ويحول المرء بعد انقطاع أو ضعف أو تذبذب مع ربه إلى مرحلة وصال مع الخالق الكريم ، تلك القلوب القاسية في غير رمضان تصبح في رمضان عامرة بالإيمان وقريبة من الرحمن تفيض نورانية وحباً، وتجد النفوس تسلس قيادها للخير طوعا، وترخي الجوارح العنان للطاعة رغبة، وتستلذ القلوب بمناجاة الرحيم انتشاء، وتطيب الأرواح بقرب الأنيس بهجة، فكم من الناس نراه في رمضان قد تغيرت أخلاقه نحو الأفضل ونرى هذا التاجر يجود بعد أن كان شحيحاً، ونرى ذاك الذي لا يعرف المساجد ينتظم في صلاته في المساجد ، ونرى من جفا أهله وعشيرته يعود إليهم واصلاً ومتحبباً.
ونرى ذاك المسؤول المتغطرس يلين ويتواضع، وربما ترك بعض أخلاقياته السيئة في رمضان، كل هذا تغيير شامل للنفس وإصلاح لها في هذا الشهر الكريم حتى تخال بعض الناس وهم في هذه الحالة وكأنهم من الملائكة الكرام ، وتتمنى لو أن الناس يستمرون بهذه الأخلاقيات الحسنة ويعيشون بهذه النفسيات السامية ، ولكن ربما بمجرد أن يودعوا آخر ليلة من شهر الصيام ترى أن البعض يعود كما كان وكأن شهر الصوم لم يؤثر عليه أبداً، إن الأمة الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى تغيير النفوس وفي مدرسة الصيام مدرسة نموذجية عظيمة لتربية تلك النفوس، فلا بد أن تستغل هذه التغييرات الايجابية لبناء المجتمعات بناءً سليماً، وحينها سنتخفف من مشكلاتنا التي نعاني منها باستمرار.
//////////
غالب السميعي
رمضان.. وتغيير النفوس 1848