من صباح الرحمن تقرر أن تستيقظ أو تواصل سهرك كي تستفيد من الدروس الرمضانية ومن حكمة الصوم قابل مخلوقات الله بعبارة صباح الفل والورد ومشاقر تعز، لتلقى الإجابة "صوم سع الناس وقول السلام عليكم".
*** *** ***
اهرب من الشارع المتأزم وتلجأ إلى العالم الافتراضي اكتب على حائطي في صفحة الفيسبوك - الله لا يلحقه خير - كلام حب وغزل وأتماهى في وصف محبوب قد يكون مجرد خيال لن يعرفه أحداً سواي، وما هي إلا دقائق حتى يصبح مرتادي الفيس بوك "هيئة كبار علماء الإفتاء في العالم"  لتستقبل تعليقات ورسائل مفادها "أن أتوب إلى الله وأن لا أتجرأ على الله في نهار رمضان وأن أترك الزندقة وأتوب إلى الله"..
لكم أنت جميل يا ربي، ولكم أنت تسمو في محبتي لك، ولكم أتجلد شوقاً للقائك في جنات الخلد – رغم خطاياي – إلا إني أطمع بمغفرتك لكل ذنب، كيف لا وأنت الغفور الرحيم.
*** *** ***
انتقدنا بعض سلوكيات المسؤول وصرحنا بما نراه من فساد ومن سلوكيات لا أخلاقية، خصوصاً أن الشارع يعاني من أزمة أخلاقية، وتذمرنا من واقعنا المعاش بعد أن أصبحنا معاول هدم، لكن لم نسلم من الفضوليين "صوم سع الناس ولا تتعرض لولاة الأمر وتجرح صومك".
*** *** ***
هربنا إلى زوايا بعيدة نرتل كتاب الله ونتقرب إلى الله بخشوع ونسبح بحمده ونمجده ونرسل له شكرنا على نعمه التي لا تحصى, تطاردك العيون حتى تجد مخبأك الذي هربت إليه لتقذفك الألسن "الله الله على التوبة التي نزلت عليك برمضان، بنشوف كم بتستمر هذه الحركات".
سبحانك يا الله ماذا لو نظرنا إلى هؤلاء بأن تصرفاتهم محسوبة على الإسلام "بجلالتك يا رب ما بقي على وجه البسيطة من يؤمن بدينك الحق".
*** *** ***
 تبعث رسالة مفعمة بالشوق والمحبة لصديق متدين "حدث " ثم تلتقي به في الشارع وتظل لخمس دقائق تسأله عن أحواله وناسه ثم يصرعك بأن الحديث عن الشوق والمحبة تجرح الصيام، وأن الكلام المعسول من عمل الشيطان ويقذف بصاحبه بالنار وبهذا – حسب فتواه - سوف أفقد الجزاء الذي وضعه الله لي في هذه الدنيا ..
غفرانك لأنك تعلم يا الهي أني كمؤمن بك بأني لا أعبدك لأني انتظر جزاء منك بقدر ما هي محبة خالصة لك، ولأنك أهل لأن تعبد ولنعمك التي لا تحصى، يكفي لأن أعبدك أنك لم تسلم مصيرنا في الآخرة لمخلوق بشري مثلنا ولمن يظن بأن لقداستك وإلوهيتك تفكير لتفكر بطريقتهم – ليس كمثلك شيء - حقا يكفني هذا لأعبدك بخضوع وأنا العبد الذليل المقصر والمرتكب المعاصي على الدوام.. خلصني من الخطايا يا الله كي ألقاك وقد غسلت ذنوبي ولولا إيماني بعجائب صنعك لأيقنت أن ذنوبي لا يغسلها شيء ولا تغتفر.
*** *** ***
يفتقدك في إحدى الأيام بصلاة التراويح ويبحث عنك ليس من دافع حب وقلق، بل كي يلقي عليك بيان الكفر, "اليوم ما شفتك بصلاة التراويح، خلاص بطلت توبة، رمضان عاده ما خلص"، تبتسم في وجه أخيك المؤمن وتقول له: انشغلت ثم تردف مازحاً بأن صلاة التراويح سنها سيدنا عمر رضي الله عنه بعد أن خشي رسول الله أن يشق على أمته وتفرض عليهم, لا يدعك تكمل مزحتك حتى يسلمك مفتاح النار "استغفر الله العظيم أنت يا هذا كافر وتظهر لنا بأنك مؤمن وأنت ليس من الإسلام بشيء والخليفة عمر صحابي جليل أشرف منك ومن كلامك البذيء"، يدير وجهه ويغذي خطاه مفزوعاً مني، فأتمنى ساعتها أن أذهب أمام التلفاز منتظراً مسلسل سيدنا عمر وارى سيرة حياته وأتخيلها واحتار متسائلاً: لو كان حاضراً بيننا أكان قطع لساني أم قطع لسان أخي المسلم الذي سلبني مفتاح الجنة والقاني بوحشية في قعر جهنم؟!.